لا أجد من زوجتي إلا كفرانا للعشرة.. ماذا أفعل؟
2013-09-21 03:44:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أستاذي الفاضل: منّ الله علي برحمته قبل خمس سنوات بوفاة زوجتي -رحمها الله- وأسكنها الفردوس الأعلى، وتركت لي ثلاثة أطفال، الطفلة الصغيرة تعيش مع خالها؛ لأن زوجته أرضعتها، أما الابن والبنت الآخرين فقد وفقني الله للزواج بامرأة عندها طفل يتيم، واجتمعنا تحت سقف واحد، وأكملنا عامنا الرابع -ولله الحمد- لكن منذ بداية زواجنا لاحظت عليها تعلقها الشديد بهذا اليتيم، والله إني لا ألومها، لكن إذا أخطأ لا ترى خطأه، بل تصر أنه لم يخطئ وتدافع عنه بشراسة لدرجة أنها تضرب أبنائي بسببه إذا أخطأوا عليه، وقد يكون الخطأ عاديا.
ومما استجد أيضا أنها أحيانا تنسف جميع ما أقوم به من أجلها وابنها، وتنكر العشرة وتتلفظ بألفاظ غير محترمة لي كزوج.
صبرت عليها من بداية زواجنا -والله- كل ذلك من أجل اليتيم وأجره، إضافة لقدر والدها رحمه الله تعالى في نفسي، والذي تركها تحت ولايتي، لكني أعاني من كثرة شكواها من مشاكل الأولاد كثيرا.
والغريب أنني أتعامل بحزم مع ابنها لمصلحته فتثور وتتلفظ بألفاظ كأن لم يكن بيننا حب وود، وهي صدامية كثيرا، مع العلم أن لها صفات حسنة، ولا أظلمها، لكن ما يحزنني أنني أتحمل أعباء الحياة من أجلهم ولا تجد إلا كفران العشرة، فماذا أفعل؟
بارك الله فيكم، ووفقكم لدروب الخير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أنس المديني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يرحم زوجتك الأولى، وأن يعينك والزوجة الثانية على رعاية الأيتام، وأرجو أن تحتسب الأجر العظيم، وبشرى لكم إن أخصلتم واحتسبتم، فإنكم ستفوزون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، وفي رواية: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة كهاتين) وأنتم فزتم بهذا المعنى العظيم مرتين، سواء كان اليتم لكم أو لغيركم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يلهمنا رُشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.
وإذا طلب الإنسان المعالي (معالي الأمور)، وطلب الدرجات الرفيعة، فإن عليه أن يصبر، بل عليه مزيد من الصبر؛ لأن هذه الجنة لا تُنال إلا بصبر طويل، ومعلوم أن الإشكالات التي تحدث في مثل هذه السن بين الأطفال الصغار، ونحن نتفهم أيضًا حب هذه المرأة الشديد لوليدها اليتيم، وأيضًا نتفهم ما يحدث من اضطرابات ومن إشكالات بين هؤلاء الصغار.
نتمنى أن تكون دائمًا أنت الأكبر والأعقل، فالرجل هو الذي جعلت الشريعة بيده مقاليد الأمور، والمرأة عاطفية، نتمنى أن تجتهد في ألا تقسو على وليدها، ونتمنى أن تُفهمها أن الجميع أطفال، وأن الجميع أيتام، وأن الجميع فيهم الأجر العظيم عند الله تبارك وتعالى. ونتمنى أيضًا أن تكون مشكّلاً للحضور في البيت لتكون إلى جوار الأيتام جميعًا.
ونحن نعتقد أن من مصلحة أي يتيم أن يتربى تربية عادية ليس فيها دلال، لا نتهاون معه بحجة أنه يتيم، أو نترك له أن يفعل ما يريد بحجة أنه يتيم؛ لأن هذا يُلحق به أضرار كبيرة، ومعلوم أن المرأة عاطفتها زائدة، ولذلك نتمنى أن تتفهم مثل هذه الأمور، وأرجو أن تقرأ هذه الاستشارة حتى تعلم أن ما تفعله ليس في مصلحة يتيمها الذي بين يديها، وأن ما تفعله أيضًا من شدة مع الآخرين هو خصم على أجرها وثوابها؛ لأنها ينبغي أن تعدل بينهم، وتجتهد على الأقل في أن تُظهر أنها أم للجميع، وأنها راعية للجميع، ولعل هذا مما أهلها لتكون زوجة لك.
ونشكر لك تقدير ما فيها من إيجابيات، ونشكر لك أيضًا الاهتمام بمكانة والدها التي تريد أن تكرمها فيه، ونحن نريد أن نقول: الشريعة جعلت مقاليد الأمور بيد الرجل، وأوصت بالمرأة وباليتيم خيرًا، العجيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أحرِّج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة)، وأنت عندك امرأة وعندك ليس يتيمًا بل أيتام، نسأل الله أن يعينك على القيام بهذا الواجب، وأرجو ألا تشاركها التوتر، وأن تجعل البيت هادئًا، وأن تحاول أن تكون لطيفًا مع يتيمها ومع أبنائك على السواء، وتشتد في مواطن الشدة مع أبنائك ومع هذا؛ لأن القسوة المخلوطة بالرحمة هي مهمة جدًّا في هذه المراحل.
وأرجو أن يعلم الجميع أن الصياح والصراخ لا يزيد مشاكل الأطفال إلا اشتعالاً، وينبغي أن نُدرك أن الخلافات التي تحدث بين الأطفال طبيعية، فإذا لم تحصل فكيف يكونوا أطفالاً، من الطبيعي أن يختصموا، أن يتشاجروا، ولكن الغير طبيعي والغير صحيح والغير مقبول هو أن نتوتر نحن وندخل في شتائم لأجل كلام ولأجل موقف حصل بين الأطفال.
على كل حال نتمنى أن تُهدأ الأمور، ونسأل الله أن يعينك على الصبر، وغدًا سيكبر هؤلاء الأطفال قليلاً ويدخلون إلى مدارسهم، وسيحتاجون إلى بعضهم، ويقفون إلى جوار بعضهم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الصبر على هذا الوضع، وأرجو ألا تنزعج، فهذه مرحلة عمرية، نحن ندرك أن فيها إزعاجا للإنسان، سواء كان من أبنائه أو من أبناء غيره، ونحتاج فيها إلى صبر ومشاركة لهؤلاء الصغار في لعبهم، وإتاحة الفرصة الواسعة لهم من أجل أن يتحركوا، وغدًا سنجني الثمار المباركة -إن شاء الله- في الدنيا، والأهم من ذلك هو ما ينتظرنا من فلاح وأجر وثواب عند الله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، ونسأل الله أن يعينك على الصبر على الزوجة وعلى حسن رعاية هؤلاء الأيتام، هو ولي ذلك والقادر عليه.