ما سبب تأخر استجابة الله لدعاء أمي؟
2013-10-22 00:45:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحمد الله أن يسر لي أن أكتب استشارة هنا، وأرجو أن تفيدوني برأيكم السديد.
إني أريد أن أسأل عن والدتي، فهي - ولله الحمد - محافظة على دينها، تصلي السنن، وتتصدق، وتقوم الليل، وتدعوا كثيرا لنا، وخصوصا بالزواج، ولكنها منذ 7 سنوات تقريبا لم تر استجابة، فأخواتي في أواخر العقد الثالث، ولم يتزوجن، وكلما جاء خطيب تعسر الأمر حتى هذا اليوم، رغم أنها تواسي نفسها كثيرا بأن الأمر ربما يكون خيرة لها، ولكن أحيانا تفقد الصبر في ذلك، وبصفتي الأصغر منهن - فعمري 22 سنة - أتمنى أن أساعدها، وأفرح قلبها بأي أمر.
أرجو أن أجد ردا شافيا لديكم، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بثينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يجعلك من أهل البر بوالديه، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمُنَّ عليك وعلى أخواتك بأزواج طيبين عاجلاً غير آجل، وأن يربط على قلب الوالدة، وأن يحقق رغباتها، وأن يستجيب لدعائها، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أن والدتك على قدر من الصلاح والتقوى، وأنها تدعو الله تبارك وتعالى كثيرًا، وأنها خاصة تركز دعائها على بناتها، إذ أنهنَّ في أواخر العقد الثالث، وتخاف ألا يتزوجن، رغم أنها تحاول أن تواسي نفسها، إلا أنها تُصاب في بعض الأحايين بنوع من الضعف وتفقد صبرها، وأنت تتألمين لألمها.
أنا أقول لك: جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك على تلك المشاعر الصادقة تجاه الوالدة وظروفها، ولكن أحب أن أقول لك – باركَ الله فيك – (ويا ليتك أن تُخبري الوالدة)، بأن الله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسّم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأن الذي قدره الله لا بد أن يكون، فهذا التأخير بقدر الله تبارك وتعالى، وهو خير، لأن الله قال: {فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}، وقد تتزوج الفتاة صغيرة ولكنها لا توفق في حياتها، فتعود إلى بيت أهلها وهي حامل، أو تحمل رضيعًا على ذراعها، فتقول: (يا ليتني ما تزوجتُ ولا دخلت الحياة الزوجية).
لذلك نحن علينا أن نرضى بقضاء الله وقدره، لأن الذي حدث هذا إنما هو قضاء الله جل جلاله، لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، فلا يتزوج أحد إلا بأمر الله، ولا يموت أحد إلا بأمر الله، ولا يطلق أحد إلا بأمر الله، ولا يحدث أي شيء في هذا الكون إلا بأمر الله تعالى، والمؤمن ينبغي عليه أن يرضى بقضاء الله وقدره، وهذا ما قاله - صلى الله عليه وسلم -: (عجبًا لأمر المؤمن، إنه أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).
الواجب على الوالدة أن تترك الأمر لله تعالى، وأن تواصل الدعاء ولا تتوقف، وتعلم من أن الله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، {وعد الله لا يخلف الله وعده} ولذلك قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} والنبي - صلى الله عليه وسلم – يُخبرنا بقوله: (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا خائبتين).
إن شاء الله تعالى سيأتي الفرج، والإلحاح في الدعاء يفتح أبواب السماء، فعلى الوالدة أن تواصل ولا تتوقف أبدًا كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – عندما قال (ولا يستعجل) قالوا: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: (أن يقول العبد قد دعوتُ وقد دعوتُ فلم أرَ يُستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء).
نقول لها واصلي الدعاء، وأبشري بفرج من الله قريب، لأن الله وعدك ووعد الله لا يُخلف، وعمر - رضي الله تعالى - عنه كان يقول: (إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء)، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يقول: (ما فتح الله لعبد باب دعاء إلا فتح له باب إجابة)، بمعنى: ما دامت هي تدعو فبإذن الله تعالى سيأتي الفرج قريبًا، ولكن ندع الأمر لله تبارك وتعالى لأن الله يعلم الذي يُصلحنا من الذي لا يُصلحنا، والذي يصلح لنا من الذي لا يصلح، فنحن علينا بالدعاء والأخذ بالأسباب، ونترك الأمر لله الواحد، وبإذن الله تعالى سيكون خيرًا كثيرًا.
ثانيًا: ما المانع أن تقوموا بعمل رقية شرعية - ابنتِي بثينة -؟!
فقد يكون هناك أحد اعتدى عليكم، وصنع سحرًا لأخواتك ألا يتزوجن، وبذلك يتم صرف الخطّاب عنكم، فما المانع في أن تستعينوا بأحد الرقاة الشرعيين الثقات المعروفين لديكم في المملكة، والتي فيها خير كثير، على أن يقوم برقية الأخوات جميعًا، وأنت معهنَّ أيضًا، وكذلك رقية البيت، لعل أن يكون هناك شيء من الموانع، وأعظم الأشياء أن يكون سحرًا، وقد يكون هذا الشخص الذي يقوم بالسحر قريب أو بعيد، قام بعقد هذا السحر حتى لا تتزوج الأخوات، وحتى لا يفرح أهل البيت، وقد يكون هذا حقدًا على الوالدة وحقدًا على الوالد، أو حقدًا عليكنَّ أنفسكنَّ كبنات، الله أعلم.
لذلك أقول: أتمنى القيام بعمل رقية شرعية في أقرب وقت ممكن، مع مواصلة الوالدة للدعاء، وأنصح كذلك بالمحافظة (جميعًا) على الصلوات في أوقاتها، وكذلك المحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، وعدم تركها مطلقًا، وقراءة آية الكرسي كل يوم بتكرار، وعند النوم تنامون على السنة، لعل الله أن يدفع بها البلاء عنكم.
أتمنى أيضًا إلى الاستماع إلى الرقية الصوتية الشرعية للشيخ محمد جبريل - هذا المقرئ المصري –، وهي مسجلة على الإنترنت وتستطيعون الاستماع إليها، لأنها من أقوى الرقى المسجلة أو التي عرفها المعالجون، فتُقرأ في البيت كل يوم مرة حتى تنتهي، وبإذن الله تعالى سوف يُنقى البيت تمامًا، ويتم التخلص مما فيه من أرواح شريرة، أو من عين، أو حسد، أو غيره، وبذلك سيتحقق لكم - بإذن الله تعالى – كل خير.
على الوالدة أن تواصل الدعاء، عليكم أيضًا مساعدتها بالدعاء، وقولي لها: بإذنِ الله تعالى لا بد أن يأتي الفرج، لأن الله ما أمرنا بالدعاء إلا وهو جل جلاله قد وعدنا بالإجابة، وبإذنِ الله ما دمنا ندعو - فإن شاء الله - سيأتي الفرج.
عليكم بذلك - يا ابنتِي -، وحاولي أن تقولي للأم بأن هذا هو قضاء الله وقدره، وأن على المؤمن أن يصبر، وأن من صبر فله الجنة، وأن مع العسر يسرًا، وأن الفرج مع الكرب، إلى غير ذلك من الكلام الطيب حتى تخففي عنها، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يلطف بكنَّ جميعًا، وأن يمُنَّ عليكنَّ بأزواج صالحين عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.