تبت وندمت ولكني خائفة من أن لا يدوم ستر الله علي، فماذا أفعل؟
2012-09-11 10:14:51 | إسلام ويب
السؤال:
السـلام عليكم
بداية أود أن أبدي إعجابي بالموقع الرائع جدا، وكم من البشر استفادوا حقا من هذا الإنجاز الرائع، وأتمنى من الله تعالى أن يوفق جميع العاملين على هذا الموقع، ويجعله في موازين أعمالكم بإذنه تعالى.
مشكلتي هي:
لقد كان لدي ماض سيء جدا في حياتي، ولقد تخطيت الموضوع - بحمد لله -، إلا أنني ما زلت أشعر بالندم، ومع أني أعلم بأن الله تعالى سينصرني في الدنيا والآخرة، وأن الله تعالى سترها علي، إلا أنني أخشى أن لا يدوم ستر الله تعالى علي، وأخاف أن أفضح يوما ما بالماضي الذي اقترفته، ولقد تواصلت مع إحدى الداعيات، وقالت لي: بأن الله سينصرني، وطلبت مني بأن لا أشغل بالي بالأمر، إلا أنه صعب علي جدا، وحقا أتمنى أن لا أشغل عقلي به.
أريد حقا المساعدة.
مع خالص شكري وتقديري
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بابنتنا الفاضلة في موقعها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليك وعلينا، وأن يلهمك السداد والرشاد، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
الأمر كما قالت لك الداعية: فالله تبارك وتعالى عظيم، ورحيم، وتواب، وما سمى نفسه رحيم إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه تواب إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفور إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، واعلمي أن العظيم الذي سترك وأنت على المعصية، سيسترك اليوم وأنت على الطاعة، فلن يخذلك أبدًا العظيم سبحانه وتعالى، الذي يفرح بتوبة من يتوب إليه، والذي يكرم عباده التائبين، بل إذا صدق التائب في توبته، وأخلص في أوبته، وصدق في رجوعه إلى الله، فأولئك الذين يبدِّل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورًا رحيمًا، بل {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}.
لا تشغلي نفسك بذلك الماضي، وضيقي مساحة التفكير فيه، واعلمي أن الشيطان هو الذي يأتيك بمثل هذه الوساوس، فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، لأن الشيطان حزين على توبتك، ونادم على استغفارك، ولذلك ينبغي أن تدركي أن هذا من العدو، فإذا ذكّرك الشيطان بالماضي، وخوفك من آثاره، فجددي التوبة، وجددي الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن هذا العدو يندم إذا تبنا، ويحزن إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا تبارك وتعالى، فعامليه بنقيض قصده، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
اعلمي – كما قلنا – أن الله تبارك وتعالى الذي سترك وأنت على المعصية لا يمكن أن يخذلك اليوم وأنت على الطاعة، ودائمًا إذا تذكر الإنسان معصيته، فإن عليه أن يجدد التوبة، وإذا ذكره الشيطان معصيته فإن عليه أن يجدد التوبة، فاستري على نفسك، وحافظي على ستر الله تبارك وتعالى عليك، وهذا ليس من كلامنا بل من كلام نبينا - عليه الصلاة والسلام – لمن وقع في معصية أن يستتر بستر الله عليه، ولا يبدي ما كان عنده من معصية، أو ما كان فيه من مخالفات.
اعلمي أن كثيرا من الناس يعصي الله لكنه يستر على نفسه، والله تبارك وتعالى هو الرحيم الذي يُحب توبة من يتوب إليه ويفرح به سبحانه وتعالى، فاغتنمي فرصة هذا الشهر الفضيل بصدق التوجه إلى الله تبارك وتعالى، وبصدق الرجوع إليه عز وجل، بكثرة التوجه إليه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء سبحانه وتعالى.
اعلمي أن هذا العدو (الشيطان) همه أن يُحزن الذين آمنوا، لكن الله يقول: {وليس بضارهم شيئًا إلا بإذنِ الله}، بل إننا نريد أن نقول لك: بأنك لست ملزمة بالاعتراف لأي إنسان بما حصل منك من أخطاء، فالإنسان يستر على نفسه، حتى لو طلبوا منك أن تحلفي، وسألوك، فإن من حقك أن تنكري تلك الصفحات المظلمة، لأن الأمر بينك وبين الله تبارك وتعالى، والناس ما عليهم إلا أن يقبلوا بظاهر الإنسان، فتوبي إلى الله، وأكثري من الحسنات الماحية، واحشري نفسك في مجتمع الصالحات، واستفيدي من حضور الدروس والمحاضرات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، وأصلحي ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وسوف يصلح لك العظيم ما بينك وبين خلقه.
عليك أن تفكري أن الصحابة الذين كانوا يحاربون الدين، لما تابوا وأنابوا رفع الله شأنهم، وأعلى ذكرهم في الخالدين، فالتوبة منزلة رفيعة عند الله تبارك وتعالى، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الرحمن سبحانه وتعالى، وكان عمر يقول: (جالس التوابين فإنهم أرق الناس قلوبًا) لأنهم يشعرون بذل المعصية، فيزدادون طاعة لله وانكسارًا، وإقبالاً على الله تبارك وتعالى.
اعلمي أن من تمام التوبة أن يكثر الإنسان من الحسنات الماحية، وأن يكون بعد التوبة أفضل مما كان قبلها، وأن يجتهد في أن يتخلص من آثار المعصية، ومن ذكرياتها، ومواقعها، وأرقامها، وكل ما يذكره بالمعصية، وأن يحرص على أن يتخلص من رفقة المعصية، وكل ما يذكرك بالمعصية ينبغي أن تتخلصي منه وتبتعدي عنه، وحاولي أن تفتحي صفحة جديدة تكوني فيها مع المطيعات لله، مع الساجدين الراكعين في بيوت الله تبارك وتعالى.
نحن سعداء بتواصلك مع الموقع، ونتمنى أن نسمع عنك خيرًا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقبل توبتك، وأن يثبتك على الحق، وأن يردك إلى دينه ردًّا جميلاً، وأن يستخدمنا وإياك في دينه وطاعته، وأن يصرف قلوبنا وقلبك إلى طاعته، وأن يثبت قلوبنا وقلبك على دينه.