الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هناك فصل كامل في الطب النفسي يسمى بـ (المخاوف القلقية) والخوف من الريح والغيوم والأمطار والصواعق والرعد والبرق والظلام والحيوانات، هذا كله يأتي تحت ما نسميه بـ (المخاوف البسيطة) حيث أن سببها واضح، وهو أن الإنسان يكون لديه مفاهيم خاطئة حول الريح أو حول الصواعق والرعد، أو أنه كان عرضة لصوت الرعد بصورة مباشرة، وغير متوقعة ومفاجئة، وهذا قد يكون ولَّد لديه هذا الخوف.
إذًا هو خوف مكتسب، وعلاجه ليس صعبًا أبدًا، إذا وصل الإنسان لقناعة تامة أن هذه مخلوقات من مخلوقات الله تعالى، وهي ظواهر عظيمة تدل على قدرته سبحانه وتعالى، وهي لنا آيات ينبغي أن نتأمل فيها، كما قال الله تعالى: {قل انظروا ماذا في السموات والأرض} وقال: {الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار} وهذه الظواهر تسبح بحمد الله، قال تعالى: {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يُجادلون في الله وهو شديد المِحال}.
هي آية لمن يعلم، ولمن يعقل، ولمن يشكر، كما قال الله تعالى: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين} وقال: {ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا وينزل من السماء ماء فيحي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} وقال: {ومن آياته أن يُرسل الرياح مبشرات وليُذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون}.
يجب أن تؤخذ هذه الآيات والظواهر على هذا السياق، وهذا يجعلك في نوع من التواؤم والتكيف التلقائي مع هذه الظواهر.
إذًا لا بد أن تكون هنالك محاولة فكرية لفهم طبيعة هذه الظواهر.
ثانيًا: عليك بأن تنظر لها كظواهر عمومية، بمعنى أن تأثيرها ليس تأثيرًا مخصوصًا عليك أنت على وجه التحديد، جميع البشر يتعرضون للأمطار وللصواعق وللرياح (وهكذا) والشيء حين يكون له تأثير عام مشاعر الإنسان يجب أن تكون مثل مشاعر الآخرين حياله، هذا يعطيك نوعًا من التواؤم النفسي أيضًا.
الأمر الثالث – وهو مهم جدًّا - : ألا تتجنب، اقرأ عن الصواعق، اقرأ عن الريح، اقرأ عن الأمطار كيف تتكون، وكيف تأتي، وما حدث لقوم سيدنا هود، يجب أن يكون هناك اكتساب معرفي؛ لأن الإنسان إذا عرف الشيء وعرفه لدرجة الإغمار أو الإطماء – ونقصد بها تكثيف المعرفة – هنا يحدث له نوع من التواؤم والإلفة الذاتية مع الشيء، لكن الإنسان حين يبتعد من مصدر خوفه ويكون لديه أفكار خاطئة حوله، هذا قطعًا له تبعات سلبية.
اعتمد على هذه الثلاثة الأسس، وهي أسس علاجية ممتازة جدًّا، والأساس الرابع هو: أن تعرض نفسك لها بقدر المستطاع، مثلاً حين تشاهد مشهدًا في التلفزيون عن ريح أو مطر لا تتجنب، إنما انظر إليه وتأمل فيه، وتفكر فيه، وهذا في حد ذاته يساعدك كثيرًا على ما نسميه بالتواؤم التدريجي والذي نقصد به (فك الارتباط الشرطي مع مصدر الخوف).
البرق لا يؤثر على العين، لكن قطعًا لا داعي لأن ينظر إليه الإنسان بحدة، هذا ليس أمرًا جيدًا، يجب أن يكون هنالك نوع من التجنب من النظر إليه، والبرق هو نفسه الصواعق، فقد يرى الإنسان الضوء مبكرًا وبعد ذلك يسمع الصوت.
هنالك أيضًا علاجات أخرى مهمة يأتي على رأسها تمارين الاسترخاء، كما ذكرنا هي نوع من المخاوف القلقية البسيطة، لذا إذا كان هناك استرخاء واسترخاء مكثف، سوف يقل الخوف قطعًا، وأريدك أن تطبق هذه التمارين وتتذكر هذه الظواهر.
إذًا اطلع على استشارة بموقعنا تحت الرقم (
2136015) وطبق التمارين كما هي، لكن اربط بين فكرة الخوف وتطبيق التمارين في ذات الوقت.
أنت لم تذكر عمرك؛ لأن في بعض الأحيان الدواء يكون مفيدًا جدًّا أو كجزء من العملية العلاجية، إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا، فأعتقد أن جرعة صغيرة من عقار (زولفت) والذي يعرف أيضًا تجاريًا باسم (لسترال) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) سيكون دواءً مفيدًا لك، والجرعة هي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك حبة كاملة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما لمدة أسبوعين آخرين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.