الرهاب الاجتماعي جعلني لا أدافع عن نفسي فهل من علاج؟
2013-02-24 08:12:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم أن تتحملوني إن أطلت عليكم, وأعتذر عن هذا, وأشكركم على الجهود العظيمة التي تقومون بها, جعلها الله في ميزان حسناتكم.
لا أدري أين تكمن مشكلتي, فعمري 17 عاما, وأنا في السنة الأولى من سلك البكالوريا, وقد توفي والدي عندما كنت في العاشرة من العمر, وكان والدي يبلغ 85 سنة, ووالدتي -أطال الله في عمرها- لديها 7 أبناء -إخوتي- أكبرهم يبلغ 48 سنة, وأختا واحدة كبيرة, وأنا في محاولة دائمة لكي أحسن نفسي, تغيرت قليلا عن السابق بنسبة صغيرة, ومشاكلي هي:
أنني في بعض الأحيان أذهب في تفكير, أو أحلم أنني بطل, أو أنجزت شيئا كبيرا, أو مواقف لا يمكنني أن أنجزها في الواقع, وعلى ما أظن أنها أحلام اليقظة.
وفي القسم عندما أريد أن أطرح سؤالا على أستاذ, أو أن أجيب على سؤال أستاذ؛ تتسارع نبضات قلبي, وأحس بنبضات قوية, ولكن في بعض الأحيان أسأل أستاذي عند نهاية الحصة, وهنا لا تتسارع نبضات قلبي, وهذا يحدث في المواد العلمية فقط, أما المواد الأخرى فلا أطرح سؤالا للأستاذ, ولا أجيب على سؤال أستاذ, حتى لو كنت أعرف الجواب.
كنت في السابق عندما أرغب أن أعرض رأيا على أستاذ فإنني أتردد (هل أقول له أم لا أقول له) هكذا حتى يغير الأستاذ الموضوع, أما الآن فلا أفكر حتى بالتحدث مع الأستاذ خلال الحصة, وإذا أردت أن أتكلم معه في موضوع ما فإنني أترك ذلك لنهاية الحصة, وذلك الموضوع يكون قد تحدثوا عنه خلال الحصة.
وعندما نذهب إلى المادة الإنجليزية نكون نحن 9 في القسم, وهم أصدقائي وأعرفهم (حيث أفراد القسم الآخرون يكونون في مادة اللغة الإسبانية) وفي قسم المادة الإنجليزية أتحدث مع الأستاذ, وأطرح عليه الأسئلة, وأجيب على الأسئلة, ولا تتسارع نبضات قلبي, أما في أقسام أخرى -أقصد حين نكون مجموعين- فلا أفعل كما أفعل في قسم المادة الإنجليزية.
ولا أتكلم مع الفتيات, وهذه المشكلة لا أرغب في حلها, ولكن عند التفكير أرى أنه من الأحسن حلها؛ لأنني أخشى أن تكبر معي هذه المشكلة, وأن تؤثر علي في المستقبل, فقصدي هو علاج هذه المشكلة, لا أقل, ولا أكثر.
أذكر مرة أن فتاة في القسم سألتني عن اسمي, وهنا احمر وجهي, وتسارع نبض قلبي, وأدخلت وجهي في الطاولة, وكنت مشوشا, وأسأل نفسي لماذا احمر وجهي؟!
أما في مواقف العراك, أو إذا اعتدى علي أحد من الناس فيدافع عني بعض أصدقائي, حتى لو كان المعتدي صغيرا في السن, فعندما أواجه المعتدي وحدي تتسارع نبضات قلبي, ويصبح تنفسي صعبا.
أما العلاقات الاجتماعية فهي محدودة, ولا أستطيع الحديث في وسط فيه أناس لا أعرفهم, أما الأصدقاء حتى لو كانوا 100 صديق فأتحدث معهم.
مع العائلة في السابق كنت لا أتحدث في جو عائلي كبير, أما الآن فقد تحسنت حالتي بعد عدة انتقادات من العائلة, ولا أتحدث مع أمي, لا أقصد الحديث العام, بل لا أخبرها بما وقع مثلا في المدرسة والطريق, ولا أحكي لها ما حدث لي حتى لو كان سيئا.
في بعض الأحيان أشعر أن أشخاصا ينظرون إلي عندما أتكلم مع صديق أو أمشي لوحدي.
أسمع تعليقات من بعض أفراد العائلة, ومن بعض الأصدقاء, كـ أنت معقد, وأعلم أن هذا الوصف لا يدل علي, ولكن يدل على سلوكي.
لذا أريد أن أتغير, وأبني مستقبلا جيدا.
أرجوكم صفوا لي أين تكمن المشكلة؟ وهل من علاج مناسب؟ وأود أن أعالج نفسي قبل فوات الأوان ويصبح علاجا صعبا.
إنني في بداية 17 من عمري وأريد أن أتغلب على مشاكلي بنفسي, ولا أدخل الأدوية, فربما تتحول المشكلة إلى مشكلة عضوية, وهل يجدي معي (مولد السلوك الجديد)؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا.
إن ما وصفت في سؤالك حالة نفسية معروفة جدا نسميها عادة "الرهاب الاجتماعي" وهي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس, وفي بعض المناسبات كالحديث مع المعلمين، وقد يشعر الشخص باحمرار الوجه, وتسارع ضربات القلب، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط، أو يتحدث مع المعلم على انفراد.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية كالتعرق والإحساس وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الشخص بالإسراع للخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس؛ لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق, ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع, وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
وفي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه, فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاول أن لا تتجنب الأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك كالحديث مع المعلمين؛ لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، بل على العكس، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.
وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطع السيطرة عليها فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، يمكن أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
وإن كنت أشعر بأنك ستقوم بتجاوز هذا من نفسك، وخاصة أنك استطعت السيطرة على هذه المشكلة في بعض جوانب حياتك الأخرى.
والله الموفق.