أمي تعاني من الشكوك والظنون منذ 10 سنوات.. فهل من علاج؟

2013-01-15 09:08:15 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد استشارة بخصوص أمي، فهي تعاني منذ عشر سنوات من شكوك في الناس حولها بسبب مشكلة بينها وبين جارتنا؛ حيث حدثت مشاجرة بيننا وبين جارتنا، فتركت جارتنا شقتها، وأمي تضع في ذهنها أن جارتنا ستنتقم منها، وأنها سلطت عليها محاميا نصرانيا صديقا لعائلة جارتنا، وعنده حقد على المسلمين، ويريد أن يؤذيهم، وهذا المحامي كما تعتقد أمي عنده من الأموال ما يجعله يسلط الرجال عليها في كل مكان يؤذونها ويضايقونها بالعبارات والكلمات ويفعلون لها سحرا ويريدون إخراجها من دينها.

وقد كان المرض في بدايته في شدته لدرجة أننا كنا من أجل أن نأخذ تاكسي لننتقل من مكان لمكان ننتظر الكثير في الشارع لشكها في هذا التاكسي، وقد رفضت أمي العلاج بشده لا يمكن وصفها فهي لا تقتنع أنها مريضة وتغضب جدا إذا تحدثنا معها بخصوص ذلك الأمر.

ولكن الآن هدأ الأمر جدا لديها، ولكن لم ينته، وهي متأقلمة مع مرضها، وتعيش عاديا تأكل وتشرب، وتضحك، وتتابع المسلسلات، ولا أعلم هل هذا بسبب انشغالها بمرض أختي وخوفها أن لا تستطيع الزواج والإنجاب لأن أختي مرضت بالذئبة الحمراء، وغيرت مفاصل أيضا بسبب الكورتيزون.

كنت منذ حوالي سنتين استشرت طبيبا وأعطيت لها دواءً في كوب الشاي يوميا مدة شهرين أو أقل، ثم توقفت عن ذلك، هل لابد أن أعالجها؟ وكيف؟ وهي ترفض العلاج، مع العلم أني متزوجة، وعندي طفل، وأسكن في منطقة إلى حد ما بعيدة، ويصعب أن أذهب إليها يوميا، فهل هناك علاج أسبوعي مثلا، وإذا لم أعالجها فهل هناك خطر؟

وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، أسأل الله تعالى العافية لوالدتك، وجزاك الله خيراً على اهتمامك بها.

فقد فتح الله تعالى لك باباً من أبواب البر، وأنت تدخلينه آمنة -إن شاء الله تعالى- وصفتك طيبة وواضحة لحالة والدتك، هي تعاني من مما نسميه بالضلالات الاضطهادية أو الظنانية، وهذه في بعض الأحيان تكون جزءا من مرض الفصام، لكن -الحمد لله تعالى- المكونات الأخرى لمرض الفصام غير موجودة لدى والدتك، حيث إنها تعاني فقط من هذا الفكر الظناني والمطبق، وليس هنالك سلوكيات أخرى تدل على وجود مرض الفصام، حيث إن شخصيتها مكتملة البناء، وهي متعايشة تماماً مع الحياة، مثل هذا الوضع تسميه بازدواجية التوجه، ويقصد بذلك أن المريض لديه جزء مريض يتعامل مع العالم الخارجي حسب المكون المرضي، ولديه جزء صحيح وصحي هذا هو الذي يجعله يتطبع ويتواؤم مع من حوله.

هذه الحالات تعالج -إن شاء الله- بصورة ممتازة، ولكن الإشكالية كما ذكرت وتفضلت هو رفض المريض للعلاج والرفض ليس بمستغربا، بل هو تأكيد للتشخيص، من قبل أن يقال له أنك متوهم، وأنك ظناني، وأنك فصامي لا شك أن هذا ينفي وجود المرض، لكن من يصر أن رأيه صحيح خاصة أن والدتك لديها ما يعرف بتتابع الظنان وتتابع الظنان، أي أن الفكرة تتوسع وتبنى عليها فرضيات أخرى، رأيها حول المحامي غير المسلم، وما تبعها من أفكار وارتباطات، هنالك تتبع ظناني واضح جداً.

موضوع العلاج: أعتقد أن والدتك تحتاج إلى شخص من الأسرة، أو من الجيران أو صديقة لها لتتحدث معها في خصوصية شديدة ولا تشعرها بأنها مريضة، تقول لها نلاحظ أنه لديك بعض الإجهاد النفسي، هنالك أمور تشغلك، ربما يكون فيها حقائق كثيرة، لكنها حساسة، فهذا الموضوع شغلك، وهذا الإجهاد فيه نوع من الاكتئاب النفسي البسيط، وهكذا من خلال هذه اللغة البسيطة والحذقة يمكن إقناعها، بشرط أن لا تكون هنالك تدخلات من أعداد أو أفراد كثر، شخص واحد يحترمها وتحترمه، وتقدر كلامه، أعتقد أنه يستطيع أن يقنعها أن تذهب إلى الطبيب، هذا منهج أنا شخصياً أتبعه، وقد وجدته جيداً.

الطريقة الأخرى بالطبع هي أن تعطى أدوية دون علمها هذا فيه الكثير من التساؤل الأخلاقي، لكنه مقرر حقيقة مادام الأهل يوافقون على ذلك، ومادام قد أوكد أن هذا الشخص مريض، هنالك أدوية كما ذكرت يمكن تضع في العصائر، وهنالك بعض الإبر التي تعطى مرة كل أسبوعين مثلاً، والبعض يقول للمرضى هذه نوع من الفيتامينات وخلافه، وبعد أن يدرك إدراكا تاما بعد ذلك يمكن أن نتعاون مع العلاج.

فإذن الطرق متيسرة، -وإن شاء الله تعالى- سوف تعالج، المهم هو أن لا يكون هنالك نوع من التقاعس حول هذا الموضوع، لأن هذه الحالة يمكن علاجها، وهي تسبب أزمة حقيقة لوالدتك، لا تعتقد أن الوالدة مرتاحة حين تأتيها هذه الأفكار الاستحواذية المتصلة بأفكار ظنانية متسلطة تنكد عليها كثيراً، وفي ذات الوقت لاشك أن الأمر مزعج بالنسبة لكم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

www.islamweb.net