أقارن بين بلاغة القرآن وبلاغة الأنبياء والصحابة.. هل هذا شك؟
2013-03-25 01:31:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابتليت بشكوك كثيرة في العقيدة، ومن ضمن هذا الشكوك، المقارنة بين بلاغة القرآن، وبلاغة الأنبياء والصحابة فمثلا: قول "وكأن على رؤوسهم الطير" هذا القول فيه بلاغة عجيبة، فهل يقارن بكلام الله بالقرآن الكريم، وأيضا في أحاديث كثيرة عن النبي عليه السلام والصحابة فيها بلاغة تشبه بلاغة القرآن الكريم.
عندما يحصل لدي شك أذهب وأبحث في الانترنت لكي أرتاح فهل فعلي صحيح؟ أم يجب على التعوذ من الشيطان وعدم البحث في الانترنت وتجاهل الفكرة الوسواسية؟
أتمنى رسالتي تصل إلي مركز الفتوى، ولا تحيلوني إلي فتوى أخرى.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك هذا الاهتمام، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، ويُسعدنا أن نقول لك، ونذكر أنفسنا بأن هذا الكتاب تحدَّى البلغاء وتحدى الفصحاء، وكان من إعجاز هذا القرآن هذه البلاغة المتناهية التي تحدَّى بها أفصح العرب، وأبلغ العرب أن يأتوا بسورة، بل أن يأتوا بآية، بل أن يستعينوا بالجن والإنس (يجتمعوا) لأن العرب كانت تعتقد أن البلاغة عبقرية، وأن الجن لها صلة بها، ولذلك قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا}.
وهذا ابن المقفّى أراد أن يُعارض كلام الله تبارك وتعالى ببلاغته، لكنه لما وقف على كلام النملة {قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} وقف عند هذه الآية التي فيها أمران، ونهيان، وتحذيران، واعتذار، إلى غير ذلك من معاني البلاغة، التي دفعت بعض الباحثين إلى أن يُحضّر فيها رسالة علمية كاملة، لما وقف على هذا توقف فقال: (أشهد أن هذا لا يُعارض).
فالبلاغة التي في كتاب الله لا تعدلها بلاغة، والعرب وقفوا مبهورين مبهوتين أمام هذا الكتاب المجيد الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
والبلاغة أيضًا في الحديث النبوي، والنبي - صلى الله عليه وسلم – هو أفصح العرب، قال: (أنا أفصح العرب، بيد أني من قُريش) كما قال - عليه الصلاة والسلام – ففصاحة النبي - صلى الله عليه وسلم – أيضًا، وفصاحة الأحاديث النبوية أيضًا من الرتبة العالية، لكن كتاب الله لا يُعلى عليه في هذا المجال وفي هذا الميدان.
وأنت إذا وجدت مثل هذا عليك أن تتعوذ بالله من الشيطان، ولا مانع من أن تلجأ إلى أهل الاختصاص، حتى يبينوا لك النقص في مثل هذه التعابير، فإن البلاغة في أحسن صورها عندما يُحذف المشبّه والمشبه به، كذلك وجه الشبه، يعني بمقدار ما يكون هناك حذف تكون البلاغة، والبلاغة أيضًا لها صلة بالحال وبالمقام الذي تُذكر فيه، فهو معنى لا يستطيع الإنسان أن يعرفه بهذه السهولة دون أن يرجع لأهل الاختصاص في هذا المجال، ولكن الجميع يتفق على أن كتاب الله هو الأبلغ وهو الأفصح، وأن البلغاء والفصحاء عالة على هذا الكتاب المجيد الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
كذلك بلاغة النبي - صلى الله عليه وسلم – لا تضاهيها بلاغة بعد بلاغة كتاب الله تعالى، فهو النبي الذي أوتي جوامع الكلم، فكان يجمع المعاني الكبيرة في الكلمات الموجزة اليسيرة، إلا أننا نعود فنقول: بلاغة الكلمة القرآنية لا تُبارى، بل الكلمة القرآنية كلمة حيّة تَلد المعاني المجددة مع كل تأمّل ومع كل تدبر، فإن الإنسان تنداح له معاني عظيمة خاصة عندما يكون من أهل اللغة، فإنه تتجلى له هذه المعاني العظيمة.
وأرجو أن تعود إلى ما كتبه أهل التفسير، وهم يقفون أمام كل آية، فإنه لا بديل للكلمة القرآنية، وما من كلمة وضعت في كتاب الله تبارك وتعالى إلا وهي تُعطي من الدلالات ومن الإيحاءات ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
فلا تشغل نفسك بمثل هذه الأمور، وإذا أشكل عليك أمر، فتعوذ بالله من الشيطان، ولا مانع إذا وجدت أهل الاختصاص من أن يُبين لك أوجه البلاغة والفصاحة في كتاب الله تبارك وتعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك الحرص على السؤال الذي يدل على أنك على خير، فتعوذ بالله من الشيطان، وكونك تندفع للسؤال وتتضايق مما يحصل هذا دليل على أنك على خير، وعليك أن تلجأ إلى أهل العلم؛ لأن الله يقول: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.