هل أعود إليه وقد تركني وترك الحديث معي؟
2012-09-03 00:20:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في الـ 23 من عمري, تعرفت منذ فترة على شاب من موقع الفيس بوك, وهو من غير جنسيتي, أي أن كلا منا يعيش في بلد.
كانت العلاقة في البداية عادية جدا، كانت معظم أحاديثنا ونقاشاتنا تدور حول مواضيع اجتماعية, وبمرور الوقت أخبرني بأنه معجب بأخلاقي, وبعقلي, وبطريقة تفكيري, وصرنا نتحادث كثيرا, وأخبرني بأنه تعلق بي جدا, ولا بد أن يحادثني يوميا.
لم أبادله الشعور في البداية, لكن شدني فيه حسن أخلاقه, وشدة ذوقه ولطفه, وروعة كلامه, واهتمامه الدائم بي, كان دائم التلهف للحديث معي, وأخبرني بأنه أحبني, وأنا أيضا بادلته نفس الشعور, خصوصا بعدما رأيت حسن خلقه, واهتمامه بي.
تطور الأمر, ووافقت بعد إصرار منه أن أعطيه إيميلي الخاص, ورقم هاتفي, صرنا نتحدث لساعات وساعات عبر برنامج الماسنجر, تعلقت به جدا, وأخبرني أنه سوف يتقدم لخطبتي بعد أن يحصل على وظيفة, فهو كان متخرجا حديثا من الجامعة.
كان يلح أن يرى صورتي, لكنني كنت أرفض, وأقول له أنني أحتاج لأن أعرفك أكثر, وبعد مرور 3 أشهر من تعارفنا؛ وفي يوم ونحن نتحادث على الماسنجر طلب مني الصورة أيضا ورفضت, عندها غضب, وفقد أعصابه, وقال إنه لن يستطيع الصبر, وأن نفسيته تعبت؛ لأنه لم يراني, عندما رأيت حاله توترت جدا, وخفت عليه, وأسرعت وقمت بإرسال صورة وحيدة كانت على جهازي, لم يظهر في الصورة سوى وجهي لكنني لم أكن مرتدية للحجاب, أعجب بها لكنه قال لي: بأنه استغرب من عدم لبسي للحجاب في الصورة! أخبرته لأنني توترت عندما رأيت حالتك, لذلك أسرعت وبعثت الصورة التي كانت على الجهاز, طلبت منه أن يمحيها, وطلبت منه أن يقسم بذلك, فغضب وقال لي: لماذا لا تثقين بي؟
بعد عدة أيام لاحظت أنه تغير معي جدا, وعندما سألته أخبرني بأنها ظروف عائلية صعبة يمر بها, وأحيانا يقول بأنه مشغول, أصبح لا يسأل عني, ولا يهتم, ولا يدخل النت, وحتى إن دخل يقوم بعدة نشاطات, ولكنه لا يفكر بالسؤال عن أحوالي, وعندما كنت أعاتبه كان يتذمر, ويخبرني بأنني حساسة, ولا أراعي ظروفه.
استمر على تلك الحال أكثر من شهر, بعدها فقدت أعصابي, وأرسلت له رسالة قلت فيها خذلتني, ولعبت بمشاعري؛ لتملأ وقت فراغك فقط, بعث هو الآخر برسالة وقال بأن كلامي فارغ, ولن يكلف نفسه ويرد عليه, وأنه عندما رأى ردة فعلي تجاه ظروفه اختنق مني, وأعاد التفكير بعلاقتنا.
حذفته من قائمة أصدقائي, وانقطعت عنه أكثر من شهر, كنت أحاول نسيانه, ولم أستطع, تعبت جدا, وكنت دائمة البكاء, وفي يوم أرسلت له رسالة أخبرته بأنني أفتقده وأحتاجه, عاد إلي لكنه ما زال متغيرا ومتجاهلا لوجودي, وأصبح قاسٍ, وأسلوبه فض جدا, وكان دائما يجرحني بسوء تعامله, واختفى لطفه وذوقه الذي عهدته منه.
