أريد العمل كمتطوعة في جمعية خيرية للأيتام.. ما توجيهكم؟
2023-05-11 02:43:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا خريجة جامعية، وأريد أن أشتعل متطوعةً في جمعية خيرية للأيتام، واتصلت بالمديرة وكلمتها، ولم تعطني تفاصيل عن الشغل، لكنها قالت لي: هناك برنامج سنعمله، حاولي التجهز بمسابقات..، لكني لم أستطع الذهاب؛ لأنه ليس عندي سيارة، واعتذرت منهم، وبعد ذلك كلمت المديرة، فقلت لها: أنا ليس عندي مواصلات، أريد سائقاً على حسابي، وأحتاج راتباً رمزياً لأسدد للسائق فقالت: طيب، ولم تخبرني بطبيعة العمل في الجمعية، وأنا أحس بأني ضائعة؛ لأنه ليس لدي معرفة بالجمعيات الخيرية، وليس عندي أي خبرة في هذا المجال.
أحب أن تعطوني خلفيةً عنها، وما هي حقوق وواجبات المتطوع؟ وهل يتم توقيع عقد بين الجمعية والمتطوع أم لا؟ وما هي الطريقة المناسبة للتعامل مع المديرة والموظفات؟ مع العلم أني إنسانة طيبة، لكن صرت أخاف أن يستغل أحد طيبتي.
مع العلم أنه بعد فترة أتمنى أن أتوظف في نفس الجمعية، ولا أعرف كيف أطلب منهم ذلك؟ علماً أني رضيت حالياً أن أشتغل بدون راتب، أرجو الإفادة.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المعتزة بدينها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بدايةً: نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك حقيقةً هذا الإصرار على خدمة الأيتام والعمل في هذا العمل العظيم الذي يكفي الإنسان شرفاً فيه أن يسمع، وأن يعلم، وأن يطمع في أن يفوز بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين).
والأعمال التطوعية عمومًا لها فضل عظيم، والتطوع لا ينفصل من عمل المسلم الذي يرجو الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى، والتطوع عبارة عن خدمة مادية، أو بدنية، أو علمية، أو ثقافية يؤديها الإنسان دون أن ينتظر الأجر، أو دون مقابل يرجوه، وهذا المعنى جميل جدًّا؛ لأن المسلم يرجو ما عند الله تبارك وتعالى، ودور النساء في العمل التطوعي -ولله الحمد- كبير، سواءً كان في بلاد المسلمين أو في غيرها، وأول من نأخذ عنهم هذا العمل هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم– بل نستطيع أن نقول: إن زينب بنت جحش -رضي الله عنها وأرضاها– كانت كما قالت عائشة: (ما رأيتُ امرأة خيرًا في الدين من زينب، وما رأيت امرأة أشد ابتذالاً لنفسها من العمل الذي تصدقت به من زينب) -رضي الله عنها وأرضاها-، وفي رواية: (ما رأيتُ امرأةً خيرًا في الدّين من زينب، أتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقةً،) فقد كان تطوعها من لون عجيب، فكانت تنسج وتبيع وتتصدق.
ولذلك كانت أطول أمهات المؤمنين يدًا، وكانت أول نساء النبي -صلى الله عليه وسلم– لُحوقًا به عليه صلوات الله وسلامه.
فشرف للإنسان أن يفكر بهذه الطريقة، وأن يسعى في خدمة الآخرين، لأن هذا يدل على أنه يحمل روحاً طيبةً، وهكذا ينبغي أن تكون المؤمنات، وخاصةً الفتيات؛ لأن للإنسان فراغ ينبغي أن يستخدمه في مثل هذه الأعمال التطوعية الشريفة التي يعود نفعها على المجتمعات، وعلى مثل هذه الفئات التي أوصى بها رسولنا -عليه صلوات الله وسلامه– خيرًا، فقال: (أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) وجاءت أحاديث كثيرة تدل على شرف مثل هذه الأعمال.
وكذلك الأعمال الخيرية والمؤسسات الخيرية في بلادنا التي نفخر بها تقوم بأدوار كبيرة حقيقةً في هذا الجانب -جانب العمل التطوعي-، وتربي الشباب على هذا المعنى العظيم، والإنسان يستفيد جدًّا؛ لأن العمل التطوعي يعود بالإيجابية، ويعطي الإنسان خبرات وعلاقات وتجارب ثقافية، ويجعل الإنسان يستفيد من طاقاته ويكتشف مواهبه، وينجح في العمل الجماعي مع فرق العمل، ويتعرف على الآخرين، ويستطيع أن يجد السعادة أيضًا في قمتها؛ لأن الإنسان إنما يسعد بخدمته للآخرين.
