أكره أخي الأكبر كثيرا لظلمه لي ولقسوته علي.. هل أنا مصاب بعقدة نفسية؟
2012-08-10 06:41:34 | إسلام ويب
السؤال:
لا أدري من أين أبدأ، فبداية هذه المشكلة منذ الطفولة، أنا شاب عمري 18 سنة، مشكلتي هذه مع إخواني الأكبر مني سنا, مع أحدهم تحديدا، لي 4 إخوان أكبر مني، أكبرهم عمره 38 تقريبا، والآخرون يتلونه مباشرة.
مشكلتي الكبرى مع الثالث.
سأبدأ بالكلام عنه بقول إنه عاق لوالديه، مدمن مخدرات، ويشرب المسكرات، كما أنه متكبر ومتغطرس وعدواني وديكتاتور بالطبع، فعندما كنت صغيرا (6 أو 7 سنوات تقريبا) لم أكن أعرف أي شيء من هذا، كل ما كنت أعرفه هو أنني أخاف منه خوفا عظيما جدا، فعندما يأتي إلى المنزل أكون في غاية التوتر، وكنت أجزم منذ قدومه أن نوبة فزع ستحدث عما قريب، فقد كان يصفعني على وجهي لأتفه الأسباب،
وأنا طفل لا يتجاوز عمري 10 سنوات، ولم يقف أحد في وجهه، مرة من المرات قلب طاولة الطعام بما فيها وضربني، لأنني رششت بعض الملح على طبقي، وقال لي إن الطعام لا يحتاج للملح، كان يضرب زوجته ضربا مبرحاً بعنف شديد أمامي، وأمام أبي وأمي وبقية إخوتي.
باختصار رأيت منه في طفولتي ما جعلني أخاف منه خوفًا شديداً، وأكرهه كرهاً شديدًا، مضت الأيام وبدأ حاله ينصلح، وتقل موجات الغضب التي تأتيه إلى تقريبًا مرة كل شهرين، أو ثلاثة أشهر، وأصبح يحسن علاقته معي ومع باقي إخواني، وظننت أنني تجاوزت ما كنت أشعر به حتى أنني نسيت الماضي تقريباً، وكنت متأكدا بأنني قد كبرت وأصبحت رجلاً قادرًا على نقاشه وردعه إذا حدثت له فورة غضب علي، لكن للأسف, قبل عدة أيام حدث التالي, جاء إلي يناقشني عن أمور الجامعة، فأنا أوشك على بداية المرحلة الجامعية بعد أشهر قليلة أو ربما أسابيع.
وقد قررت الدراسة في الخارج, إما هو فقد كان يريد إقناعي بالدراسة هنا في السعودية، فهو كل فترة يسألني بعض أسئلة عن الجامعة وأمور التسجيل، لكنها أسئلة سطحية كأنها من شخص غريب، وليست أسئلة شخص يريد مساعدتي في اتخاذ قرار، فكنت أسمع كلامه وأتجاهله دون أن أناقشه, لكن في هذه المرة قلت في نفسي دعني أتناقش معه, لعله يفيدني أو يفهم طريقة تفكيري فيعطيني نصيحة مفيدة, لكن ما حدث هو أنه غضب لأنني لم أرضخ لرأيه، ولم أوافق على كلامه، حيث أنه لم يكن يناقشني، ولكنه يحاول فرض أفكاره الخاطئة التي بناها عن جهل دون أن يكون قريبا مني ويفهمني.
لذلك أخبرته أن كلامه خاطئ، وعندما استفزني بإصراره على رأيه قلت له إنني لا أحبه ولا أطيقه، فقال لي لماذا قلت له وعيناي مليئة بالدموع: أسأل نفسك كم آذيتني من قبل، فقام بسبي والصراخ علي، وخرج من الغرفة, وأنا أبكي دون القدرة على التوقف.
دخل أخي الذي يكبرني مباشرة إلي وجلس ينصحني, فعاد ذلك الأول وقال لأخي الذي كان ينصحني أن يتركني، وقام بشتمي، وقال لي إني قليل الأدب, فقلت له إنه دائما يؤذيني، وأنه لا يحبني، ولا يعاملني كأخ، عندها غضب غضبا شديدا، وبات يصيح علي بصوت عال جدا، وهو يقول أنت فاجر، وجاء إلي ليضربني وأسقطني أرضا، لكن أخي الآخر دفعه، وقال له اتركه، فقام يسبني ويهينني إلى أبعد درجة.
انتهى الموقف الذي فجر في الأحاسيس التي كنت أحسها عند طفولتي، وباتت نفسيتي سيئة جدا، وأنا أدعو عليه بالموت كلما أتذكره.
أنا أشعر أنني ضعيف أمامه، بل حقير وليس لي من ينصفني, لكني قوي أمام أي شخص آخر, لكني أمامه تدمع عيوني وارتجف وأخاف، مع أني رجل وعمري 18 سنة فلا زلت أشعر شعور ذلك الطفل قبل 10 سنوات.
لا أستطيع تقبله أو احترامه, فأنا -ولله الحمد- أنجح إخواني حتى الآن, ووالداي يعلقان علي آمالا كبيرة, وهو جاء وحطمني وجعلني أشعر بالضعف والذل, وعزة نفسي لا تسمح لي باحترامه لأنني أشعر أن ذلك ضعف.
