خطبت امرأة جميلة الدين وأرى أنها قبيحة الشكل، فما نصيحتكم؟
2013-10-31 00:47:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا ولله الحمد، شاب عمري 19سنة ونصف، مستقيم، حافظ لكاتب الله، أدرس العلم الشرعي، ومقبل على الزواج، لشدة حاجتي له وخوفي من الوقوع في الحرام.
قد وجدت فتاة ذات دين عظيم، ونسبها من أشرف الأنساب، وكما أريد من مواصفات، وذهبت لأنظر النظرة الشرعية كما هي السنة، ولم أعقد حتى الآن.
البنت كانت متوسطة الجمال، ولكن لم تكن جميلة في نظري، بل كانت قبيحة بالنسبة لي، حيث لم تقع بقلبي، ولكنها ذات دين وأخلاق، وأبوها عالم دين كبير، ورجل قمة في الأخلاق، وعائلتها عائلة دينة ومحافظة، ولم أسمع وأر عن أهلها إلا خيرا، ويغلب على ظني أنها ستعينني على طلب العلم.
قد قرأت كلاما لابن الجوزي (في صيد الخاطر)، ما معناه: فلينظر إليها فإن وقعت في قلبه فالينكحها.
هي لم تقع بقلبي من ناحية الجمال أبدا، بل إني عندما نظرت إليها قلت في نفسي: أعوذ بالله! لا شعوريا، وأنا عندما أتخيل أني سأتزوجها أحس بالغثيان واللوعة!
لا أدري أهو من الشيطان والنفس والهوى أم من داعي الخير؟! قرأت كلاما لعمر يقول فيه: أو تبنى كل البيوت على الحب؟!
أنا لا أدري ماذا أفعل؟ هل أتزوجها أم لا؟ لأني يغلب على ظني أني لن أجد مثل عائلتها في المحافظة، وفي المقابل بالنسبة للجمال أخاف على نفسي من الفتنة بعدما أتزوجها, وأن أنظر إلى فتاة غيرها, وأظلمها معي بأن لا أحبها, ولا أعاشرها؛ لأني معجب بها كدين وأدب وأخلاق، وبأهلها, وليس كشكل كنت أرغب به حتى يكفيني من الناحية الجنسية.
هذا الموضوع شغل تفكيري كثيرا كثيرا! وأنا استخرت كثيرا، والآن أنا في حيرة من أمري, ويصيبني هم شديد لا يعلم حالي إلا خالقي!
فمن الصعوبة إيجاد الزوجة الصالحة وأهل مثل أهلها في هذه الأيام، والشيء الآخر أن أبي غير مقتنع بزواجي من جنسية غير جنسيتنا؛ لأن جنسية البنت تختلف عن جنسيتي، ولكن عاداتهم قريبة أو مثل عاداتنا، وكلانا من شبه الجزيرة العربية، ويمكنني إقناعه بصعوبة جدا.
هو غير مقتنع من ناحية سكنهم؛ لأن عائلتها تعد من العوائل البسيطة جدا، فهم يسكنون في بيت أمام المسجد الذي هو بجوار المسجد.
أنتظر استشارتكم وأرجو التفصيل والإطالة وإروائي من كل ناحية، فأنا في كربة لا يعلمها إلا الله، وخير الناس أنفعهم للناس، وفقكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك - أيها الابن الكريم – في الموقع، ونشكر لك التواصل، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وقد ذكّرتنا هذه الاستشارة بقصة الإمام أحمد الذي أرسل من تخطب له من القريبات، فجاءت وقالت: (وجدتُ لك فتاتين: إحداهما بارعة في جمالها ضعيفة في دينها، والثانية متوسطة الجمال متينة الدين) فقال: (أريد صاحبة الدين) ونحن نقول: وتلك وصية رسولنا الأمين، فتزوجها الإمام، وعاش معها ثلاثين سنة، وقال في ليلة وفاتها: (والله ما اختلفنا في كلمة).
هنيئًا لمن قدم الدين والأخلاق، وهنيئًا لمن أدرك أن الزواج هو بين العوائل وبين القبائل، فالإنسان لا يتزوج الفتاة وحدها، وإنما هو رباط بين أسرتين، وبين قبلتين وبين جماعتين.
لذلك نتمنى أن تُعيد النظر في هذه الفكرة، وتحاول أن تُرسل بعض الأخوات الشقيقات لتنظر إليها؛ لأن الجمال أيضًا مقسّم، ففتاة قد تكون هناك نقص في جمال وجهها لكن هناك كمال في جسدها، وحُسْن تقسيم في مواطن الجمال فيها.
