ما هي آثار مرض الفصام الذهاني.. وما علاجه؟
2013-01-23 08:41:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود التقدم لخطبة فتاة، فاكتشفت أنها مصابة بمرض الفصام الذهاني، مع نوبات الصرح النفسي الحركي.
هذا ما توصلت إليه بعد قراءاتي عن أعراض المرض، ومقارنتها بالحالة والأعراض المشاهدة عليها، وقد أكون مخطئاً.
بدأت الأعراض منذ 4 سنوات، علما بأن عائلتها يظنون بأن ما يصيبها هو نوع من المس الشيطاني! هل هناك أمل في شفائها وتحسن حالتها؟
إليكم بعض ما شاهدته:
تعيش في أوهام تخالها حقيقة، بالإضافة إلى الضلالات التي تعتريها، مع وخز في الجسم وتنميل، وهلوسة سمعية وبصرية، وحساسية النقد، واضطراب النبضات، والبرودة الشديدة في الجسم، مع أن الغرفة معتدلة البرودة، وحرارة الظهر، فهي تقول إنها ممسوسة، وإنها رأت الجن الذين بداخلها، وتحدثت معهم.
تظن بأن الجميع متآمر عليها، لديها القهقهة المفاجئة مجهولة السبب! والإحساس بأنها شخص غريب عن أهلها تماماً، وأحياناً تألف الأماكن التي لم تمر بها على الإطلاق مسبقاً، لديها الخوف، وتشعر بأن أحداً ما يلاحقها، نسيان الأشياء القريبة، والحرارة في الظهر.
كذلك لديها الغيرة الشديدة المفرطة، وشحوب الوجه، وتغير لون الجلد، والدخول في حوار دون إنهاء السابق من غير شعور منها, أو الدخول لموضوع بموضوع آخر، والسرحان.
ما مدى تأثير ذلك المرض على الحياة الزوجية، وعلى احتمالية إصابة الأطفال بالمرض؟ وكيف يتم علاجها؟ وماذا أفعل؟ وهل هناك وصفات تقدمونها تخفف من حدة المرض؟ بحيث تكون الوصفة الحد الأدنى لأي مريض بهذا المرض، ريثما نذهب بها لطبيب.
أرجو منكم الإفادة.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الملك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بهذا الموضوع الذي يهمك.
بالطبع ليس من المستحسن أبدًا أن نضع من جانبنا تشخيصات على شخص لم نقم بمعاينته أو الفحص عليه، كما أنه لم يتواصل معنا مباشرة، وهذا لا يعني أننا لن نُسدي النصح لك، على العكس تمامًا، سوف نقول - إن شاء الله تعالى – ما هو مفيد، بشرط ألا نتجاوز الضوابط الأخلاقية والطبية المتعارف عليها.
بغض النظر عن من هو المريض: كل من تنطبق عليه الصفات التي ذكرتها - وهي دقيقة جدًّا – لا شك أنه يعاني من مرض، وأقرب الظن أنه مرض الفصام، حيث إن المعايير المطلوبة لعلاج هذا المرض - خاصة فيما يتعلق بالهلاوس ووجود الضلالات – هي تعتبر ركائز أساسية للتشخيص، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: يسود في مجتمعنا - في بعض الأحيان – ما يمكن أن نسميه بالتأثيرات الاجتماعية ذات الطابع الوهمي، يعني (مثلاً) الاعتقاد الشديد المضطرب، وغير المتزن في موضوع الجن والمس، فهنالك الكثير من الخرافات حول هذا الموضوع، الحقائق موجودة ومعلومة، لكن حين يأتي الأمر للغيبيات تجد أن عقول الناس وأفكارهم تُصبح خصبة جدًّا، وتحصل هنالك إضافات وتشعبات.
أخِي الكريم: المعتقد المجتمعي نفسه ربما يعطينا صورة مشابهة جدًّا للمرض العقلي، هذا دائمًا نحن نراعيه، لذا حتى في توصياتنا في تعيين الأطباء النفسانيين نكون حرصين جدًّا أن الذين يعملون في منطقتنا يجب أن يكون لهم علاقة ببيئتنا، حتى لا تختلط الأمور، مثلاً أعرفُ تمامًا في فترة من الفترات كنت أعمل في بريطانيا، وكان هناك شاب من باكستان – جزاه الله خيرًا – حريص على دينه، وكان يتوضأ حتى في مكان العمل، فظن أحد الأساتذة البريطانيين المحترمين أن هذا الشاب ربما يعاني من وسواس قهري، فطلب منا وقال: لماذا لا تعالجونه؟ وهكذا، إذن ما في البيئة يجب أن نقدره.
أيها الفاضل الكريم: الذي أراه في موضوع هذه الفتاة هو أن تتحدث مع أحد يهمه أمرها، بأنه من الضروري جدًّا أن تعرض على الطبيب، يتركون جانب العين والسحر والشيطان جانبًا، ويُذهب بها إلى الطبيب، والطبيب سوف يقوم بتقييمها التقييم الصحيح، وإن كانت مريضة وأُثبت ذلك سوف يقوم بإعطائها العلاج، بعد ذلك أنت تستطيع أن تتخذ قرارك.
نحن لن نقوم أبدًا بوصف أي دواء لها، لأن هذا سوف يخرج من السياق والنطاق الأخلاقي، وفي ذات الوقت ربما يشوه الأمور أكثر مما يُصلحها.
أيها الأخ الكريم: أنت تُشكر (حقيقة) على ميولك ألا تتخلى عن هذه الفتاة، وهذا هو الذي استنتجته من رسالتك، لكن أنصحك تمامًا بأن تقيم هذه الفتاة تقييمًا طبيًّا نفسيًّا، ومن ثم يؤخذ بالرأي الذي سوف يُدلي به الطبيب الذي سوف يقوم بعلاجها.
بالنسبة لمآل الأمراض النفسية والعقلية ومرض الفصام: ليس هنالك مآل واحد، هنالك عدة مآلات، نحو ثلاثين بالمائة من المرضى بصفة عامة يمكن علاجهم وشفاؤهم، ونحو أربعين بالمائة يظل المرض يراودهم، لأن مرض الفصام له صفات انتكاسية في بعض الأحيان، لكن هؤلاء يتعايشون مع مرضهم، ويدبرون حياتهم بصورة معقولة جدًّا ما داموا يتناولون علاجهم، وأعرفُ كثيرًا من الزوجات على هذا الوضع، وهنالك نحو ثلاثين بالمائة يكون المرض مطبقًا ومعطلاً، ولا أعتقد أن هذه الفئة تستطيع أن تتحمل مسؤولية الزواج، هذا بصفة عامة - أيها الفاضل الكريم -.
أما بالنسبة للتأثير على الذرية: فنستطيع أن نقول إن هناك تأثيراً لكنه ضعيف وضعيف جدًّا، ولا نعتبره مهمًّا إذا أُحسنت تربية الأولاد.
إذن هذا هو الذي أنصحك به، وعلاجها - إن شاء الله تعالى – متيسر ومتوفر، والآن توجد أدوية صحيحة تمامًا، لكن يجب أن يوضع التشخيص على أسس مهنية طبية نفسية رصينة، ومن جانبي أقول لك - أخي الكريم الفاضل - : بارك الله فيك على طرح هذه الاستشارة، والتي أعتبرها من الاستشارات الجيدة جدًّا، وأرجو أن تأخذ إجابتي باقتناع وسعة صدر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.