كيف أنسى أخطائي وأكون قريبة من الله؟
2013-02-27 11:01:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
أريد طريقه تجعلني قريبة من الله سبحانه، وأكون مفتاحاً للخير، وأكون فتاة ملتزمة، وأنسى ذنوبي وأخطائي، وعسى الله سبحانه أن يغفر ذنوبي، أنا يتيمة الأبوين، وأشعر دائماً بالحزن والهم والضيق، رغم أني أصلي وأصوم لكن أشعر دائماً أني مقصرة في عبادتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يُعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة –، فإن الذي تريدينه هو غاية كل إنسان مسلم صادق، فالمسلم الصادق يتمنى أن يكون قريبًا من الله تبارك وتعالى، وأن يكون حريصًا على فعل الخير، وأن يكون ملتزمًا بدينه التزامًا صادقًا، وأن تكون لديه الخشية والخوف من الله تبارك وتعالى، فيترك المعاصي حياءً منه، وهذا هو المقصد الأساسي لخلق الإنسان، وحتى يتحقق ذلك لابد من عدة أمور:
الأمر الأول: ضرورة أن يكون لديك قدر من العلم الشرعي بمعرفة الحلال والحرام، فأنت في حاجة أولاً إلى أن تقرئي كتاباً عن العقيدة ولو كتابًا مبسطًا حتى تتعرفي على الله تبارك وتعالى تعرفًا قويًّاً، تستطيعين من خلال هذه المعرفة أن تجدي محبة الله في قلبك، لأنك لو أحببت الله تبارك وتعالى كان من السهل عليك أن تُضحي بكل شيء من أجله، لأن الناس عادة يضحون من أجل المحبوب أو من أجل الحبيب بكل شيء حتى بحياتهم.
فإذن لابد من كُتيب بسيط في العقيدة، والكتب عندكم في المملكة كثيرة مكتوبة بأسلوب عصري، أنا حقيقة لا أذكر كتابًا معينًا أدلك عليه، المهم أن يكون كتابًا مبسطًا يوجد في المكتبات لديكم، بعيدًا عن التعقيد، وبعيدًا عن الكلمات الشديدة أو غير واضحة، هذا في العقيدة.
ثانياً: تأتين -بارك الله فيك- في جانب العبادات وتقرئين كتابًا مبسطًا أيضًا، ولديكم أيضًا كتب مبسطة تتكلم عن أحكام الطهارة وأحكام الصلاة، وأحكام الحجاب، وغير ذلك، هناك كتاب لديكم في المملكة (سلوك المؤمنة مع ربها ومع أهلها ومع زوجها)، أو من الممكن أن يكون كتاب مثل هذا، ويكفيك هذا، أو كتاب مثل كتاب (منهاج المسلم) مثلاً للشيخ أبو بكر الجزائري، يكفيك هذه المسائل كلها، لأن فيه ما يتعلق بالعقيدة، وفيه ما يتعلق بالعبادة والأخلاق والمعاملات،هذا الكتاب تقرئينه بانتظام، بمعنى أن يكون كل يوم لديك عشر ورقات أو عشرين ورقة تقرئينها في هذا الكتاب، حتى تتوفر لديك المعرفة بالله تبارك وتعالى وبشرعه، وتحاولي تطبيق ما تعرفينه، كلما تعلمت شيئًا كوني حريصة على تطبيقه، وبذلك -بإذن الله تعالى– ستتحسنين، وستشعرين فعلاً بأنك قد أصبحت إنسانة أخرى وشخصًا جديدًا.
إضافة إلى ذلك، أنت تحتاجين إلى صُحبة صالحة، فعليك بالبحث عن أخوات صالحات، سواء كُن من الأقارب أو من الأخوات أو من الجيران، أو من زميلات الدراسة، وحاولي أن تربطي نفسك بالصحبة الصالحة، لأن هؤلاء سيُعطونك الإعانة على الطاعة، ويعطونك الأسوة والقدوة أيضًا، وإذا صعب عليك شيء كان من السهل أن تسأليهم عنه باعتبار أنهم أكثر منك التزامًا.
