الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المتفائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك تعكس وبصورة جلية وواضحة أننا نتعامل مع شابة مسلمة تقية نقية -إن شاء الله تعالى-، شخصيتك تحمل الكثير من الدوافع الإيجابية، ميزات التفاؤل، وقطعًا لديك الكثير من الحياء، وهذا رصيد عظيم أيضًا.
من حيث الأعراض التي تعانين منها: كثيرًا ما تكون مرتبطة بنوعية شخصيتك والتي سردنا بعض صفاتها، فالذي بك هو نوع من قلق المخاوف الوسواسي، وهذا القلق على وجه التحديد وما يصحبه من مخاوف ووساوس، كثيرًا ما نشاهده لدى الفضلاء من الناس وأصحاب القيم الرفيعة والطيبة، أريدك أن تطمئني، وكلامي الذي ذكرته لك ليس من الإطراء الذي لا أساس له، إنما هو كلام يقوم على أبحاث وأسس علمية، فأرجو أن تطمئني -أيتها الفاضلة الكريمة-.
أتفق معك في ذات الوقت أن أعراضك مزعجة، ولا بد أن يتم اقتلاعها، وقطعًا علاجها متوفر وبسيط، إذا تمكنت أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا هو الأفضل والأجود؛ لأن قلق المخاوف يتطلب تناول دواء، وهنالك عدة أدوية، وفي ذات الوقت قد تحتاجين لبعض التوجيهات السلوكية التي تقوم على مبدأ المواجهة، وتجاهل الخوف.
وفي هذا السياق يمكن أن نوجه لك بعض الإرشاد.
أولاً في موضوع الذهاب إلى مركز التحفيظ: لا تنقطعي، انقطاعك فيه نوع من المكافئة للوساوس وللمخاوف، وإنما الأصل في الأمر هو المواجهة، وأنا أؤكد لك أن أداءك أفضل مما تتصورين، لا أحد يستخفَّ بك، لا أحد يستهزأ منك، لا أحد يقلل من شأنك في هذه المجالس التي تحفها الرحمة والسكينة، ويمكن أن تتحدثي مع محفظة القرآن، تقولي لها: أنك تعانين من شيء من المخاوف الاجتماعية، فقد تراعيك وتجلس معك جلسات خاصة، وتسمّعي لها على انفراد –مثلاً- لمدة أسبوع، بعد ذلك تكونين جزءًا من الحلقة.
وفي ذات الوقت أريدك أيضًا أن تنقلي خيالك وأنت في داخل المنزل، تصوري أنك في وسط هذه الحلقة، أو حلقة أكبر منها، تصوري أنك في مكان الداعية والمحفظة التي تقوم بالتحفيظ وبالتجويد، ضعي نفسك في هذا الموقف، وهو موقف بسيط جدًّا، ومن خلال هذه النقلات التخيلية الإيجابية تستطيعين أن تساعدي نفسك كثيرًا.
تمارين الاسترخاء مفيدة، وهي تمارين معروفة لعلاج القلق والتوترات، وموقعنا لديه استشارة خاصة في هذا الخصوص تحت رقم (
2136015)، أرجو أن تطلعي عليها وتطبقي ما فيها، وقطعًا إذا قابلت طبيبًا نفسيًا سوف يقوم بعمل التطبيق العملي المباشر، وهذا قطعًا سوف يعطيك جرعة قوية من الثبات النفسي وإزالة القلق.
الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي كثيرة ومنتشرة وفاعلة، ومن أفضلها عقار يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، وله مسميات تجارية كثيرة منها (زولفت) و(لسترال)، فتوجهي إلى الطبيب، ومهمتي هي أن أبشرك بأن حالتك سوف تعالج بصورة كاملة جدًّا، كل المخاوف التي لديك هي مخاوف متداخلة معروفة ذات صفة وسواسية، والعلاج الدوائي سوف يقضي عليها تمامًا، ومن ثم يُمهّد لك القيام بممارسات السلوكية التي تقوم على مبدأ المواجهة كما ذكرنا لك.
بارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.