ساعدوني: أصبحت دراستي كابوساً بسبب ضغوط أهلي!

2013-11-19 00:39:29 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا طالبة في السنة الخامسة في كلية الطب.

مشكلتي بدأت مع الدراسة منذ الثانوية، حيث أصبت باكتئاب ولم أستطع المذاكرة، وكل ذلك خشية أن يكون مصيري كمصير أختي، والتي لم تستطع الحصول على مجموع عالي، وبالتالي الالتحاق بكلية الطب، مما جعل والدي يقسو عليها ويعايرها، وهذا جعلني أخاف أن أصبح مثلها، وخاصة أنهم ينتظرون مني أن أحقق أمنيتهم التي لم تحققها أختي.

صارت أمي تضغط علي لأذاكرة، حيث ترتمي على الأرض مدعية عدم قدرتها على التنفس، وتستعين بصديقاتها لينصحونني بالمذاكرة، لدرجة وصلت فيها لحالة هستيريا، أصرخ وأحطم الأشياء من حولي، ويغمى علي، ووصل الأمر أنني أرفض الذهاب للاختبار، ويضربني أبي بسبب ذلك، ويقرؤون علي القرآن، وتستمر أمي تراجع لي، وهكذا استمر الضغط، واستمرت المعاناة حتى حصلت على مجموع عال في الثانوية.

دخلت كلية الطب، وأصبحت أهمل المحاضرات، وأكره أمي التي تجبرني وتلاحقني لأدرس، تخلفت عن أول اختبار، ثم اختبرت في نهاية العام بعد دراسة مجدة، وكنت أتغيب عن الكلية وينهرني أبي، وتضربني أمي وتبصق علي.

حاولت أن ألتحق بمركز لتحفيظ القرآن، لكنني لم أستمر لعبء الدراسة، وحاولت تعلم قيادة السيارة وتركتها؛ لأنني فشلت في تعلمها، أصبحت أعيش حالة رعب وهلع مع كل اختبار، فتزداد ضربات قلبي، وأتعرق وأشعر بصعوبة في التنفس، لكنني أحاول أن أسيطر عليها بالصلاة والمهدئات، وفقدت وزني أكثر من عشرة كيلو.

هذا العام ازداد الاكتئاب، وأصبح لا يطاق، فراجعت طبيباً وأخذت علاجاً للاكتئاب، وراودتني أفكار انتحارية، وأصبحت تراودني أحلام مخيفة وكأنني أحلق في غرفتي.

والآن لم أدخل الاختبارات، لشعوري بالتعب والخوف من النتيجة، واختبارات الدور الثاني على وشك، ولا أستطيع المذاكرة، صرت أصرخ لمجرد فكرة المذاكرة، أرفض كل شيء حتى أصدقائي، صرت أوسوس في الوضوء والصلاة، وأنسى كثيراً.

أشعر أنني على وشك الجنون، خاصة أن أختي أصابها الوسواس القهري، وأخي الأصغر وهو بالثانوية بدأت تظهر عليه أعراض ذهان، وحالته صعبة وهو يدرس الحقوق الآن، وانغمست في أحلام اليقظة، ولا أستطيع السيطرة على نفسي.

وبدأ الآن يسيطر علي شبح الخوف من الزواج والعلاقة الزوجية، حيث أصبحت مواقفي مع كل من يرغب بالزواج مني مواقف انسحابية، مع أني أرى من هن أصغر مني أصبحن أمهات.

أصبحت حياتي شريط ذكريات معاد أمام عيني منذ طفولتي، وما مررت بها من أحداث، علماً أنني كنت أعاني من التبول اللاارادي حتى الثاني عشر من عمري، وأفكر أن أنتقل لكلية في محافظة أخرى، بعيداً عن أهلي وضغوطهم.

سؤالي: كيف أخرج من هذه الحالة؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منتهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لسببٍ ما، وأعتقد أنه ربما يكون الحساسية في شخصيتك هي السمة الرئيسية، التي دفعتك نحو اجترار الأفكار بصورة متواصلة ومؤلمة وسلبية جدًّا، وأقصد بذلك الأفكار حول تنشئتك وتربيتك والطريقة التي تمت معاملتك بها، وقطعًا أنا لا أوافق أنك قد عُوملت معاملة سيئة.