ثالثًا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يفتح الله عليك، وأن يقبلك في عباده الصالحين، لأن الله تبارك وتعالى بين هذا الكلام في القرآن، فأنبياء الله كانوا يدعون، قائلين: {توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين}، فأنت تسألين الله تبارك وتعالى أن يثبتك على الإسلام، كما كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان من دعاء ابن عباس - رضي الله عنهما – يقول: (اللهم لا تَنْزِعني من الإسلام، ولا تَنْزِع الإسلام مني) ومن دعاء القرآن: {ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهّاب}.
فأنت عليك بالدعاء فيما يتعلق بهذه المسألة، والإلحاح على الله تبارك وتعالى في ذلك.
كذلك عليك بقراءة القرآن الكريم بصفة منتظمة، إذا كنت تُحسنين القراءة فهذا حسن، وإذا كنت لا تُحسنين القراءة، فكم أتمنى إذا كانت لديكم فرصة وبجواركم دار لتحفيظ القرآن الكريم قريبة أن تنتسبي لهذه الدار، لتبدئي في قراءة القرآن قراءة صحيحة، لأن القراءة المكسّرة أو القراءة الخطأ لا تؤدي إلى النتيجة المرجوة، وإنما تؤدي إلى نتيجة ضعيفة، فما دامت لديك الفرصة -يا بُنيتي- أنصح بالالتحاق بإحدى دور التحفيظ لبدء مشروع القرآن الكريم، سواء كان ذلك بالحفظ أو بالتلاوة، وستشعرين بتحسن عظيم جدًّا في حياتك - بإذن الله تعالى -.
عليك بالمحافظة -يا بُنيتي- على الصلوات في أول وقتها، فلا تُؤخري الصلاة عن وقتها مطلقًا، لأن تأخير الصلاة عن وقتها من علامات المنافقين، وأنت تريدين الآن أن تكوني مؤمنة صادقة، فإذن من أهم الأمور المعينة على ذلك أن تحافظي على الصلاة في أول وقتها.
كذلك عليك بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة، خاصة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– أخبرنا أن من صلَّى ثم قرأ آية الكرسي بعد الصلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت، فعليك بذلك أيضًا.
كذلك عليك بأذكار الصباح والمساء، فإن هذه أيضًا من الأمور المعينة، لأنها تؤدي إلى حفظك وصيانتك من كيد الشيطان الرجيم طُول اليوم والليلة، فأذكار الصباح تقولينها صباحًا بعد صلاة الفجر، وأذكار المساء تقولينها من بعد العصر إلى ما شاء الله تعالى، حتى يحفظك الله تبارك وتعالى ليلاً ونهارًا.
اجتهدي بارك الله فيك في محاولة التركيز على القراءة التي أشرت إليها، حتى تستطيعي أن توفري لنفسك حياة جديدة، وأن تتغيري إلى الأفضل، وحاولي إذا كانت هناك فعليات إسلامية كمحاضرات أو ندوات لبعض المشايخ في المساجد المجاورة، حاولي أن تحضري هذه الفعاليات، سواء كانت في المساجد أو في غيره، حتى تتعرفي على الإسلام بصورة أفضل وأوضح.
إذا أشكل عليك أمر من الأمور من الممكن أن تسألي أهل العلم كما قال الله تبارك وتعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، لا تحاولي أن تتكلمي في شيء لا تعرفينه -يا بُنيتي-، وأكثري بارك الله فيك من الاستغفار، وهذا مهم جدًّاً، لأن النبي أخبرنا وبشرنا بقوله -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجًا، ومن كل همٍّ مخرجًا).
كذلك عليك بالأذكار طول اليوم على قدر استطاعتك، ما دامت لديك فرصة استغلي كل الأوقات التي لديك في ذكر الله تبارك وتعالى، لأن الله تبارك وتعالى بيّن لنا أن الذكر من أعظم العبادات وأجلها، وكما قال سبحانه في الحديث القدسي: (أَنَا عَنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرَنِي، فإِنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي في مَلإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ اقْتَرَبَ إليّ شِبْراً اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِراعاً، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِليّ ذِرَاعاً اقْتَرَبْتُ إلَيْهِ بَاعاً، وإنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).
أسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.