ونذكّرك بأنه حتى من يرصدون من الأشقياء ملِكاتِ الجمال تُعطى درجات على أجزاء كثيرة من الجسم تُشكل الجمال، فقد يُفاجأ العالم بفتاة يُسمونها (ملكة جمال) وفيها نقص في جمال وجهها، لكنهم لا ينتبهون إلى أن هناك درجات لتفاصيل الجسم الأخرى، جسد المرأة، قوام المرأة، ساق المرأة، شعر المرأة، هناك أشياء كثيرة بمجموعها تشكل الجمال الذي يمكن أن يُعد جمالاً.
لذلك في هذه الناحية نتمنى أن تفكر في الموضوع مرة ثانية، وترسل من تسأل وتحاول أن تتعرف على الفتاة عن قرب، وطبعًا لو ذهبت الأخت ستراها بثياب مريحة باعتبارها امرأة مع امرأة، وبعد ذلك تنقل لك ما شاهدت، وتنقل لك وجهة نظرها، ونحب أن نؤكد لك أن الجمال الفعلي هو جمال الأخلاق؛ لأن جمال الجسد وإن كان مطلوبًا أيضًا من الناحية الشرعية إلا أن عمره محدود، لكن جمال الروح بلا حدود.
مع ذلك فإنا ندعوك بعد هذه الوقفة والتأمل ووضع الإيجابيات في كفة والسلبيات في كفة، لا مانع أيضًا من طلب إعادة النظرة الشرعية، والجلوس معها مرة أخرى، طبعًا في حضور محرم من محارمها؛ لأن هناك شابا شاهد الفتاة وأراد أن يعود فسأل الشيخ ابن عثيمين فقال: انظر للمرة الثانية، فشاهد الفتاة للمرة الثانية ثم قيل للشيخ: يريد أن يرى مرة ثالثة؟ قال: يُمكّن للمرة الثالثة؛ لأن الشريعة جادة في هذه المسألة، الشريعة التي تأمر بغض البصر إذا عزم الإنسان على الزواج فإنها تتيح له الفرصة حتى يحصل الارتياح والانشراح.
أما إذا كان القبح ظاهرًا في صورة الجسد وأنت لم تجد راحة ولم تجد قبولاً في نفسك لهذا، فنحن لا ننصح أن تُكمل المشوار بهذه الطريقة، إلا إذا وجدت في قلبك ميلاً، إلا إذا وجدت في قلبك انشراحًا وقبولاً؛ لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وفي هذا مصلحة للجميع، ولكن نرجو ألا تستعجل هذه الخطوة حتى تستنفذ الخطوات التي تكلمنا عنها، تحاول أن تقيس الأمور بأبعادها، ونتمنى أن تجتهد في هذه الفترة في إرضاء الوالد، وحسم القضية بينك وبينه؛ لأن هذا من دلائل التوفيق أن يكون هناك وفاقًا في الأسرة، أن تكون هناك موافقة من قبل الأهل على إكمال هذا المشوار.
نحن نريد أن نؤكد لك أيضًا أن القرار الصحيح لا بد أن تكون هناك نظرة لأبعاده (عواقب الرفض، الفرص المتاحة بالنسبة لك، إيجابيات المجيء لهذا البيت، ردة الفعل على الفتاة وعلى أهلها، وجهة نظر الوالدة والأخوات، مشروع إقناع الوالد بفكرة الزواج بهذه الطريقة ومن أسرة بهذا المستوى الاجتماعي) إن كانت الشريعة لا تهتم، لكن لا بد في القرار أن نصطحب هذه المعاني جميعًا، حتى يكون قرارك صحيحًا، ولا مانع أن تستخير أنت أيضًا، وإذا لم يتضح لك شيئًا لا مانع من تكرار الاستخارة.
نحب أن نؤكد أن المجاملة لا تصلح في هذه الأمور، فمشوار الحياة طويل، فإما أن تتقدم عن رضا وقناعة، وإلا فالفراق فيه خير لك وخير لها، وأبواب الخير مفتوحة، وإذا لم تُعجبك الفتاة فسيأتي من يراها أجمل امرأة في العالم؛ لأن وجهات النظر مختلفة، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، وليس عيبًا في الفتاة أن يرفضها رجل، وليس عيبًا في الرجل أن ترفضه فتاة؛ لأن التلاقي كما قلنا بالأروح قبل الأجساد.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية، ونؤكد لك أن مسألة الحب أو المسألة التي قال عنها عمر رضي الله عنه صحيحة، لكن في البدايات لا بد من اعتبار الجمال الذي يرتاح له الإنسان؛ لأن من أهداف الزواج أن يعفَّ الإنسان نفسه بزواجه، ونؤكد لك أن هذه واحدة من المرجّحات الكبيرة في هذه المسألة بعد الدين والأخلاق، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.