ولا شك أن هذه الجمعيات الخيرية من طبيعة أعمالها أنها تقوم على الجانب التطوعي، حتى من يأخذ فيها راتباً يشعر الإنسان أنهم يعملون أضعاف ما يأخذون من الرواتب، وإلا فهي لا تكون جمعيات تطوعية إلا بهذا المعنى، بأن يُقدم الإنسان أكثر مما يأخذ، وأكثر مما ينتظر، بل إن العمل التطوعي ليس له مقابل، فأحيانًا يُعطى في شكل مكافآت، أو شهادات تقديرية، أو تهيئة للإنسان لقبوله في وظائف رسمية، كالطريقة التي تفكرين بها.
وأعتقد أن هذا سهل، عليك أن تعملي، وأن تثبتي نجاحات كبيرة، والتفاني الكبير في العمل، والحرص على نفع الأيتام، والحرص على بذل المعروف، والحرص على الاستفادة من الأوقات التي عندك، وحسن التواصل مع المسؤولات في الجمعية، فتحترمين المديرة، وتحترمين الكبيرات، وتستفيدين من خبرة من سبقنك إلى هذا العمل، وتُجيدين فنون التعامل مع كل من حولك من الأخوات.
كذلك ينبغي لمن يعمل في مثل هذه الأعمال التطوعية أن يكون عنده روح الخير والتضحية، والحرص على خدمة هذه الفئة التي أوصى بها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.
ولا شك أن الإنسان عندما يدخل ساحة هذا العمل ينبغي كذلك أن يكون عنده أخلاق حسنة يتعامل بها مع الناس، ينبغي أن تكوني سليمة الصدر لأخواتك، ينبغي أن تُحسني مقابلة من يأتوا إلى الجمعية، لأن الإنسان ينبغي أن يشعر أنه يمثل هذه الجمعية بحسن مقابلته واهتمامه وبحيويته وبحفاوة من يحضر، وبحرصه على خدمة الآخرين، والذين قد يكون فيهم المرأة الكبيرة التي لم تتعلم، قد يكون فيهم الرجل الكبير الذي يحتاج إلى مؤازرة، قد يكون فيهم المحتاج الفقير الذي يحتاج قبل الدعم المادي إلى الكلمة الطيبة، وهذا كله مما يعيشه أهل الجمعيات الخيرية، هذه المؤسسات التي نفاخر بها، ونفخر بما تقوم به من أعمال كبيرة في هذا الميدان.
نحن نشكر لك هذه الروح، ونشكر أيضًا لمديرة الجمعية هذا التجاوب، ونتمنى أن تجدي عندهم التشجيع والمؤازرة والمناصرة حتى تُحققي نجاحات في هذا العمل.
أما بالنسبة لمسألة التوظيف؛ فلا ننصحك بالاستعجال بأن تكلميهم الآن، لكن عليك أولاً أن تُثبتي النجاح والحرص والتضحية والبذل من أجل العمل، وكذلك أن تثبتي أن عندك روحاً خيّرةً تصلح لمثل هذه الأعمال، وعند ذلك سوف يبادرون هم بطلبك للوظيفة، أو لأن يطالبوك بأن تكوني موظفةً رسميةً عندهم، وهذا من أهداف العمل التطوعي سواءً كان للمتطوعة نفسها، أو للجهات التي يستقبل المتطوعين، من خلال هذه الأعمال التطوعية تكتشف قدرات ومواهب ومؤهلات الذين يعملون في صحبتها، وأرجو أن تعلمي أن العمل تطوعي، وأنك -ولله الحمد- بدأت بنية طيبة، فاحتسبي الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى.
وإذا كان الإنسان يرجو الثواب من الله، فإنه لابد أن يحتمل الصعوبات التي تواجه في طريق العمل، وأنت -إن شاء الله تعالى– أهل لهذه الروح، ونكرر شكرنا لك على هذه الرغبة، ونتمنى أن تتواصلي معنا بعد أن تتواصلي مع الجمعية وتستلمي العمل، حتى نعطيكم توجيهات محددة وفق الوظيفة التي طُلب إليك أن تقومي بأدائها، ونسأل الله أن ينفع بك بلاده والعباد.