أتمنى الحياة في المدينة المنورة، فهل أقبل الزواج من أجل ذلك؟
2013-10-31 17:50:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة تونسية، في السنة الأخيرة من مرحلة الماجستير، تقدم لخطبتي شاب يقطن بالمدينة المنورة، وقد أسعدني ذلك، لأن أمنيتي أن أسكن في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، وقد أوشك الحلم على التحقق، لكن الخاطب أدنى مني في مستوى التعليم، حيث أنه حاصل على الثانوية العامة، ويقال أنه أمي.
كنت أتمنى الزواج من رجل أعلى مني مستوى في التعليم والدين، بحيث يعلمني ويقويني ويرشدني للطريق القويم، لكنني أخشى إن رفضت هذاالإنسان أن أفوت على نفسي فرصة تحقيق أمنيتي بالحياة في المدينة المنورة.
أمي لا تبصر منذ تسع سنوات، وهي بأمس الحاجة لوجودي معها، لكن رغبتي في السفر إلى المدينة حيث أنها مباركة وأرجو فيها حياة سعيدة، تجعلني أقبل بالخاطب رغم ما ذكرته سابقاً.
سؤالي: هل أستطيع إكمال دراستي في الدكتوراه في المدينة المنورة؟ وهل توجد مراكز تعليمية للنساء؟ وما هو دور المرأة الملتزمة هناك؟ وماذا تنصحونني بشأن الخاطب؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - جل جلاله - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لحياة إسلامية طيبة كريمة، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يعينك على إكمال دراستك، وأن يمُنَّ عليك بزوج صالح يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – عن التعليم في المملكة فإنه لو أنك لاحظت أو دخلت على نظام التعليم في المملكة العربية السعودية لوجدت أن نسبة المتعلمات والطالبات في الجامعات السعودية أكثر من نسبة الشباب، فهذا الكلام الذي تقولينه أو الذي سمعتيه عن الوضع التعليمي للمرأة في المملكة، هذا كله كذب وافتراء ولا أساس له من الصحة.
وأيضًا في المملكة توجد طبيبات وتوجد مدرسات، وتوجد محاضِرات في الجامعة، وتوجد حاصلات على درجات الدكتوراه والماجستير كمية كبيرة، بل إن الجامعات التي تدرس الفتيات، الذين يتولون العملية التعليمية فيها معظمهم من الفتيات أو النساء السعوديات، وتستطيعين - بإذن الله تعالى – أن تدرسي في أي تخصص تريدينه ما دامت تنطبق عليك الشروط والموصفات التي وضعتها الجهة التعليمية.
إذًا هذا الكلام - كما ذكرت لك – محض افتراء وكذب، وهو نوع من تشويه الصورة في المملكة، ولكن الأمر على خلاف ذلك تمامًا، فالمرأة المسلمة في المملكة الآن تمارس دورها في مساعدة بني جلدتها من أخواتها، ولكن كل الذي هناك أن المملكة باعتبار أنها تحافظ على النظام الإسلامي تمنع الاختلاط الماجن والفاسد الذي أدى إلى ضياع القيم والمبادئ والأخلاق في المجتمعات المنحلة، ولذلك المرأة تعمل في مجالها والرجل يعمل في مجاله، المرأة تُبدع في مجال النساء، والرجل يُبدع في مجال الرجال، ولا توجد هناك أدنى مشكلة في المجتمع السعودي، نتيجة الالتزام بشرع الله - تبارك وتعالى -.
فيما يتعلق بهذا الشاب وإقامته في المدينة، مما لا شك فيه أن الإقامة في المدينة حلم يتمناه كل مسلم، كذلك الإقامة في مكة، ولكن أرى أن الفرق الكبير الذي بينك وبينه قد يجعل هذا الأمر صعبًا، فأنت تقولين بأن هذا الأخ قد يكون أُميًّا، وأعتقد أن التفاهم مع شخصية بمثل هذا المستوى قد يكون فيه نوع من المشقة، والإسلام يراعي الكفاءة، والكفاءة تقتضي الكفاءة في النسب والكفاءة في العلم حتى الكفاءة المالية وغير ذلك، أما الآن عندما يكون رجلاً أُميًّا وامرأته تحصل على رسالة دكتوراه أو تريد أن تحضر الدكتوراه، فهو لا يعرف قيمة العلم، وبالتالي لن يكون معينًا لها على أداء رسالتها.
فالرغبة في الإقامة في المدينة شيء جيد، ولكن مع زوج بهذه الطريقة أعتقد أنه لن يكون جيدًا، لأنه مما لا شك فيه أن الفرق الكبير والهائل بينكما في المستوى العليمي سيؤدي إلى وجود ثغرات ينفذ منها الشيطان لإفساد الحياة بينكما، ولذلك أتمنى أن تُعيدي النظر في هذا الزوج، حتى وإن كان لديه بعض الإمكانيات المادية أو حتى كان مقيمًا في مكة أو المدينة، فإن هذا في حد ذاته لا يجعله صالحًا لأن يكون زوجًا لك مع الوضع الذي أنت فيه.
فيما يتعلق بظروف والدتك: أيضًا أرى الإقامة معها وإكرامها والصبر عليها ومساعدتها، أعتقد قد يكون أفضل بكثير من الإقامة في مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم – لأن بر الوالدين من أعظم أعمال الإيمان، وجعلها النبي - صلى الله عليه وسلم – من أفضل أعمال الدين، خاصة إذا كانت الأم صاحبة عذر طبي - كما ذكرت – ولذلك أرى أن تعيدي النظر في موضوع الارتباط بهذا الشاب للفارق الهائل - كما ذكرت – وهذا قد يترتب عليه وجود مشاكل جمة لعدم القدرة على التفاهم والحوار البناء في المستقبل.
كذلك أيضًا تركك لأمك في هذه الظروف أرى أنه قد جانبه الصواب، ولذلك أرى أن تظلي في بلدك وأن تكملي دراستك، وأن تستقبلي زوجًا آخر، أو تنتظري عبدًا صالحًا، وتكثري من الصلاة، وأمك تُكثر لك من الدعاء، حتى تكونين بجوارها، وحتى يمُنَّ الله تعالى عليك بزوج صالح مناسب.
وبإذن الله - تعالى - قد تتيسر الظروف فتذهبين إلى المدينة للزيارة، وكذلك أيضًا لمكة لأداء مناسك الإسلام كالحج والعمرة، وأعتقد أن هذا كافٍ جدًّا - بإذن الله تعالى -.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.