الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
فسوف أدخل في الموضوع مباشرة، لأنه بالفعل ما ذكرته يساعدنا على التلخيص.
أنت تعانين مما يسمى بقلق المخاوف، وليس أكثر من ذلك، نحن الآن لا نختزل الأمور ولا نبسطها، لكن كما ذكرت لك هذا التسلسل الجميل في الأعراض حسب ما ورد في رسالتك يساعد أي طبيب على إعطائك التشخيص مباشرة، وقلق المخاوف قد تكون له عدة جزئيات، منها الإصابة بنوبات الهرع والهلع مثلاً، وهذه هي التي جعلتك تذهبي إلى قسم الطوارئ، هذه نوبة هلع واضحة جدًّا، وهو نوع من القلق النفسي الحاد.
لديك وساوس ومخاوف مرضية كثيرة متعلقة بالحالة التي أصابت جدتك – أسأل الله تعالى لها الشفاء – فالأمر كله يتعلق بقلق المخاوف، والجزئيات التي لديك هي نوبات الهرع وكذلك الوساوس، وهذا كله ينتج عنه ما نسميه بعسر المزاج الثانوي، وهو نوع من الاكتئاب البسيط جدًّا.
أسئلتك أسئلة جيدة، وحقيقة يجب فعلاً أن تصلي إلى حلول وتفهمي طبيعة حالتك.
بجانب التشخيص – وهو قلق المخاوف – أعتقد أن شخصيتك لها بعض الاستعداد للقلق، لأنها شخصية طيبة، متوازنة، حساسة، ضميرية، ومتدققة بعض الشيء، وهذا حقيقة يمثل تربة خصبة جدًّا للإصابة بقلق المخاوف.
شخصيتك ليست معيوبة، على العكس تمامًا هي شخصية ممتازة، لكن تبعات السمات والسجايا التي أنت بها قد تؤدي إلى الخوف والقلق، وهذا لا يعني أن هذه الحالة سوف تكون مستمرة معك، أبدًا، لأن النفس الإنسانية – وخاصة الشخصية – تصعد من خلال سلم التطور الارتقائي لنضوج النفس، فأرجو أن تطمئني تمامًا.
والحقيقة أنت حياتك لديها معنى، معنى حقيقي، فأنت الآن تواصلين دراستك الجامعية، وفي نفس الوقت تعملين، فحقيقة حياتك حياة واضحة، حياة طيبة، حياة إيجابية، ويجب أن تستشعري ذلك.
لا تترددي أبدًا في موضوع قبول الزوج، أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وإن شاء الله تعالى سوف تكوني زوجة صالحة وأُمًّا رؤومًا، فلا تترددي في هذا الموضوع.
بالنسبة للإجابة على أسئلتك على وجه الخصوص:
• هل تحتاجين لتخطيط القلب أو الدم؟ أنا لا أعتقد أنك في حاجة على وجه الخصوص إجراء هذين الفحصين، لأن الحالة واضحة، لكن أنا دائمًا أرى أن المخاوف المرضية وقلق المخاوف بصفة عامة يطمئن صاحبه تمامًا إذا بدأ بقاعدة طبية جيدة، وأقصد بذلك أن تذهبي إلى طبيبة الأسرة وتقوم بإجراء فحوصات عامة، ويمكن لهذه الزيارة – لطبيب الأسرة – تكون مرة لكل أربعة أو ستة أشهر، حتى وإن لم يشعر الإنسان بشيء، فهذا أمر جيد.
• الدواء الذي تتناولينه هل هو مناسب؟ الدواء جيد، لكنه قد لا يكون الأفعل وذلك لأن قلق المخاوف يستجيب لمجموعة الأدوية التي تسمى بـ (مانعات استرجاع السيروتونين الانتقائية) هذا بالطبع ليس فيه أي تقليل لشأن الأخ الطبيب الذي وصف لك (لوديوميل) هو دواء جيد ونستعمله بكثرة، لكن الأدوية الأخرى مثل عقار سبرالكس (مثلاً)، والذي يعرف علميًا باسم (إستالوابرام) ربما يكون هو الدواء الأنسب بالنسبة لحالتك.
أنا لا أريدك أبدًا أن تغيري اللوديوميل ما دمت قد انتفعت به، لكن إن لم تنتفعي به، فأعتقد أن الانتقال إلى السبرالكس يجب أن يكون هو الأفضل بالنسبة لك، وهذا يمكن أن يتم بعد مشاورة الطبيب.
• العلاج السلوكي يتمثل في: تذكر الإيجابيات التي لديك، وهي كثيرة وعظيمة جدًّا، تحقير الفكر السلبي، إدارة الوقت بصورة صحيحة، ممارسة بعض التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة، وممارسة تمارين الاسترخاء، ولدينا بالموقع استشارة – وغيرها كثير – تحت رقم (
2136015) أرجو أن تسترشدي بها للتدرب على هذه التمارين.
• هل أنت محتاجة للمتابعة مع طبيب نفسي؟ أعتقد أن زيارة إلى زيارتين أو ثلاثة بالأكثر للطبيب النفسي لا بأس في ذلك أبدًا.
• هل من الممكن أن تتغير شخصيتك إلى شخصية هادئة؟ هذا ممكن جدًّا، لكن يجب ألا تسعي للتغيرات الجذرية في الشخصية، لأن هذه ليست ممكنة، وفي ذات الوقت الإنسان لا بد أن يكون لديه تعدد في سجاياه وفي خصاله وفي تركيبة شخصيته، وكما ذكرت لك الشخصية تتطور، -وإن شاء الله - تعالى حين يزيل منك القلق والتوتر والمخاوف، هذا يعطيك القدرة التامة على الشعور بالطمأنينة وارتفاع الكفاءة النفسية.
• موضوع الزواج: أقول لك نعم، يمكنك أن تُقدمي عليه دون أي تردد.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأتمنى أن أكون قد أجبت على أسئلتك بصورة معقولة، بارك الله فيكِ، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.