ما ذنبي إذا كانت والدتي مريضة؟
2012-09-20 10:33:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة جامعية أبلغ من العمر 29 عاما، أعاني من مشكلة لا أقدر على حلها، فأنا ارتبطت بشخص من غير جنسيتي، ونوى التقدم لخطبتي بعد عام ونصف، ثم تراجع عن ذلك وصارحني أن ذلك بسبب أنه قد استفسر عن عائلتي من أشخاص يعرفوننا، وقد ادعوا بأنني مريضة بجنون وراثي، وأن شقيقتي مثلي، وابن أخي أيضا، وأهله يرفضون ذلك، فكيف سيبرر لهم تصرفات أمي!
والحقيقة -والله شاهد على ما أقول- أن أمي مرضها منذ صغرها بالاكتئاب، بسبب حرمانها من الدراسة، وقسوة الأهل، وعوامل كثيرة، وشقيقتي تعاني من العصبية بسبب الغدة الدرقية، وابن أخي الصغير يعاني من التوحد، فهل كل هذا وراثي؟ ما ذنبي أنا! إنهم أهلي وهذا ابتلاء، فماذا يريد مني المجتمع أن أفعل؟ لا أحد يرحم، والمشكلة أن هذا الكلام المغرض انتشر بين كل من يعرفوننا ومن لا يعرفوننا، وأنا تعبت، فهو ليس بأول المتقدمين الذين يقولون لي هذا، جرحت كثيرا وأشعر أنني كمن يدفن وهو حي، فأنا أرغب في أن أتزوج وأبني عائلة مع رجل صالح بيني وبينه قبول، فهل هذا كثير؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربك، ويزيل همّك، ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
نحن نصيحتنا لك - أيتها الكريمة - ألا تيأسي من روح الله، وأن تحسني ظنك بالله سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه وتعالى بيده خزائن السموات والأرض، لا يُعجزه شيء، إذا أراد شيئًا إنما يقول له كن فيكون، فلا يُعجزه سبحانه وتعالى أن يسوق إليك زوجًا صالحًا، وأن يُقدر لك ما تتمنينه، وأن يُدخل السعادة إلى قلبك بالزواج أو بغيره، فخير ما تفعلينه – أيتها الكريمة – أن تتوجهي بقلبك إلى هذا الرب الرحيم سبحانه، وأن تُخلصي أعمالك له، وأن تُكثري من التقرب إليه، وأن تلهجي دائمًا بذكره واستغفاره، فإن ذلك سيمنحك سعادة لا تُقدرين قدرها.
نحن نشعر - أيتها الأخت والبنت العزيزة – بهذا الهم الذي تجدينه، ولكن كوني على ثقة تامة بأن الله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وهو سبحانه وتعالى أعلم بمصالحك منك، وما يُقدره لك ويختاره لك هو بلا شك خير مما تختارينه أنت لنفسك، وكم من الأقدار المكروهة يجعلها الله سبحانه وتعالى حاملة في طيها لمصالح عظيمة ومنافع جسيمة لا يعلمها الإنسان إلا بعد أمدٍ وزمن، وقد قال لنا الباري سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فنحن ننصحك – أيتها الكريمة – بأن تأخذي بالأسباب المشروعة المباحة والمتاحة في أمر الزواج، فلا بأس بأن تستعيني بمحارمك من إخوانك وأعمامك وأخوالك للبحث عن الزوج الصالح الطيب، وأن تُكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى بأن يرزقك هذا الزوج، وأن تُكثري من الاستغفار، وأن تتلمسي الساعات التي يعظم فيها رجاء الإجابة كالثلث الأخير من الليل، والدعاء حال السجود، وبين الأذان والإقامة، وبعد هذا كله ينبغي أن تكوني راضية بقضاء الله تعالى وقدره، مؤمنةً بأن ما يُقدره الله تعالى لك هو الخير، فإنك قد تتمنين شيئًا ويعلم الله عز وجل أن الخير في خلافه، وربما قضى الله سبحانه وتعالى بأن يتأخر عنك الزواج زمنًا لأنه سبحانه يعلم بأن ذلك هو الأصلح والأنفع لك.
فهوّني على نفسك، واعلمي أن مقادير الناس وما يلقونه في حياتهم قد سبق به قدر الله تعالى، فقد كتب الله عز وجل مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فاطمئني نفسًا لقدر الله تعالى.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.