مزاجي مضطرب وأحس أني لست هنا!!
2013-11-02 23:58:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب في 23 من عمري، تحصلت على شهادة الليسانس بعد تعب كبير، وعانيت من مرض الالتهاب الكبدي الوبائي وقت الامتحانات في السداسي الأول، والحمد لله تجاوزت هذه المرحلة، وتفوقت وعادت حياتي إلى نمطها المعتاد رياضة ...إلخ، ثم عاد الضغط من جديد مع اقتراب امتحانات السداسي الثاني، حيث واجهت صعوبات كثيرة في المراجعة.
ومع بداية الامتحانات أحسست بألم في المعدة، وتغيبت عن الامتحان بسبب المرض إلا أني جاهدت نفسي، وفي الأخير تفوقت، وتحصلت على الشهادة، وتخلصت من المرض بعد الارتياح، لكني تعرضت لصدمة فجأة لشيء قامت به الفتاة التي أحببتها، فعاد إلي الألم من جديد، وفقدت الشهية، وضاق الحال بي، وأصبح ألم المعدة ملازما لي.
قررت أن أرتاح في العطلة، ولا أجهد نفسي في أي عمل، فكنت أجلس في البيت معظم الوقت أشغل نفسي بالانترنت والألعاب الالكترونية، وتجاهلت المرض، حيث إني لم أذهب لأي طبيب، كان نومي معكرا أنام متأخرا، وأستيقظ متأخرا حيث أصبحت أسهر حتى الصباح مع أصحابي في رمضان المبارك، ثم أنام حتى أذان المغرب في هذه الفترة أحسست بالتعب، والخمول، وفقدان الشهية إلى أن ذهبت إلى طبيب عام، فعند فحصي وجد ضغط الدم منخفضا مع ألم في المعدة، فأعطاني دواءين مهدئين (سلبرايد) بعد تناول الدواء أحسست ببعض التحسن، لكني أصبحت شديد الغضب والانفعال، وكلما غضبت أحسست بألم في المعدة.
لكن الأمر زاد سوءا بمرور الوقت، فأصبحت أفقد توازني، وأصبحت كثير التفكير، فقررت القيام بالفحوصات الطبية للدم، لكن النتيجة كانت عادية، علما أني لا أعاني من شيء إلا أن الطبيب أعطاني أدوية معالجة للقولون، أحسست بتحسن بعدها، وتخلصت من ألم المعدة والقولون، وارتفاع ضغط الدم، وأصبحت سليما.
يا إخواني: الشيء الذي يحيرني هو أني أصبحت أحس أني لست هنا، أو أني لست أنا، أنظر في المرآة فلا أشعر بنفسي، ولا أتفاعل مع نفسي -سبحان الله- كأني أحلم.
ربطت هذا الإحساس بالألم الذي عانيته في رأسي، فتوجهت إلى طبيب الأعصاب، وبعد القيام بالفحوصات تبين أني أعاني من مرض الشقيقة، وكانت الوصفة كالتالي (ميقرازان 5’0 ملغ وريباكس 40 ملغ) أحسست بتحسن من الآلام إلا أن الإحساس المزعج أني لست هنا لا يزال يطاردني.
كانت لي طموحات كثيرة كالعمل، وجني المال، والاستمتاع بالحياة فيما هو حلال، وحتى أني فكرت في خطبة فتاة أعرفها وأحببتها إلا أني فجأة كرهت كل شيء، وكرهت حياتي، ولم يصبح لي هدف في الحياة، أصبحت شديد الغضب، قليل الكلام، مشوش الأفكار، وأحيانا أستيقظ من النوم مفزوعا بطيء التنفس، وأشعر أني سأجن، وأحيانا أكون في مزاج جيد، ثم ينقلب مزاجي، فأتوتر وأضيق، وأكره كل شيء، وأتمنى الموت، ولكني أتحسن بقراءة القرآن.
أصبحت أخاف الأماكن المظلمة والفارغة، وأخاف سياقة السيارة في الليل، والنوم لوحدي، وكرهت الفتاة التي أردت خطبتها.
