الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه وساوس، وهي تتمركز حول الطهارة، وفكرة نزول المذي وخلافه هو جزء من العملية الوسواسية ولا علاقة لها أبدًا بموضوع إفساد الصيام أو الطهارة أو شيء من هذا القبيل، هذا هو الذي أفاد به العلماء – جزاهم الله خيرًا - .
أرجو أن تتقدمي نحو العلاج، أن تذهبي إلى الطبيب، والحمد لله تعالى الكويت فيها أطباء متميزين جدًّا، هنالك الأخ الدكتور (عادل الزائد) وهناك الأخ الدكتور (عصام الأنصاري) وغيرهم، فلا تحرمي نفسك أبدًا من نعمة العلاج، وهذه الحالات تعالج، وتعالج بصورة فعالة جدًّا.
أنت الآن ذكرت أنك قد ذهبت إلى الطبيب، فإن كان الطبيب أحد الطبيبين الذي ذكرتهما فهذا جيد، وإن لم يكن واصلي معه أيضًا إن كنت مقتنعة بأنه سوف يساعدك، وعقار سبرالكس من الأدوية الجيدة جدًّا والفاعلة جدًّا لعلاج الوساوس، لكن الجرعة لا بد أن ترتفع إلى عشرين مليجرامًا، وهذه هي الإشكالية الرئيسية. كثيرًا من الناس يتناولون هذه الأدوية، لكن لا يعطوا الجرعة حقها، فعشرين مليجرامًا هي أقل جرعة مفيدة في حالات الوساوس، ويجب أن تصل الجرعة إلى هذا المستوى، ويتناولها الإنسان لمدة أربعة إلى ستة أشهر على الأقل، بعدها تخفض إلى الجرعة الوقائية وهي عشرة مليجرام يوميًا، والتي يجب أن تكون لمدة ستة أشهر على الأقل.
هذا أمر مهم جدًّا، الوساوس القهرية لا تستجيب أبدًا لأقل من هذه الجرعات أو المدة التي ذكرناها.
هنالك أدوية معروفة بتميزها في علاج الوساوس، منها البروزاك وفافرين، لكن السبرالكس كما ذكرت لك هو بنفس المستوى جيد وفاعل جدًّا.
لا تنسي الجوانب السلوكية، الوساوس تُقهر من خلال التجاهل وفعل الضد، واحتقارها، واعتبارها أمرًا سخيفًا، نعم نفسك سوف تحدثك وسوف تجرك وسوف تجدين صعوبة في المقاومة، لكن الإصرار على المقاومة وتحقير الوسواس ينتهي - إن شاء الله تعالى – بك إلى نهايات طيبة جدًّا.
في موضوع الطهارة: وجدنا أن الإنسان إذا حدد كمية الماء – هذا مهم جدًّا – حتى حين يأتيه الشك في موضوع الطهارة أو في موضوع الوضوء يُحدد الماء، يضع ماء في إناء، ويتصور أن هذا هو الماء المتاح له فقط، ولا توجد أي كمية من الماء أخرى، هذا أيضًا وجد أنه مفيد جدًّا، ولكن المبدأ الرئيسي هو ألا تغتسلي أبدًا بمجرد الاستجابة لهذه النزعات الوسواسية.
أنصحك أيضًا بتطبيق تمارين الاسترخاء تجدينها موضحة في هذه الاستشارة (
2136015). الوساوس في الأصل هنالك جانب قلقي وجانب كدري فيها، ومن ثم حين يطبق الإنسان تمارين الاسترخاء هذا يريحه كثيرًا، وفي نفس الوقت اصرفي انتباهك عنها بما هو أفضل: الاطلاعات، القراءة، الأعمال المنزلية، أنت الحمد لله الآن مقبلة على زواج وهذا أمر جيد وممتاز جدًّا، انخرطي في أعمال خيرية أو اجتماعية أو ثقافية، هذا كله - إن شاء الله تعالى – يُبعدك ويصرف هذا الوساوس عنك.
