رسائل تهديد تصلني من مجهولة، عكرت صفو حياتي!

2013-11-13 00:40:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا سيدة متزوجة، عمري 27 سنة، حماسية ونشيطة ومحبة لنشر السعادة والخير،ولم أوذ أحداً في حياتي –والحمد لله-، وعلاقاتي بمن حولي جيدة، ولم أتعرض لأي شيء يعكر صفو حياتي.

بعد مضي سنة من مباشرتي للعمل كمدرسة حاسب في الكلية، أصبحت تأتيني رسائل مطبوعة على مكتبي، فيها استهزاء ومضايقات موجهة لي، وفي البداية تجاهلتها، حتى وقعت بأيدي زميلاتي في المكتب.

تطور الوضع فصارت الرسائل تصل عبر البريد الالكتروني يومياً وبعناوين مختلفة، وكلها تحمل تهديداً بتخريب بيتي، وتفريقي عن زوجي، وتشويه سمعتي عبر التلاعب بصور إباحية لشخصية تشبهني، واتهامي بها، وتطلب مني أن أعتذر لها أمام الجميع، وأن أعترف أنني أتلاعب بمشاعر الآخرين، وأنني منافقة، والحقيقة أنني ملتزمة وصادقة، ولا أعرف صاحبة الرسائل التهديدية، ولا أعرف سبب فعلها.

حاولت أن اكتشف شخصية الفاعل، فادعيت بعض القصص لأعرف من يوصل لها أخباري، فكانت زميلة لي بالمكتب تنقل لها أخباري، وعندما واجهتها أنكرت، ولم تكشف لي اسم الفاعل.

أخبرت زوجي بالموضوع، وحاولنا الترصد لها وكشف هويتها، ولكننا لم نستطع، فتجاهلنا الأمر، ولكن الرسائل ما زالت تصلني بالتهديد.

تعبت نفسياً، رغم أنها لم تنفذ أياً من تهديداتها، وإنما مجرد تخويف لي، وتعكير لحياتي، ولا أعلم ما الذي تريده مني، وما سبب ترصدها لي.

سؤالي: هل هناك تفسير لما تفعله؟ وماذا علي فعله؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يزيدك توفيقًا وسدادًا وتميزًا، وأن يرد عنك كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يوفقك في حياتك، وأن يجعلك وزوجك وأسرتك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة– فكما قالوا: (كل ذي نعمة محسود)، فنظراً لأنك امرأة متميزة، أكرمك الله -تبارك وتعالى- بقدر كبير من التوفيق والسداد في حياتك، هذا مما لا شك فيه قد يكون سبباً في تحريك بعض القلوب المريضة تجاهك، وفي حرصها على تشويه هذه الشخصية الناجحة المتميزة؛ لأن هناك عبادٌ مرضى القلوب لا يهنؤون أبدًا إذا وجدوا غيرهم متميزاً، أو مشهوراً أو مستقراً أو سعيداً، وهذا من أشد أنواع الحسد الذي تعاني منه البشرية، إنما هو أن يضيق الإنسان ذرعاً بما عليه الآخر من الخير والفضل، وأن يتمنى زوال نعمته، وأن يسعد بذلك.

فهذه الشخصية المريضة التي تشن عليك هذه الحرب، مما لا شك فيه أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والحسد والغل، ولذلك لا تكتفي بالنار التي تأكل قلبها، وإنما أرادت أيضاً أن تنقل النار من قلبها إلى واقع حياتك حتى تحول حياتك إلى جحيم.