هناك بعض الأعراض الظاهرة كعض الشارب، وأحيانا ترتجف رجلي، تحصلت على عمل إلا أني لم أستطع العمل، والآن أنا أكمل دراستي، لكن بشق الأنفس.
أنا شارد الذهن وبدون مخطط، لا أفهم الذي يحدث لي! أردت الذهاب إلى طبيب نفسي، لكني متخوف من الأدوية.
بماذا تنصحوني يا إخواني، فقد بدأت تضيع مني حياتي، وكرهت هذا الإحساس القاتل، فأنا أعاني منذ شهرين تقريبا كلما أريد تجاهل هذا الإحساس أفقد السيطرة، وأحس بألم في رأسي، وأكره كل شيء، فما العمل يا إخواني؟ وأحيانا أظن أني لست هنا، أو أصدقائي ليسوا هنا، -سبحان الله-!
أنا الآن متوكل على الله، وأريد الأخذ بالأسباب، فهذا ما أمر به الله ورسوله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت - إن شاء الله تعالى - دائمًا متوكل على الله تعالى، وتأخذ بالأسباب، وهذا - إن شاء الله تعالى - يكون باب خير لك وتوفيق وسداد وصحة وعافية.
الذي عانيت منه بدأ معك كأعراض جسدية، لكن هنالك مكوّن نفسي واضح، حيث إن آلام المعدة مصحوبة بخمول وافتقاد التوازن والحيرة وعدم الاطمئنان الذي دخلت فيه، لا شك أن الأعراض كانت نفسوجسدية، يعني أن الجانب النفسي مهم جدًّا، والذي كنت تعاني منه قطعًا هو القلق النفسي، وبعد ذلك دخلت مرحلة جديدة من مراحل القلق النفسي، وهو أنك أصبحت لا تحس بنفسك، وأتاك ما يمكن أن نسميه (التغرب، الابتعاد عن الذات)، وهذا يسمى بـ (اضطراب الأنية)، وهو بالفعل مزعج جدًّا؛ لأنه من الأعراض الغريبة، والتي يصعب على الإنسان فهمها أو تفسيرها، لكن من الناحية العلمية النفسية السلوكية هذه الحالة معروفة، وتسمى (باضطراب الأنية) وهو نوع من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك.
بالنسبة لشرود الذهن، وتعكر المزاج، وافتقاد الدافعية، وعدم مسايرتك لحياتك بالصورة التي تطمح بها، خاصة فيما يتعلق بخطوبة الفتاة، أعتقد أن هذا نشأ مما يمكن أن نسميه بنوع من (الكدر الثانوي)، أو ما يسمى بـ (عسر المزاج)، وهو درجة خفيفة من درجات الاكتئاب.
لا تكن حساسا حول الأمور، أنت - الحمد لله تعالى - أنجزتَ وتحصلت على شهادتك الأكاديمية حتى وإن كان بعد معاناة، فالمهم هو أنك صبرت، ولم تخف من الفشل، ولم تستسلم، وبنفس هذه الكيفية، وبنفس هذه الروح والدافعية يجب أن تسير حياتك، أنت لديك طاقات كثيرة نفسية وجسدية، أنت في عمر يجب أن يُستفاد منه، فلا تعط فرصة للتفكير الإحباطي، وأنا أؤكد لك أن صحتك الجسدية ممتازة جدًّا، وليس هنالك ما يدعوك للتنقل بين التخصصات الطبية، اجعل حياتك أكثر صحية من خلال ممارسة الرياضة وتنظيم وقتك.
أما في موضوع الذهاب إلى طبيب نفسي فهذا لا بأس به؛ لأني أرى أنك بجانب عقار سلبرايد – الذي وُصف لك مبكرًا - تحتاج لدواء محسن لمزاجك ومضاد للقلق والمخاوف والتوترات، وربما يكون عقار (فلافاكسين)، والذي يعرف تجاريًا باسم (إفكسر) هو الدواء المناسب جدًّا في حالتك، لكن هذا الموضوع سوف أتركه للطبيب المعالج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.