العلاج مطلوب ومطلوب جدًّا، لأن الله تعالى ما جعل من داء إلا جعل له دواء فتداووا عباد الله، والوساوس الآن تأكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن الجانب الطبي فيها هو جانب أساسي جدًّا، أثبتت الاختبارات والفحوصات المخبرية والمعملية والأشعة الخاصة أنه يوجد تغيرات كبيرة جدًّا فيما يسمى بالناقلات العصبية في الدماغ، لذا العلاج الدوائي يعتبر مفيدًا وجيدًا، ونحن الحمد لله تعالى الآن متوفر لدينا أدوية سليمة وفاعلة جدًّا.
بارك الله فيكِ، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم ـ استشاري طب أول أمراض نفسية - تليها إجابة الشيخ / أحمد الفودعي - مستشار الشؤون التربوية والأسرية.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
فمرحبًا بك - أيتها الأخت الكريمة - في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء العاجل من هذا الذي تعانينه من الوسوسة فإنها شر عظيم إذا تسلطت على الإنسان أفسدت عليه دنياه ودينه وآخرته، ومن ثم فنصيحتنا لك أن تأخذي بوصايا الطبيب بجد، وأن تعملي بما قاله لك من أخذ التمارين المعينة على التخلص من هذه الوسوسة، وتناول الأدوية، والاستفادة من الأطباء، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (ما أنزل الله داءً إلا أنزل له دواء) ويقول: (تداووا عباد الله).
فقد قدر الله تعالى عليك الإصابة بقدره، والطريقة الشرعية دفعًا للأقدار بالأقدار، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى مجيب دعوة المضطر ويكشف البلاء عن المبتلى، فالجئي إليه سبحانه وتعالى بصدق واضطرار أن يصرف عنك هذا، وكوني على يقين تام بأن أفضل دواء لهذه الوساوس هو الإعراض عنها وعدم العمل بمقتضاها والجري ورائها، فأعرضي تمامًا عن الوساوس ولا تعملي بما تتطلبه منك، وإذا أصررت على هذا الأسلوب فإنك ستشفين - بإذن الله تعالى – وإذا وسوس لك الشيطان بأن نزل منك المذي فلا تلتفي إلى هذه الوساوس، إذ الأصل عدم النزول حتى تتيقني يقينًا جازمًا تستطيعين الحلف عليه بأنه قد خرج منك شيء، وعند اليقين بأنه قد خرج منك مذي فلا تغتسلي، لأن الشرع لم يأتي بالاغتسال من المذي، فلا تستجيبي لنداء الشيطان لك بالاحتياط والورع بأن تزيدي على ما قرره الشرع، فيكفي غسل المذي والوضوء بعده.
وإذا نزل المذي أثناء الصيام فإنه لا يفسده ما دام بالفكر أو بالنظر، وكذلك لا يفسده عند كثير من العلماء وإن كان بسبب التقبيل أو اللمس أو نحو ذلك.
فخذي بهذه الأقوال حتى يمنّ الله سبحانه وتعالى عليك بالشفاء، واعلمي أن دين الله عز وجل يسر، وأنه سبحانه وتعالى يريد رفع الحرج عن العباد تخفيفًا عنهم، وبهذا أخبرنا سبحانه في كتابه فقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وقال سبحانه: {ما يريد الله ليجعلك عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم}، فرفع الحرج وتيسير الدين من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده، والشيطان يريد خلاف ذلك، فاستجابتك للوساوس والعمل بمقتضاها يخالف لما يريده الله عز وجل شرعًا منك، فلا تظنين أبدًا أن ذلك من الاحتياط للدين، وأنه مما يقربك إلى الله، بل العكس هو الصحيح، هو مخالف لما شرعه الله تعالى لك من التسهيل والتيسير، حتى يمنّ الله سبحانه وتعالى عليك بالشفاء.
نسأل الله تعالى أن يعافيك من كل بلاء، وأن يفقهنا وإياك في ديننا.