الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكراً لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا.
لقد طرق السؤال عدة مواضيع، منها ضعف الثقة بالنفس، والوسواس القهري وخاصة في المجال العقدي، وضعف الاعتماد على النفس، وصعوبات الدراسة الجامعية، والأزمة النفسية ومحاولات الانتحار، والشعور بأن الله "يعاقبك".
من أين نبدأ؟
لابد من الحذر من نسبة عمل لله تعالى، مثلاً على أنه تعالى يقوم "بعقابك"، وقد لا يكون هذا، ومن الصعب أن نردّ إلى الله نتائج عملنا أو عدم عملنا، ويا ترى بناءً على ماذا نقول هذا الكلام؟
بالنسبة للوسواس القهري فهناك الكثير مما كتب عن هذا الموضوع، على هذا الموقع ولعلك تقرأ بعض هذه الأسئلة والأجوبة، ولكني أريد أن أتحدث عن ضعف الثقة بالنفس، والذي ربما هو حجر الزاوية في كل ما ذكرت، وضعف الثقة في النفس يمكن أن يفسّر معظم هذه الأمور.
ربما يعود ضعف الثقة بالنفس هذا لعدة أسباب ومنها:
أولا: التربية والرعاية في مرحلة الطفولة، من سوء المعاملة والمقارنة بالآخرين.
ثانيا، لا ننسى أنك في هذه المرحلة الحساسة من حياة الإنسان، في مرحلة الشباب، وبكل ما تفرضه هذه المرحلة من التحديات.
إننا كثيراً ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلاً نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو ضعاف الثقة في أنفسنا.
تأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلاً: عندنا خجل أو تردد أو ضعف الثقة في أنفسنا...فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل.
قد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!
لابد لك وقبل أي شيء آخر أن تبدأ "تحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!
مارس دراستك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة، من التغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.
يقول الله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم" فنحن مكرّمون عند الله، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أطلب من الآخرين ضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها.
من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الصعوبات من تلقاء نفسها، وأنت تتجاوز هذه المرحلة من صعوبات الدراسة، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها كلقاء الناس والحديث معهم.
إذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض، وخاصة أنك حاول الانتحار من قبل، والخشية أن يكون عندك حالة نفسية قابلة للعلاج بالإضافة للوسواس القهري القابل للعلاج، ومن هذه الحالات الاكتئاب، فإني أنصحك بمراجعة طبيب أو أخصائي نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك العلاج النفسي، أو حتى الدوائي لما تعانيه، وذلك بعد الفحض البدني والنفسي، وبعد تأكيد التشخيص بشكل دقيق.
وأرجو أن لا تمنعك الوصمة الاجتماعية حول الطب النفسي من أخذ موعد ومراجعة هذا الطبيب، متذكرين قول الرسول الكريم "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء" ومن هذه الأمراض الأمراض النفسية.
وفقك الله ويسر لك الخير، وجعلك من المتفوقين، وللفائدة راجع حكم الانتحار أو التفكير فيه: (
262983 -
110695 -
262353 -
230518).
والله الموفق.