يصيبني ضيق خلق من أصغر الأشياء، أفيدوني.

2013-08-15 04:21:25 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني منذ سنتين من وسواس في كل جسدي، وإحساس بعدم حقيقة الواقع، وتأتيني نغزات في قلبي، وعدم القدرة على البلع، وأحيانا ببرودة في الأطراف، ولا أستطيع الاختلاط مع الناس، وأصغر شيء يجعلني غاضبا لأبعد حد، وشعور بالموت قادم بشكل دائم.

لم أترك دكتورا إلا وذهبت إليه، عملت جميع التحاليل، ولم ير أي شيء، وعملت رنينا مغناطيسيا للرأس والرقبة، ذهبت إلى عدة أطباء نفسيين، وأعطوني عدة أدوية ولم أستفد من شيء.

الفترة الأولى: أخذت (فالدوكسان) واسترحت قليلاً، وعادت إلي الحالة بعد ترك الدواء، وأخذت (بروزياك) ولم أستفد منه، وأخذت (ميرتازبام) و (دوجمايل) وأيضا لم أستفد.

علماً بأني كنت آخذ الدواء لمدة ثلاثة أشهر، وذهبت إلى أكثر من طبيب قلب، وعملت تخطيطا وإيكو للقلب، ولم ير أي مرض جسدي، أنا أعيش في حالة صعبة جداً.

الشيء المهم هو: أنه يصيبني ضيق خلق من أصغر الأشياء، أنا إنسان مؤمن بالله وأصلي -والحمد لله-، ولكن هذه الوساوس لا أستطيع أن أتغلب عليها.

أفيدوني جزاكم الله خيرا على هذا العمل الرائع في هذا الموقع، مع الشكر الكبير لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ feras حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبشر -أخي الكريم-، ونقول لك: جزاك الله خيرًا على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، ونحن في مواسم الخيرات هذه نسأل الله للجميع العافية والحفظ والتوفيق والسداد.

أولاً: أريدك أن تدرك أن حالتك -وحسب وصفك- ليست حالة مستعصية، أنت تعاني من قلق الوساوس الذي أدى إلى بعض المخاوف، وكذلك الشعور الاكتئابي، هذه من الحالات النفسية المنتشرة جدًّا والتي كثرت في أيامنا هذه.

وأنا أرى أن الإنسان الذي يُتيح لنفسه فرصة العلاج هذا هو الإنسان الذي وفقه الله تعالى لصواب الأمور، وأنت –أيها الفاضل الكريم– تواصلت مع أطباء نفسانيين، وهذا أمر جيد، حتى لو أحسست أنك لم تجن الفائدة الكاملة إلا أنك اكتسبت خبرة ومهارة، واطلعت على حقيقة علتك، وفي ذات الوقت أنا متأكد أن ما أُعطي لك من توجيهِ وإرشاد ومساندة وعلاج دوائي منع التدهور على الأقل؛ وإن لم تستفد منه فإنه قد منع الانتكاسات الشديدة وتدهور حالتك، وهذا حسب المعايير النفسية التي تقوم على الدليل العلمي القوي يعتبر أمرًا إيجابيًا.

اهتمامك بتغيير نمط الحياة أعتقد أنه سيكون هو العامل الرئيسي الفاعل لتحسين حالتك.

أنا يأتني الشعور أنك قد اعتمدت على الأدوية كمكون علاجي رئيسي، ولم تنفذ أو تطبق أو تهتم كثيرًا بالجوانب الأخرى، وهي الجوانب السلوكية المعرفية التي تقوم على: مبدأ التفكير الإيجابي، حسن استغلال الوقت، أن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره، وألا تقود نفسك بالمشاعر السلبية أو الأفكار المحبطة، على العكس تمامًا، يجب أن تقود نفسك من خلال أفعالك وأعمالك وإنجازاتك، وأن تبذل جهدًا لأن تكون فاعلاً، وهذا ليس مستحيلاً، والإنسان يستطيع أن يغير نفسه بكل مصداقية وبكل كفاءة وبكل جدارة، ضع أمامك الشعار القرآني العظيم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وتذكر أنه لديك الكثير من الطاقات النفسية والجسدية والوجدانية التي إذا وظفتها التوظيف الصحيح، وتم استغلالها بصورة فاعلة؛ قطعًا أمورك سوف تتبدل إلى الأحسن ولا شك في ذلك.

إذًا أنت مطالب بالتفكير الإيجابي، ومطالب بأن تنظم حياتك، مطالب أن تضع أهدافًا فاعلة، ومن الأشياء التي يجب أن تكون ملازمة لك في حياتك: ممارسة الرياضة، وصلة الرحم، وبر الوالدين، والتواصل الاجتماعي، وتطوير الذات من خلال: الاطلاع، القراءة، الحصول على المعارف، مخالطة الصالحين من الناس، هذا الذي أقوله لك: كله علاج.

أمر آخر مهم جدًّا: أرجو ألا تتردد كثيرًا على الأطباء، هذا يُدخلك في كثير من الأوهام، ويُدخلك في كثير من التناقضات والتباينات التي تحس بها في داخل نفسك، تسمع كلمة من هنا وكلمتين من هناك، وهكذا يكون هناك نوع من التشويش الداخلي.

الذي أدعوك إليه هو: أن تنتظم مع طبيب نفسي واحد، يكون شخصًا معقولاً، اتقى الله في نفسه وفيك، وتستمع لإرشاده وتوجيهه، ويفضل أيضًا أن تقابل طبيب الأسرة -طبيب الأمراض الباطنية- مرة واحدة كل ستة أشهر مثلاً، إذا تيسر ذلك؛ وذلك من أجل إجراء الفحوصات الطبية الروتينية، ويجب أن تسعى لأن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب: النوم الصحيح، النوم السليم، الطعام المتوازن، ممارسة الرياضة، الحرص على أمور الدين، وأن يكون لك أهداف تسعى للوصول إليها بالآليات المعقولة والإمكانات المتاحة.

أيها -الفاضل الكريم-: موضوع الأدوية: حقيقة التنقل من دواء إلى دواء ليس أمرًا محمودًا، نعم إن الناس في بعض الأحيان لا تصبر، وكل إنسان يريد أن يأتيه الشفاء العاجل، هذا أمر منطقي ومطلب صحيح ومطلب مشروع جدًّا، لكن هذا قد ينقلب إلى عكسه، بمعنى أن تغيير الأدوية وعدم الصبر عليها، والانتقال من دواء إلى دواء؛ قطعًا سوف يجعل الموصلات العصبية الدماغية في حالة من عدم الاستقرار مما يُضعف الاستجابات العلاجية، وهنالك بعض الأدوية تتطلب مدة صبر أطول، مثلاً: مضادات الاكتئاب من المعهود أن حاولي خمسين إلى ستين بالمائة من الناس يحسون بتحسن بعد أسبوعين إلى ثلاثة من تناول هذه الأدوية، وفي بعض الناس قد يحتاجون إلى مدة أطول، شاهدتُ من لم يتحسن إلا بعد مضي ستة أشهر من تناول العلاج.

قطعًا تناولك لأحد محسنات المزاج ومزيلات القلق والتوتر والمخاوف سيكون أمرًا جيدًا، عقار (سيرترالين) أرى أنه الأفضل بالنسبة لك، والجرعة المطلوبة هي نصف حبة، يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة -أي خمسين مليجرامًا- تناولها ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن العلاج.

هذا مجرد مقترح، وقطعًا ما يراه طبيبك هو الأجدر بأن تأخذ به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net