كنت دائما أسأله لماذا لا تعود كما كنت؟ كان كل مرة يقدم عذرا جديدا, فتارة يخبرني لأنه لن يستطيع رؤيتي ومحادثتي متى شاء؛ لأننا في بلدين مختلفين, ومرة يخبرني لأنني لم أثق به عندما طلبت منه أن يقسم أنه مسح صورتي بعد رؤيتها, وأن كلمتي هذه هدمت الكثير في العلاقة, وتارة يخبرني أن ما نفعله حرام؛ لذلك هو غير موفق في حياته, وفي المرة الأخيرة أخبرني بأن مستقبله مجهول, ولا يريد أن يربطني به, فهو لن يستطيع, ولن يفكر بالارتباط إلا بعد مرور 7 سنوات؛ لأن لديه مسؤوليات تجاه أهله ( رغم أنه أصغر إخوته), وأنني لن أنتظره تلك المدة, وهو لا يريد أن يدمر مستقبلي؛ لأنني فتاة سأكون كبرت في العمر, وهو شاب مهما صار عمره يمكنه أن يتزوج أي فتاة.!
أخبرته بأنني سأنتظره العمر كله, وأنا متفهمة وراضية بوضعه, فقال لي هو غير راض, وهذا يكفي, صدمني كلامه, والآن لم أحادثه منذ 10 أيام, وهو لم يسأل.
عادت إلي الكآبة, وأحيانا تصيبني نوبات بكاء طويل, متحيرة جدا في أمره, ولا أدري سبب تغيره بالضبط, ولماذا القسوة وسوء المعاملة.
أرجوكم أرشدوني, فقد تغيرت حياتي وأحوالي, ولم أستطع نسيانه, هل فعلا كان يعبث بمشاعري ويملأ وقت فراغه؟ أعلم أنني ارتكبت ذنبا بمحادثته, وإعطائه صورتي, وصرت أستغفر ربي كثيرا, وأحيانا أدعو عليه لأنه عذبني جدا, وأشعر بأنني أهنت كرامتي, وخنت ثقة أهلي, فماذا أفعل؟ كيف تفسرون تصرفاته؟ فأنا عجزت عن فهمه وتفسيره.
أرجوكم ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شجن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك حسن العرض لهذه المشكلة، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.
حقيقة عرض المشكلة يدل على أنك ناضجة وعاقلة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد في حياتك، ونتمنى ألا تحزني طويلا على هذه العلاقة؛ لأنها لم تكن أصلا قائمة على أسس شرعية وضوابط مرعية، ولم يكن فيها رضىً من رب البرية سبحانه وتعالى، وسوف يعوضك الله خيرًا.
وأرجو أن تبدئي المشوار بالتوبة النصوح لله تبارك وتعالى، وبنيسان تلك العلاقة، وبنسيان ذلك الشاب، فلا خير في ودٍّ يجيء تكلفًا، ولا خير في ودِّ امرئٍ متقلبِ من مثل هذا الشاب، والعلاقة ما ينبغي أن تحزني عليها؛ لأنها من أولها لم تكن على أسس صحيحة، ولم تكن على قواعد شرعية، ولم تكن أيضًا مراعية للقواعد الاجتماعية وأنظمة الدول, والفرق الكبير في العادات وفي التقاليد، كانت مجرد مشاعر غاب فيها العقل, وغابت فيها المشاعر الحقيقية, وغابت فيها المعاني الشرعية.
ولذلك نحن نتمنى ألا تحزني طويلا على هذه التجربة، وتجتهدي في طي هذه الصفحة، ومع قناعاتنا هذا الكلام الذي نقوله يبدو صعبًا، لكن الأصعب منه هو الاستمرار، والأصعب منه هو الجري وراء السراب، والأصعب منه انتظار هذا الدخان الذي لا شيء ورائه، فانتبهي لنفسك، وعودي إلى الصواب، وأقبلي على حياتك الجديدة بأمل جديد, وبثقة في الله تبارك وتعالى المجيد، وتجنبي تصديق الشباب في مثل هذه المواقع, والدخول إلى عالم النت، هذه الشبكة الافتراضية التي لا يعرف الإنسان أحيانًا من يكلم – رجل أم امرأة – خير أم شرير، الكل يستطيع أن يتكلم بكلام جميل، الكل يستطيع أن يقول عبارات معسولة، الكل يستطيع أن يخدع، يمثل، ولكن الحقيقة تظهر، وعند ذلك تكون الندامة.