أعلم أنني عندما أسافر للدراسة لن أراه إلا نادرا, لكن لا أعرف كيف أتصرف في الوقت الحالي, أو عندما ألقاه في المستقبل، أشعر أنني بعد 10 سنوات أو 20 أو عندما يحين الوقت، وأراه كهلا أو ضعيفا أني سأرد له كل ما فعله بي.
أرجو إلا تقولوا لي أن علي احترامه أو أنه يحاول مساعدتي، فهو بالتأكيد يلحق بي الضرر وأعتقد أنه أكبر مشكلة في حياتي حتى الآن.
هل لدي عقدة نفسية منه؟ قرأت مرة أن الإنسان عندما يكون عنده أزمة نفسية فعليه أن لا يحتفظ بها لنفسه وإنما عليه أن يخبر بها أحدا حتى لا تكبر, ولا أستطيع أن أخبر أي أحد أعرفه عن هذا الموضوع ففيه يتجلى ضعفي, لذا أرجو منكم مساعدتي, وهل علي زيارة طبيب نفسي أو اتخاذ أي خطوة أخرى؟
آسف على الإطالة, شكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م.م. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله أن يتقبل طاعاتكم، وأن يبارك لكم هذه الأيام الطيبة، وأن يوفقك فيما تبتغيه، وأن تحقق أمنياتك في هذه الحياة.
وفيما يخص الإشكالية معك ما بينك وبين أخيك، نحن لن نقول لك (عليك احترامه وأنه سوف يحاول مساعدتك) لا، نحن ننظر إلى الأمور بوجه الإرضاء وإجبار الناس لتطويع سلوكهم ليناسب الآخرين، هذا ليس مبدأً صحيحًا.
الذي أود أن أقوله لك هو أنه بالفعل توجد إشكالية مع هذا الأخ – مع احترامي وتقديري الشديد له - لأنني بالطبع لم أفحصه ولم أشاهده، لكن كل كلمة وردت في رسالتك لابد أن أقدرها وآخذها مأخذ الجد.
الذي أود أن أقوله لك هو أن هذه الحادثة الأخيرة لا شك أنها مؤسفة، وأدت إلى احتقان نفسي سلبي كبير بالنسبة لك، وهذا هو التفاعل الطبيعي، لكن مثل المراحل يستطيع الإنسان أن يتخطاها بأن يتذكر ما كان عليه هذا الأخ سابقًا وما هو عليه الآن، لا شك أن هناك تحسنا في وضعه كما ذكرتَ، بالرغم من حدوث هذه الحادثة المؤسفة.
فالذي أقوله لك هو أن تكون هناك مسافة بينك وبينه، لا ندعو بالقطيعة بالطبع، على العكس تمامًا، لكن دعه يشعر بأن لك كينونة ولك كيانا، أعتقد أنه تسلط عليك وفرض عليك سلطته؛ لأنه أحس بنوع من الهشاشة من جانبك، لا أقول أنك يجب أن تتصارع معه أو تعانده، لا، هذا ليس منهجًا صحيحًا، لكن تعامل معه في حدود الرسميات، في حدود ما هو معقول، ولابد أن يكون هنالك احترام ما بين الناس، هذا هو الأصل في كل شيء، وحاول أن تقبل هذا الأخ كما هو، أنت تسعى في تغييره وتتمنى تغييره، وفي ذات الوقت تريده أن يوافقك على كل خطوة تخطوها، هذا لا يمكن أن يحدث، توقع منه بعض الانفلاتات والتصرفات غير السليمة، لكن أعتقد أنه يفضل أن تحتفظ بمسافة معقولة فيما بينكما، هذا سوف يكون جيدًا.
وفي ذات الوقت هذا الأخ حين بدرت عليه بوادر التحسن لابد أن يُشجع على ذلك، لابد أن يحفز على ذلك، لابد أن يُثاب على ذلك، لأن الإنسان بطبعه يستجيب سلوكيًا للمبادرات الإيجابية والحوافز التي تأتيه من الآخرين، لذا السلوك لا يمكن أن يُعزز إلا من خلال أن نُشعر الإنسان بأنه بالفعل قد تغير إيجابيًا.
وأرجو ألا تحصر نفسك فقط في التفكير حول هذا الأخ، فإن شاء الله الناس تتغير والأمور سوف تُصلح، واجعل لنفسك طريقا تنتهجه بدون تدخلات هذا الأخ، وإذا تدخل تدخلات عابرة أو دخل معك في نقاشات، ما دمت ترى أن أفكاره ليست مفيدة لك لا تناقشه كثيرًا حولها، وفي نفس الوقت لا تأخذ بها ما دمت تراها أنها غير مفيدة بالنسبة لك.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، ولا أعتقد أنك في حاجة حقيقة لمقابلة طبيب نفسي، أنت لديك عدم قدرة على التواؤم والتكيف مع ظرف معين، وهذا الظرف ليس من الظروف الثابتة، إنما هو من الأمور الحياتية المتغيرة، كانت فورة غضب، كان هناك نقاش، كان هنالك حدة من جانب هذا الأخ، وأنت بالفعل تفاعلت معها بما يتطلبه الموقف، لكني أيضًا لا أريدك أبدًا أن تتمسك أكثر مما يجب، كن من الكاظمين الغيظ، ومن وجهة نظري أنه إذا جُعلت هنالك مسافة ما بينك وبينه هذا سوف يكون مفيدًا، دون قطيعة، هذا يجب أن نركز عليه.
بارك الله فيكَ، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.