أحترمُ وجهة نظرك، وبما أنك ترين أن المعاملة كانت قاسية هذا أدى إلى ترسبات نفسية متراكمة، ظهرت لديك الآن فيما يمكن أن نسميه: (عُصاب ما بعد الكارثة) أو (عُصاب ما بعد الصدمة).

الأمر واضح جدًّا وجلي جدًّا، وأعتقد أن معالجته تتم من خلال تغيير مفاهيمك حول الماضي، والأمر في غاية البساطة، والداك كان سعيهما دائمًا أن تكوني أنت وإخوتك من المتميزين، عملية الحثّ الشديد والدفع الشديد، الذي تتخلله بعض الرسائل السلبية الضاغطة عليك من جانب الوالدين، سببت لك هذه الأزمة النفسية، لكن الذي يجب أن تقتنعي به، أن والدك كان يريد بك خيرًا، وكذلك أمك، وهذا مستنتج من أن حب الوالدين لأبنائهما هو حب جبلي وغريزي وفطري.

كل واحد منا كآباء وأمهات يريد أن أبنائه هم الأفضل وهم الأحسن، لكن في بعض الأحيان قد نقع في أخطاء تربوية يفهمها الأبناء بصورة خاطئة جدًّا.

فأرجو أن تغيّري مفهومك عمَّا سبق فيما يخص أمور التنشئة والتربية، وتعاملي مع نفسك بما أنت عليه الآن، وما يحمله لك المستقبل. يجب أن يكون مفهومك إيجابيًا عن الحياة في الوقت الحاضر، فأنت في مرحلة متقدمة جدًّا من دراستك، والفرقة الخامسة والسادسة ربما هي أجمل سنين دراسة الطب، لأن الإنسان يشعر فيها بأنه مُقدم على التخرج، أنه أصبح يمارس الطب الإكلينيكي السريري، وهي لحظات فرحة كبيرة.

عدم إقدامك على الدراسة أعتقد أنه ناتج من الضغط النفسي، الذي نتج من استحواذ وسيطرة جراحات الماضي عليك، وحين أقول جراحات لا أقصد أنها كذلك، إنما الجراحات أتتْ من مفهومك أنت، ولذا أرى على ضرورة تغيير مفاهيمك، فقد كانا والديك يريدان بك الخير ولا شك في ذلك.

تغيير الكلية قطعًا هذا لا أحد يؤيده، ولا أعتقد أنه مُجد، أنت في مراحلك الأخيرة من التخرج. الآن أعتقد أنه من الأفضل لك أن تؤجلي كل شيء، وتركزي فقط على دراستك. إذا تركت الأمور الأخرى جانبًا سوف يتحسن اندفاعك نحو الدراسة، وعليك أيضًا بالدراسة الجماعية، لديك الصديقات اللواتي قمنَ بزيارتك، فلماذا لا تذاكرين معهنَّ.

حاولي أن تخففي الضغط على نفسك من خلال أخذ قسطًا كافيًا من الراحة، وممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك التركيز على تمارين الاسترخاء، وتمارين التنفس المتدرج، ويمكنك أن ترجعي إلى استشارة بموقعنا تحت رقم (2316015).

التفكير في الانتحار والإيذاء النفسي: هذا من وجهة نظري أمر قبيح وسخيف، و-إن شاء الله تعالى- أنت لن تقدمي على مثل هذا الفعل.

كل التغيرات النفسية والسلوكية والوجدانية التي تعيشينها ناتجة من عُصاب ما بعد الصدمة، وما ذكرته لك سوف يفيدك كثيرًا -إن شاء الله تعالى– في تخطي هذه المرحلة.

أضف إلى ذلك أن هنالك دراسات كثيرة جدًّا، تُشير أن عقار (زولفت) أو يسمى تجاريًا (لسترال) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) ويسمى في مصر تجاريًا باسم (مودابكس)، دواء ممتاز ومفيد جدًّا في مثل هذه الحالات، وعليه أرجو أن تتواصلي مرة أخرى مع طبيبك النفسي، وحتى إن تقدمت إلى أحد أساتذة كلية الطب في قسم الطب النفسي، أنا متأكد أنه سوف يساعدك كثيرًا، وسوف تجدين منه كل مساندة، وسوف يصف لك الدواء المناسب إذا كان الموادبكس أو غيره.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net