فاحمدي الله تبارك وتعالى أن هذه القصة انتهت في هذا الوقت المبكر، ولم يضع منك وقت أكثر من الذي ضاع، وتوبي إلى الله تبارك وتعالى من خطيئة إرسال الصورة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك وأن يسددك وأن يوفقك لكل ما يحب ويرضى.
وحاولي دائمًا أن تتواصلي مع من حولك، وحاولي دائمًا أن تتواصلي مع موقعك في بداية كل أمر تودين الحديث فيه، فنحن دائمًا نتمنى أن تأتينا الاستشارات في بداية الدخول في النفق، ليس بعد أن يتمكن الإنسان وتمكنت مثل هذه المشاعر التي يدعمها ويشجع عليها عدونا الشيطان، وهذه العلاقة لا تنجح في كل الأحوال، حتى لو رجع الآن وأراد أن يتزوج فإنا لا ننصح بالقبول به بسهولة؛ لأن الشيطان الذي جمعكم على المخالفات هو الشيطان الذي سيأتي فيقول لك (كيف تثقين به؟ ربما له أخريات) ويقول له: (كيف تثق فيها، وهي التي كانت تتواصل معك من وراء أهلها) فإن الشيطان الذي يجمع على المعصية هو الشيطان الذي يأتي ليغرس الشكوك ويغرس مثل هذه القنابل الموقوتة في طريق أي أسرة ترجو السعادة، ولكن هيهات وهيهات.
فإذن نحن نعتقد أنك خرجت بأقل الخسائر، فاحمدي الله تبارك وتعالى على هذه النعمة، واشكري الله تبارك وتعالى الذي نجاك من هذه العلاقة، وقابلي إهماله بإهمال، وافتحي صفحة جديدة، وعمري قلبك بحب الله تبارك وتعالى، فإن هذا القلب غالٍ، وهو موطن نظر الله تبارك وتعالى، فإنه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فعمري قلبك بالحب لله، بالخشية لله، بالتقوى لله، واشغلي لسانك بكثرة اللجوء إلى الله والتوجه إليه، وسوف يأتيك ما قدره لك العظيم سبحانه وتعالى.
ولن تستطيعي أن تبلغي العافية إلا إذا استحضرت هذه المعاني الشرعية، وإذا علمت أن تلك العلاقة لم تكن أصلا علاقة شرعية حتى تحزني عليها، فاحمدي الله الذي جعل هذا الموقف سببا للرجوع, وللانتباه, واليقظة, والتوبة, والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فاجعليه رجوعًا صادقًا وتوبة لله تبارك وتعالى نصوح.
واجتهدي في الإقبال على كتاب الله، وعيشي مع المجتمع الذي حولك، وكوني مع الصالحات في مجالس العلم والقرآن والدروس العلمية، وأظهري لهنَّ ما وهبك الله من جمال ومن صفات طيبة، واعلمي أن لكل واحدة منهنَّ ابن أو أخ يطلب أمثالك، أو محرم من محارمها يطلب مثلك من الصالحات، ولا تقبلي إلا بشاب يأتي لداركم من الباب, ويقابل أهلك الأحباب, ويكون صاحب دين، وعند ذلك بعد الرؤية الشرعية إذا وجدت ارتياحًا وانشراحًا له فاقبلي به، واعلمي أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
ولا تحزني على ما مضى، واجعلي الذي حصل سرًّا، لا يشعر به أحد، ولا تخبري عن هذه التجربة التي فشلت، لا تخبري بها أو عنها أحدًا من الناس، فإن الإنسان ينبغي أن يستر بستر الله عليه، كما أن المجتمعات عندنا دائمًا تسيء الظن بمن يتواصل بهذه الطريقة.
وأنتِ إلى الآن في بدايات هذا المشوار، ونسأل الله أن يهيأ الزوج الصالح الذي يعينك على الطاعة, وتعينه كذلك على الطاعة, وعلى بلوغ العفاف, وعلى السعادة في هذه الحياة، من أجل تحقيق الأهداف الكبرى، فإن رسولنا يريدنا أن نتزوج الزواج الشرعي، فهو يكاثر ويُفاخر بنا الأمم يوم القيامة.
واعلمي أن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، فاحرصي على أن تكون البدايات صحيحة، وعلى أن تراعي ضوابط الشرع، وسوف يأتيك ما قدره الله تبارك وتعالى لك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.