أختي الصغرى تكذب ومستواها الدراسي في تدني!
2012-11-19 12:37:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي عمرها عشر سنوات، وهي كاذبة من الدرجة الأولي، ضربتها ونبهتها وفعلت كل شيء لها، ولكن دون فائدة، تخترع أنواع الكذب ولا تعجز، ومحيطها فيه من الأولاد غير المربين.
غيرنا مدرستها عدة مرات، ودون فائدة ترجي، أضف لذلك تدني مستواها العلمي، لأنها دائما مشتتة ولا تركز ولا تحفظ ما يقال لها، وحين نشرح لها تظهر وكأنها مغيبة، رغم أنه لو وجد مسلسل أو نوع من الكلام الفاضي تنتبه كل حواسها، وتجد تركيزها عاليا، ماذا أفعل لكي أحسن تربية أختي أنا ووالدي؟ وما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
فإنا بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام بأمر الشقيقة وحرصك على هدايتها وبُعدها عن الكذب والحرص على تربيتها على الصدق، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحها، وأن يُلهمكم وإياها السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
بداية: أرجو أن نتذكر جميعًا أن هذه السن والمرحلة العمرية التي تمر بها هذه الفتاة (البُنية) هي مرحلة عمرية هامة جدًّا، فهي على أبواب مرحلة جديدة وتعيش إرهاصات مرحلة جديدة، ولذلك ينبغي أن نتقن معها فن الحوار وليست الأوامر، ينبغي أن نقترب منها، نشبعها بالعاطفة، نتقبلها، أن نؤمنها، أن نحاورها، أن نقنعها، أن نتواصل معها جسديًا، أن نجتهد كذلك في أن ندعو الله تبارك وتعالى لها، ونسأل الله أن يُصلحها، فإن هذا كله مواقف تؤخذ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن حديثه - عليه الصلاة والسلام - في الشاب الذي جاء يستأذن في الزنا، وهو شاب في هذه المرحلة، فالنبي - عليه الصلاة والسلام - تعامل معه بثمان نظريات تربوية:
1) النبي - صلى الله عليه وسلم – قرّبه.
2) النبي - صلى الله عليه وسلم – تقبله.
3) النبي - صلى الله عليه وسلم – أمّنه.
4) النبي - صلى الله عليه وسلم – حاوره.
5) النبي - صلى الله عليه وسلم – أقنعه.
6) النبي - صلى الله عليه وسلم – احتواه.
7) النبي - صلى الله عليه وسلم – دعا له.
8) النبي - صلى الله عليه وسلم – تواصل معه جسديًا، حين وضع يده الشريفة على صدره، فقال: (اللهم طهر قلبه، وحصن فرجه).
من هنا يتضح لنا أن هذه المرحلة العمرية يتوقع فيها الإنسان أشياء غريبة، أنهم يكون لهم رغبة في إثارة الكبار، وأنه لا يصلح معهم مسألة التحقيق والتدقيق، لأنها قد تدفع إلى الكذب، فلابد أن نعطيهم ثقة، نؤمنهم، حتى يقولوا ما في أنفسهم، نحاورهم، نخرج القناعات الإيجابية من داخلهم، نوصل بهم من خلال الإقناع إلى الحوار بالإقناع، ثم بعد ذلك علينا أن نحتويهم، ثم علينا أن نتواصل معهم جسديًا، ثم نُكثر من الدعاء لهم.
أرجو أن تنتبهي لهذه النقاط، وتمارسيها مع هذه الشقيقة، التي نتمنى أن تغيروا طريقة التعامل معها، وحبذا لو تعرفت على أسباب الكذب، لأن الكذب عندها في هذه السن فعلاً مشكلة، لكن لكل شيء سبب، وإذا عرف السبب بطل العجب، فالصغير -أو الفتاة، أو الطفل- يكذب إذا كان هناك من يشجع، يكذب إذا كنا نكافئ الكذابين ونضحك لهم، يكذب إذا كان هناك تحقيق وتدقيق، يكذب إذا كانت هناك قسوة من أجل أن يخرج من الورطة والعقوبة، يكذب كذلك إذا أراد أن يطفو إلى السطح ليجد الاهتمام، لا تجد من يهتم بها، لا يحتفي بها، فهي تأتي بما يُثير ويُزعج حتى تلفت الأنظار، وتُجبر الناس على أن يكون حديثهم عنها وعن موضوعها وقضيتها.
علينا أن ندرس أسباب هذا الكذب، ثم علينا كذلك أن نجتهد في أن نعرف أسباب نفورها عن الدراسة، هل هناك مشكلات في المدرسة؟ هل نحن فاشلون في طريقة عرضنا للمعلومات بطريقة مشوقة؟ وهل المعلمات ناجحات في عرض المادة؟ هل هي على صلة ووفاق مع معلماتها؟ هل تجد في البيت تشجيع لها على أمر الدراسة؟
هناك أسئلة معينة لابد أن نقف عندها، ولكننا بداية ونهاية نحذر من استخدام القسوة، نحذر من استخدام الضرب، ندعو لاستخدام الترغيب والتشجيع والحوار، والإقناع، وكذلك تبسيط المعلومات، والقرب منها، وتلبية احتياجاتها الأساسية، تشجيعها على مراقبة الله، تقوية معاني الإيمان في نفسها، ربطها بصديقات صالحات، إعطاءها مقدارًا من الثقة، التقبل لها ولكلامها، ثم بعد ذلك نسعى معها في إصلاح الخلل الموجود، ونسأل الله تبارك وتعالى الهداية للجميع.
أرجو أن تتبعوا هذه الأساليب معها، ولا تُظهروا الانزعاج، ولا تعيّروها بأنها كاذبة لأنه لو تكرر هذا كأننا نجعل لها هوية وكأننا نصفها بالكذب، وهذا أمر خطير، يعني أن نقول (أنت كاذبة أنت كاذبة) فمما يدفع إلى الكذب ألا يُصدقه الناس، أيضًا إذا عاقبناها على صدقها فإنها تكذب، إذا لم نصدقها إذا صدقت فإنا ندفعها للهواية، تقول: (ما دام لا يصدقني أحد فعليَّ أن أستمر، لا فائدة من الصدق) وهذا بكل أسف يحدث، لأن بعض الناس إذا كذب الابن - أو البنت - مرة، فإنهم لا يصدقوه بعد ذلك وإن صدق ألف مرة، وهذه مصيبة، ينبغي أن نصدقهم، نعطيهم مقدارًا من الثقة؛ حتى نفتح لهم أبواب العودة والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.
وأرجو أن تعرضوا لنا نماذج من الكذب والمواقف التي كذبت فيها، كما أرجو أن تبينوا لنا طريقتكم في التربية وفي التعامل معها، وهل هناك أطراف أخرى في هذا التعامل؟ لأن هذا أيضًا من أسباب الخلل، كأن يشد هذا ويرخي هذا، كأن يقول الأب (يمين) وتقول الأم (يسار) وأنت تقولي (توقفي) فهي الآن محتارة، نريد أن نعرف خريطتها في الأسرة، موقعها في الأسرة، وهل للصديقات أثر عليها؟ الإجابة عن هذه الأسئلة ستعطينا صورة واضحة، وعندها ستأتي - إن شاء الله تعالى - الإجابة الكاملة.
أو على كل حال أنتم مطالبون بأن تنظروا بهذه الطريقة الشاملة حتى تأتي الإجابة الصحيحة الشاملة الكاملة، ونسأل الله الهداية لبنتنا وللجميع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر أعينكم بصلاحها، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونكرر شكرنا على هذا الاهتمام.
والله ولي التوفيق.