الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راجي الرحمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.
أنت قد عرضتَ حالتك بصورة ممتازة جدًّا، وأعتقد أن الذي لديك هو الجانب التركيزي الذي يحركه القلق، لذا تجد أن هنالك تشتتاً في فكرك، وهنالك تسلط أفكار ليست ذات أهمية كبيرة أثناء ما تقوم به من عمل جاد كالصلاة (مثلاً) وهذا نشاهده لدى أصحاب القلق النفسي، وربما يكون لديك بعض الاكتئاب البسيط، وربما تكون أيضًا هنالك جوانب وسواسية. إذن مثل هذه الحالات أنا أعتبرها قلقاً وسواسياً اكتئابياً من الدرجة البسيطة جدًّا.
وهنالك أيضًا ملاحظة علمية، وهي أن الذين عانوا من فرط الحركة وضعف الانتباه أثناء الطفولة ربما يكونون أيضًا عُرضة لمثل هذه الأعراض حين يكبرون، لا أقول أن ذلك ينطبق عليك، لكن وددت أن أذكرها فقط كحقيقة علمية مهمة، إذن أيها الفاضل الكريم: هذا هو وضعك من الناحية التشخيصية. فما هو العلاج؟
العلاج بالطبع مهم، قبل أن أتحدث عن العلاج الدوائي، أولاً: لابد أن تتذكر الخير والنعم والأشياء العظيمة التي أنت فيها، لابد أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، لابد أن تكون صاحب منطق، لابد أن تزود نفسك بالمعارف العلمية، هذا يزيح تمامًا الفكر التشتتي، وتحس أن الأمور أصبحت تأتيك بجوهرها وجمالها وأناقتها، وهذا يجعلك أكثر تركيزًا.
ثانيًا: عليك أن تمارس الرياضة، الرياضة ممتازة جدًّا وتحرك الطاقات النفسية والجسدية، وتنظم كيمياء الدماغ مما يجعلها في حالة من الاستقرار والسكينة، وهذا ينعكس عليك إيجابيًا من حيث القلق والتوتر وكذلك طريقة التفكير.
ثالثًا: تمارين الاسترخاء أيضًا هي مهمة جدًّا، وضرورية جدًّا، فأرجو أن تطبقها، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم: (
2136015) أرجو أن ترجع إليها وتطبق ما بها من تعليمات.
رابعًا: يجب أن تستشعر أهمية الأمور، مثلاً أثناء الصلاة حاول أن تلتزم بما تتطلبه الصلاة الخاشعة، أن تنظر إلى موقع سجودك، أن تتدبر فيما يقرأه الإمام، هنالك انتباهات كثيرة جدًّا يمكن للإنسان أن يستفيد منها، يركز على الأمر الجوهري، ويطرد الأفكار الدخيلة والتي تشوش عليه، ومن أجمل ما قرأته حول الصلاة ما ذكره أحد التابعين – وأظنه حاتم بن الأكوع – يتكلم عن الخشوع في الصلاة، فيقول: (حين أتوضأ وضوئي وأدخل في صلاتي أنظر وأرى كأن عرش ربي أمامي، والجنة عن يميني، والنار عن يساري، وملك الموت خلفي) انظر إلى هذا التابعي كيف أنه حاصر نفسه بهذه المفاهيم العظيمة حتى يركز في صلاته، فاستشعار أهمية الأمر يرفع من درجة تركيز الإنسان وانتباهه. هذا مهم جدًّا، وأنا أنصحك به.
الأمر الآخر في موضوع الأدوية: الإفكسر دواء جيد جدًّا (حقيقة) لعلاج القلق والاكتئاب والتوتر وحتى الوساوس، وأنا أنصحك بأن تستمر عليه. فعالية الأدوية كثيرًا ما تتأخر، وفعالية الأدوية لا تُدعم إلا من خلال الآليات السلوكية مثل التي ذكرناها، خذ الأمر كرزمة واحدة. كثير من الإخوة والأخوات يقعون في الخطأ أن الطبيب إذا وصف الدواء هذا هو العلاج السحري والمفتاح الذي سوف أدخل من خلاله على التعافي. هذه النظرية يجب أن نكون متحفظين حولها، لذا الأدوية في بعض الناس تفشل، وهذا أعطى فرصة لبعض الدخلاء على تخصص الطب النفسي والصحة النفسية بأن يقولوا للناس لا تتناولوا الأدوية، الأدوية غير مفيدة، الأدوية إدمانية، (وهكذا).
فأنا أرى أنك - إن شاء الله تعالى – إنسان مفكر ومدبر، فأرجو أن تأخذ الأمور بكلياتها. استمر على الإفكسر فهو طيب وجميل، وأعتقد أن فعالية الدواء ربما تكون تأخرت قليلاً لكنها سوف تأتي، وجرعة المائة وخمسين مليجرامًا جرعة جيدة، وأنا أقول يجب عليك أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تخفضها تخفيضًا تدريجيًا (خمسة وسبعين مليجرامًا) مثلاً، أو حسب ما يراه طبيبك.
الأوميجا لا بأس به كإضافة جيدة، لكن أعتقد أن الجرعة ربما تحتاج أن تخفضها إلى حبة صباحًا ومساءً، حبتين لا بأس به، لكني أريدك أن تعتمد على الأمور السلوكية أكثر التي ذكرتها لك، وأيضًا عليك بالتنظيم الغذائي، وأن تأخذ قسطًا كافيًا من الراحة. الراحة مهمة أخِي الكريم، خاصة النوم المبكر، النوم المبكر يجعل صاحبه يحس أنه في سكينة وفي استقرار تام، خاصة في فترة الصباح؛ لأن خلايا الدماغ لا يتم ترميمها ترميمًا ممتازًا وجيدًا إلا من خلال النوم الصحيح.
بارك الله فيك - ورسالتك طيبة – وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.