كيف أخلص ابنتي من عادة الكذب نهائيا؟
2013-10-23 23:53:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لطفلة عمرها عشرة سنوات، مشكلتي مع طفلتي، فقد بدأت بالكذب علي في الأمور الدراسية، فمثلا لا تقول لي بأن عندها امتحانا حتى بعد إصراري على سؤالها، وإنما تنفي ذلك وتقول بأنه ليس عندها أي امتحان، وتوجهت لوالدها لحل المشكلة، فسألها نفس السؤال، وطمأنها بأنه لن يوبخها لا بكلام ولا بضرب، ومع ذلك فهي تنفي أن عندها اختبارا، ولم تقل الحقيقة إلا بعد أن ضربتها.
وللعلم: فهذه ليست أول مرة تكذب فيها، ففي العام الماضي كذبت في علاماتها آخر السنة، وزورتها، وعاقبتها على ذلك، وها هي ذي تعود للكذب من جديد ولا تبالي بشيء، والذي يثير جنوني أنها تقوم بالعقاب ولا تتذمر، أو أن تشعر بالخجل من نفسها، ولا تعتذر مني أبدا، وتعاند على الكذب، حتى أصبحت كاذبة من الطراز الرفيع.
أرجو منكم المساعدة، فأنا لا أريد لطفلتي هذا الحال، فكيف أتعامل معها حتى يزول عنها الكذب نهائيا، لأنني أكاد أجن كلما رأيتها تكذب.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ asia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذا من الأسئلة التي تحزنني كثيرا، لأن الكثير من الآباء والأمهات، وبالرغم من محبتهم الكبيرة لأطفالهم، إلا أنهم ومن حيث لا يشعرون يعززون السلوك السلبي عند أطفالهم.
ومن النتائج العجيبة في علم النفس، أنك تحصّلين ما تتوقعين، فإن توقعت النجاح، فأنت من الناجحين، وإن توقعت الفشل، فهو كذلك، وإن توقعت التفوق، فأنت من المتفوقين، ونفس الشيء بالنسبة لطفلتك، فإذا توقعت أن تكون صادقة فستكون صادقة، وإن توقعت غير هذا فهذا ما سيحصل!، ويؤكد لنا في هذا المعنى "تفاءلوا بالخير تجدوه".
إن الحقيقة التي تؤلمنا كثيرا نحن الآباء والأمهات: أن الطفل المتعب وصاحب المشاكل يُصنع ولا يولد! ومن يصنعه؟ نحن الآباء والأمهات، والحديث يطول.
من الأرجح أن هذه الطفلة لا تشعر بالأمان عندما تتحدث الصدق، وربما تعلمت هذا من تجارب سلبية مرّت بها عندما عوقبت لقولها الصدق، وعندما لم يعجبكم الكلام الذي قالته، والإنسان ذكي ويتعلم بسرعة أنه إن كانت عنده مشكلة فلماذا يجعل منها مشكلتين؟! فما العمل الآن؟
هناك أمران:
الأول: أن تبدؤوا بمعاملتها والنظر إليها على أنها صادقة، حقيقة صادقة، ويمكنك أن تخبريها بأنك فكرت في الأمر ورأيت أن تغيّري تعاملك معها، وبأنه مهما كانت الحقيقة مؤلمة فأنت ستتقبلينها، ولن تعاقبيها على الصدق، ولاشك أن هذا سيشعرها بالأمان من قول الحقيقة، وإن كان هذا سيأخذ بعض الوقت، وليس من الواقعي أن تتغير هكذا بسرعة لمجرد أنك تحدثت معها بهذا الأمر، فتجربتها العملية تقول غير هذا، وحتى تجربتها الأخيرة من ضربها أكدت لها مجددا أن الضرب احتمال موجود على كل الأحوال، ونظرتك الآن إليها على أنها "كاذبة من الطراز الرفيع"!!
ودعيني أقول: إن كانت هناك فرصة لتصبح هذه الفتاة صادقة، فهو عن هذا الطريق وليس غيره من الضرب والأذى الجسدي.
الأمر الثاني: أن لا تعودي إلى سؤالها فيما إذا كانت قد قالت الحقيقة أم لا، وحقيقة خذي كلامها على أنه الصدق، ومن دون التحقيق والاستجوابات والمسائلة، فإذا قالت: أبيض فيعني أنه أبيض، وإن قالت: أسود، فهو أسود، وخاصة في الأمور التي ليس فيها ما يعرضها أو يعرض غيرها للأذى المباشر، فهنا لابد من التدخل والتأكد من سلامة الأمر.
إن هذه المرحلة التي تمرّ بها ابنتك فرصة ذهبية لك للاقتراب منها أكثر، وإقامة علاقة جديدة قائمة على الثقة والاطمئنان، لا على الكذب والشك، ومما سيعينك كثيرا أنك من الواضح أنك تحبينها حبا كبيرا، وإن كنت من الواضح أيضا أنك منزعجة من سلوكياتها.
حاولي أن تخرجي معها، أنت وهي فقط، وربما سيعينك على تغيير التعامل معها أن تعتبريها -لعدة أسابيع قادمة- زائرة عندكم وضيفة، فكيف ستتعاملين معها يا ترى؟!
وفقك الله، وأصلح الحال.