كيف أتصرف إذا جاء شخص ما وطلب رقم هاتفي أو أراد أن يتعرف علي؟
2012-11-25 10:06:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله..
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة، أدرس بالجامعة، ومتفوّقة في دراستي – والحمد لله -، أصلّي وأحاول قدر استطاعتي الالتزام بملابس محتشمة رغبة برضا ربّي.
أوقفني شاب يدرس معي، وطلب مني التّعارف، ولكني رفضت، على أساس أنني لا أكوّن علاقات غير شرعية مع الشباب، وحاول مرّتين ثانيتين أن يعيد طلبه، ولكننّي لا أعطيه الفرصة للحديث وأنصرف، ولا أنكر أننّي أتصرّف بشكل قاس إلى حدّ ما.
فقد سبق لي في مرّات سابقة أن حاول بعض الشباب طلب معرفتي، وفي كلّ مرّة أرفض بشكل قاس، كأن أقول: دعني وشأني، أو أن أصمت دون مبالاة به، وأتصرّف بتسرّع وبشكل لا إرادي، لدرجة أنني أحس بعد فوات الموقف أنني كنت قاسية على الشاب، وأندم على تصرفي، وأقول كان عليّ أن أجيب بشكل لبق ومؤدّب، وأندم ندما شديدا.
فمرّة من المرّات كنت في سيّارة أجرة كبيرة في اتّجاهي للجامعة، ثم أوقف السيّارة شابان وركبا، وطول الطريق كانا يتحدثان، وكان يبدوا من بعض ما سمعته منهم أنهما عاقلان، وليسا من الشباب المستهتر والتافه، وعندما وصلا لمكان نزولهما، طلب مني الشاب الذي كان جالسا بجانبي أن أعطيه رقم هاتفي بسرعة قبل أن ينزل صديقه، وأكملت أنا طريقي في سيّارة الأجرة، ولكني في الحقيقة فوجئت بطلبه كونه لم يحدّثني ولم يعاكسني أو يزعجني بالنظر إطلاقا طيلة الطريق، ولم أجبه، وكأني لم أسمعه، وانصرفا، وأكملت سيري في السيّارة، ورأيته من النافدة، وتبدو عليه ملامح الخيبة والأسى، ولا أنكر أنه كان يبدوا محترما وملتزما، وأحسست أنه قد أعجب بلباسي المحتشم، فلم يطل النظر في، فلقد عانيت بعد ذلك الموقف كثيرا.
وكلما أتذكره ينتابني ندم، وأقول لمَ لم أعطه الّرقم فقط لمعرفة ما يريد، ثم أوضح له بأني لا أقبل بعلاقة غير شرعية، ثمّ أرى مراده، لماذا أتصرف أنا دائما بعجلة ولا أفكر؟
لماذا أطرد كل من يتقدّم لمعرفتي؟ وأرفضه قبل التفكير؟ وفي كثير من الأحيان أرفض الشخص بناء على شكله، لأني لا أعرف أخلاقه، وبعد الرفض أكتشف أنه قد يعجبني، أو أجد فيه ما يعجبني من حسن خلق أو علم أو ما شابه.
آسفة على الإطالة، ولكنّي أحتاج لمن يفهم مشكلتي فيساعدني، وسؤالي باختصار هو:
كيف أتصرّف في مثل هذه المواقف؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونحن سعداء جدًّا بهذا الحرص على الخير، وبهذا العفاف والطهر الذي عندك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وسوف يأتيك ما قدره الله تبارك وتعالى، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، والعفيفة مثلك مطلب فعلاً للفضلاء والكرام، ونسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يُكرمك ويعرف قدرك ومكانتك، واعلمي أن الفتاة عندما تتأبى على الشباب وتلوذ بعد الله بإيمانها وحيائها وحشمتها وحجابها يظل الرجل يتعلق بها أكثر، فالأمر ليس كما يفهمن بعض الفتيات أو النساء من أن التنازلات والضحكات والخضوع في القول والتبرج يجلب لها الزوج أو يلفت أنظار الشباب إليها.
هذا طبعًا يلفت الأنظار، ولكن هؤلاء لا يرضون هذه أُمًّا لعيالهم، أو أمينة على دارهم، فبإمكان الشباب أن يقضوا معها بعض الوقت، لكنهم لن يختاروها أُمًّا لأبنائهم أو أمينة على بيوتهم، وإذا اختاروها فلن تجد عندهم الراحة، ولن تجد عندهم القبول، لأنهم سيشكون فيها، ويتذكروا أنها كانت متبرجة وكانت مستهترة، وأنهم وصلوا إليها بسهولة.
