كيف أتخلص من المعاصي؟
2020-04-15 22:54:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عمري 14 سنة، حافظ للقرآن، ومن أسرة ملتزمة -والحمد لله- وأنا طالب في المرحلة الإعدادية، وعلى علم بالمواد الشرعية، ولكني مبتلى بالشهوة العالية من النظر للمحرمات، وممارسة العادة السيئة!
أحاول دائماً أن أتوب ولكن لا ألبث بضعة أيام وأعود للذنوب، حتى في شهر رمضان! وحاولت بشتى الوسائل ولكن بلا جدوى.
أرجو من الله أن يعينني على التوبة، ثم أرجو منكم النصح والإرشاد، وأن تدلوني على طريقة للتخلص من شدة الشهوة مهما كانت .
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يبصرك بالحق، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يمنّ عليك بالتخلص من تلك المحرمات، وأن يجعلك من صالح المؤمنين ومن العلماء العاملين والأولياء المقربين، وما ذلك على الله بعزيز، وما ذلك على الله ببعيد، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل أحمد – فنحن سعداء في الموقع لدخولك إليه وطلب النصيحة والاستشارة، لأن ذلك يدل على أنك على خير وأنك إلى خير، لأنه رغم سنك إلا أنك تبحث عن الحق وتتحراه، ورغم وقوعك في هذه المعاصي التي بدأت تقض مضجعك وتعكر عليك صفو حياتك، إلا أنك تبحث عن الحق وتريد أن تلتزم شرع الله تعالى، ورغم أنك ما زلت في مرحلة المراهقة، إلا أنك تريد أن تتطهر من هذه المعاصي وتلك الذنوب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير رغم هذه المعاصي – ولدي أحمد -
فيما يتعلق في كيفية التخلص من هذه الأشياء.. اعلم – ولدي أحمد – أنك صاحب القرار، وأنك وحدك الذي تستطيع أن تخلص نفسك من هذه المعاصي كلها، لأن الله تبارك وتعالى قال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} ولأنه قال: {فاتقوا الله ما استطعتم} فجعل الله التغيير من مسؤولية الإنسان نفسه، فأحمد مسؤول عن أحمد، ولذلك لن يُنقذ أحمد من هذه المعاصي كلها إلا أحمد بنفسه، وثق وتأكد بأنه لا يمكن لأي أحد من الخلق أن ينقذك مما أنت فيه إلا أنت.
فعليك - بارك الله فيكَ – أولاً أن تقرر التوقف عن هذه المعاصي، ولا تقول إني دائمًا أتوب وأرجع، ودائمًا أتوب وأرجع، لأن توبتك ورجعوك هذه كلها علامات خير، وإن كنتَ لم تنجح في المرات السابقة فأنا واثق أنك ستنجح في المستقبل - بإذن الله تعالى – وأتمنى أن تضع حدًّا فاصلاً بين المراحل السابقة والمرحلة التي أنت فيها الآن، لأن المرحلة التي أنت فيها الآن مرحلة حرجة، وأنت تقرر بنفسك أن تأخذ المبادرة بنفسك، وأن تتوقف عن هذه المعاصي بقرار منك أنت، وليس بعاطفة، أو ليس بانفعال أو تأثر، أنت رجل الله عز وجل منَّ عليك بالتواجد في أسرة طيبة، وتدرس العلم الشرعي، وتقرأ القرآن الكريم، فهذه كلها عوامل مشجعة لك لكي تكون عبدًا صالحًا وتقيًا مخلصًا.
الشيطان (يا ولدي) – لعنه الله تعالى – لا يترك أولياء الله تعالى أبدًا بعيدًا عن الكيد والوساوس والغواية، فهو يوجه سهامه لأولياء الله تعالى، تارة بالشبهات، وتارة بالشهوات، وها هو الآن يُغرقك في بحور الشهوات التي تجعلك تكره نفسك، والتي تجعلك تشعر بأنك لا تصلح أن تكون عبدًا ربانيًا ولا وليًّا صالحًا ولا طالب علم، ولذلك حتى تُنقذ نفسك لابد لك (يا أحمد) من قرار، وهذا القرار أتمنى أن يكون عاجلاً جدًّا، قرار بعد أن تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة، وترفع يديك إلى الله تبارك وتعالى وتتوجه له بالدعاء، أن يعينك على أخذ القرار الصائب والموفق، حتى تستطيع - بإذن الله تعالى – أن تأخذه عن قناعة.
عليك (يا ولدي) حتى تستطيع أن تتخلص من هذه الأشياء: أن تغيّر من واقعك، لأنك لن تستطيع وحدك - ما دمت في هذه البيئة - أن تتخلص من هذه المعاصي (ولدي أحمد)، وكما تعلم من قصة هذا الرجل الذي قتل مائة نفس، عليك أن تغير البيئة، وأقصد بتغيير البيئة أن تبحث عن صحبة صالحة، وأن تحاول إذا كنت تغلق على نفسك غرفتك ألا تُغلقها، أو تنام فيها وحدك فلا تغلق على نفسك الباب، وإذا دخلت دورة المياه وضحك عليك الشيطان فأتمنى ألا تطيل المكث فيها، وأتمنى أن تطلع على الاستشارات التي تتعلق بموضوع العادة السرية، فإن هناك عشرات الاستشارات التي فيها منهج مفصل للتخلص من هذه المعاصي كلها.
اعلم أن الأمر ليس مستحيلاً، ولكنه قد يكون فيه بعض الصعوبة، لكن – صدقني – أنه سيكون سهلاً ميسورًا عليك إذا صليت ركعتين ورفعت يديك إلى الله وبكيت بين يديه، وطلبت منه أن يعينك، وأن يوفقك، وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق.
ثق وتأكد أنك قادر على ذلك، وأن الله سبحانه وتعالى سوف يعينك على قدر إخلاصك في الدعاء، حاول أن تقرأ في بعض الكتب التي هي خارج إطار الكتب الدراسية، خاصة فيما يتعلق بسير الصحابة والتابعين، خاصة الصحابة الصغار الذين غيّر الله بهم وجه التاريخ.
توجه إلى الله بالدعاء أن يعافيك الله، واجتهد في الدعاء ولا تتركه أبدًا، واطلب من والديك الدعاء لك أن يغفر الله لك وأن يتوب عليك، واجتهد في ربط نفسك بالصالحين من عباد الله تعالى، وحافظ على وردك من القرآن، حافظ على قراءة القرآن الكريم يوميًا ولو بمقدار صفحة واحدة.
بإذن الله تعالى سوف يمنّ الله تبارك وتعالى عليك بكل خير، وسوف تشعر بأنك قد تغيرت ما دمت قد أخذت القرار وبدأت من الآن، وكلما وجدتَ امرأة أمامك متبرجة فحاول أن تغض بصرك عنها، ولا تدخل إلى القنوات الفضائية الفاجرة، ولا تدخل مواقع الإنترنت المحرمة، فإنك بذلك تدفع نفسك إلى قعر جهنم، ولن تستطيع أن تتوب ما دمت تفعل ذلك، فتوقف عن ذلك كله، وأبشر بفرج من الله قريب، وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
هذا وبالله التوفيق.