وهذه حرب قذرة كما لا يخفى عليك، وعلاجها أول شيء بالصبر، وعدم العجلة؛ لأن كل شيء له بداية، فقطعاً له نهاية، تماسكك حتى وإن كان ظاهراً يزيدها غيظاً وحقداً وحسداً وغلاً. أعتقد بنسبة كبيرة أن هذه الشخصية قريبة منك جدّاً، ولذلك انفعالاتك بهذه الرسائل تعرفها أولا بأول، وحرصها على هدمك، وإصرارها على ذلك يبدو من قُربها منك؛ لأنها لم تشعر أنك تتأثرين إلى الآن التأثر الكافي، ولم تنهاري، ولم تتصرفي تصرفاً طائشاً أو تصرفاً غير محسوب، وهذا مما يجعل الحرب تستعر والمعركة تستمر إلى الآن.

لذا -بارك الله فيك– أقول: ينبغي عليك أن تتماسكي وبكل قوة؛ لأن الضغط كلما زاد كلما آذن بالانفجار والنهاية، وأنت تعلمين أن الليل في أوله يكون بسيطاً (نهار مختلط بليل)، ولكن في منتصفه يكون أسود حالكاً، ثم لا يلبث الفجر أن يأتي فيُبدد هذا الظلام لتعود الأضواء والأنوار إلى الناس مرة أخرى.

فكلما اشتد الكرب هان، ولذلك عليك بالصبر، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– جعل النصر قرين الصبر، فقال: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)، هذا الذي أوصيك به أولاً، وهو رباطة الجأش، والصبر الجميل، والظهور أمام كل زميلاتك بالمكتب بعدم التأثر بهذه الحرب القذرة؛ لأن هذا سيجعلك كأنك توجهين إلى هذه المريضة –أو المريض– رسالة تقولين فيها {موتوا بغيظكم}.

فإذًا أنصحك -أختي الكريمة الفاضلة أم شذى– بالمحافظة على هذا التماسك وعدم التأثر، وعدم إخبار أحد بما جاءك من رسائل، كأنك لا تعبئين بها، هذا أولاً.

ثانيًا: عليك بالتوجه إلى الله -تبارك وتعالى- بالدعاء والإلحاح عليه أن يشغل هؤلاء بأنفسهم، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم، وأعتقد أنك تعلمين يقيناً أن الله -تبارك وتعالى- أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، ووعد الله لا يتخلف، فاجتهدي بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- في أن يصرف عنك هذا الكيد، وأن يشغل هذه الكائدة أو المريضة بنفسها.

ثالثًا: أتمنى أن تجعلي زوجك معك في الصورة في كل شيء يأتيك، حتى لا يتسرب شيء إلى نفسه من هذه الحرب القذرة التي تُشنّ عليك، اجعليه دائمًا يطلع على كل ما يأتيك يومياً وعلى كل صغيرة وكبيرة؛ لأنك بذلك توفرين لنفسك حماية نفسيته من الشك والريبة، وتواصلين أيضاً مسيرة الانتصار بدعم زوجك لك بتوفيق الله -سبحانه وتعالى-.

فإذًا أنا أنصح –باركَ الله فيك– ضرورة بأن يظل زوجك على علم بكل رسالة تأتيك، وإذا كانت تأتي عبر الجوال أو الإيميل، اطلبي منه أن يفتح هذه بنفسه حتى يعيش معك ولا يتسرب إلى نفسه شيء.

أخيرًا: بما أنك تعرفين الحاسوب والكمبيوتر، أعتقد أن هناك جهات تستطيع أن تتعرف على الفاعل والمُرسل، فلماذا لا تحاولين الاتصال بهذه الجهات إذا الأمر زاد عن حده، أعتقد أنه من الممكن الاستعانة بالجهات المختصة ذات العلاقة المتخصصة في مكافحة جرائم النت، حتى تستطيع أن تتعرف على الفاعل، بل وأن تقيم عليه دعوى، وأن تؤدبه، أو على الأقل أن توقفه عن هذه العملية القاتلة المدمرة.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأتمنى ألا تعبئي بذلك، وألا تتوقفي عن مسيرة التميز، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلك محفوظة بحفظه وعنايته ورعايته، إنه جواد كريم.

هذا، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net