ودائمًا المرأة التي تتأبى على الرجال، وترفض التنازل عن كرامتها، وفتح الحديث معهم والابتسامة في وجوههم، هؤلاء يتعلقون بها أكثر، ويتمنى كل واحد منهم لو تكون أُمًّا لعياله.
ومن هنا نحن نقول: الرجل يهرب من المرأة التي تجري خلفه وتقدم التنازلات، قد يشاركها الضحكات، لكنه لن يختارها، وإن اختارها اختارها على مضض وتحت اضطرار، ولن يُكرمها، ولن يقدرها، وربما قال لها مع أول موقف: (أنتِ التي كنت تجرين خلفي وأنا كنت لا أريدك)، أما المرأة التي تلوذ وتمتنع وتتأبى فإن الرجل يجري خلفها.
يعني باختصار نستطيع أن نقول: أن الرجل يجري خلف المرأة التي تهرب منه، ويهرب من المرأة التي تجري خلفه وتقدم التنازلات، وهذا الدين أراد للفتاة المسلمة أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، والمرأة إذا رفضت التنازل عن كرامتها، ورفضت الضحك مع الشباب، والاختلاط بهم، والتساهل معهم، وتقديم التنازلات، فإن منزلتها ترتفع عند الشباب، منزلتها ترتفع عند أهلها، منزلتها – قبل ذلك – عند الله، لأنها على الطريق الذي يُرضي الله تبارك وتعالى.
ولا مانع إذا طلبك شاب وأراد أن يتكلم معك أن تقولي: (عمي فلان، وخالي فلان، فعليك أن تأتي البيوت من أبوابها، ليس عندي مانع، ولكن أنا لا أكلم الشباب، ولكن إذا أردت فاطرق باب أهلي، وأبي فلان، وأخي فلان)، إذا أراد أن يطلب يدك بهذه الطريقة الشرعية، فيأتي البيوت من أبوابها.
وأمثال هؤلاء الشباب المؤدبين فقط ربما يريد معرفة ذلك عندك، وليس من الضروري أن تعطيه رقم هاتفك، لكن يمكن أن تعطيه هاتف الأخ أو الأب أو العم أو الخال أو أي محرم من محارمك من أجل أن يتواصل معهم، حتى لو أعطيته رقم الوالدة، وأخبرت الوالدة بالخبر، وتكلم معها بالهاتف فلا حرج في ذلك إذا كنت لا تستطيعين أن تُعطيه هاتف أي محرم من محارمك خوفًا من الحرج.
لذلك نحن دائمًا نقول للفتاة إذا شعرت أن الشاب يميل إليها، أو يرغب فيها، أن تقول: (عمي فلان، وخالي فلان، وبيتنا في المكان الفلاني، وهذا هاتف خالي وهاتف عمي) يعني محارمها، إذا أرادها يطلبها عن طريق محارمها، فإذا حصل الوفاق، بعد ذلك تتاح له النظرة الشرعية، ويجلس معك، ويتحاور معك، ويتعرف عليك وتتعرفين عليه، بعلم الأهل، تحت سمعهم وبصرهم، في هذا المسعى الشرعي، فإن الإسلام لا يمنع التعارف ولكن يجعل هذا التعارف على أسس وعلى قواعد، لا يمنع هذه العلاقات لكن لابد أن تكون معلنة، تكون شرعية بعلم الأهل، هدفها الزواج ليس هدفها الضحك أو تمضية للوقت، ولذلك الإسلام دين عظيم جدًّا.
فإذا تكرر معك مثل هذا الموقف، ولا مانع أن يكون لك كرت فيه رقم الوالد أو رقم العم، وتقولي له: (تفضل، إذا كانت لك رغبة، هذا عمي، هذا خالي، هذا رقم الوالدة، تواصل معهم، وعرف بنفسك، وعرف بأهلك)، بعد ذلك يقولوا له: (مرحبًا بك، نريد أن نعرف عنك، ما هي أسرتك؟)
ثم بعد ذلك يأتي بأهله، يأتي بأمه، يأتي بأعمامه، يأتي بوالده، فإذا حصل الوفاق وحصل القبول والتعارف عند ذلك تُكملوا هذا المشوار على هدى من الله ونور.
واعلمي أن هذه المواقف ستكسبين منها كثيرًا، ولن تخسري، ولكن مثل ما قلنا: لست مطالبة بأن تكوني قاسية، ولكن لابد أن تكوني حازمة، فالحزم مطلوب في المرأة ولا تقدم أي تنازلات، لو قال: (دقيقة نتفاهم)، قولي: (التفاهم ليس معي أنا، أنا امرأة لي محارم، والبغيُّ التي تُزوج نفسها)، والمرأة ينبغي دائمًا أن تُحيل إلى محارمها، وهذا كما قلنا تربح به الدنيا والآخرة.
نسأل الله أن يُكثّر من أمثالك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله لك يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.