كيف السبيل لإطفاء نار العشق وقد أحرق مشاعري؟

2012-09-01 11:52:00 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة ولله الحمد, وقد لجأت إلى الله ثم لهذا الموقع؛ لكثرة الثناء عليه, وعلى القائمين عليه من جميع المنتديات, لعلي أحصل على حل يخفف من معناتي من هذا المرض, وهو مرض الحب.

أحبتت فتاة حبا لا أستطيع أنا أصفه لك, وأكاد أجزم أنه لا أحد قد أحب حبا مثلي, ولقد علم كل أهلي أني أريد تلك الفتاة, ولكن حينما كبرت أصبحت أخجل, وبمجرد الحديث عنها سرعان ما يحمر وجهي, وتزيد نبضات قلبي, وتأتيني حالة لا أعلم ما هي, وهي اضطراب في البطن, والحاجة إلى دخول الحمام -أعزكم الله- فورا, علما أني لا أفعل شيئا في الحمام, مجرد دخول وخروج فقط.

حينما يذكر أهلي اسمها أحاول ألا أبين لهم حبي لها, ولكن حسب ما اتضح لي من أمي أنها هي أيضا تريد الزواج مني, ولكن أختي الكبيرة ترفض ذلك, وتريد أن أتزوج من خارج العائلة, ولكن لا يهمني رأيها, فقد أتعبتني تلك الفتاة بالتفكير المستمر بها.

كم من المرات أحلم بها, ولا أستطيع أن أصف لك شعوري تجاهها, وأمي وأختي كلما حضرتا من وليمة عشاء أخبرتاني بأنهما رأتا فتاة جميلة, وتريداني أن أخطبها, وأنا أرفض بحجة أني لا أريد الزواج الآن, ولا أستطيع إخبارهما بأني لا أريد سوى الفتاة التي أحببت, ولكن أنا أريد تأخير الزواج لمدة 3 سنوات؛ للتفرغ للحياة الزوجية, ولإنهاء الدراسة, ولكن أخشى أن تنساني, أو يتقدم لخطبتها شخص آخر فيجبرها أبوها, فحينها سأصاب بانهيار, ولقد أقسمت على نفسي ألا أتزوج إلا تلك الفتاة, ولا لن أحب غيرها.

علما أن الفتاة بنت خالتي, ومضى على حبي لها أكثر من 12 سنة, خلال هذه المدة لم أكلمها, ولم أرها, وأحيانا تحدث مواقف منها تجاهي, ولم أفهم تفسيرها, فهي تتقرب من أخواتي, وذات مرة فتحت جوال أخيها حينما كنا مسافرين؛ فوجدت رسالة من أختها التي أكبر منها, تطلب من أخيها صورة لي, بداعي أنها تريد أن تفاجئ أختها,والكثير من المواقف كذلك, ولكن لن أتعبك معي.

جزاك الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب وإنه ليسرنا الاستماع إليك, وزيارتك لموقعنا, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك, وأن يقدر لك الخير حيث كان, وأن يرضيك به.

أخي الفاضل: لقد قرأنا معانتك ونحن نشعر تماما بما تعانيه, ونتفهم حبك وحرصك على الزواج, ونحب أن نؤكد لك على معنى نرجو أن يستقر في قلبك, وهو المريح لك من كل عناء؛ إذا آمنت وصدقت وأيقنت به, وستشعر بالراحة الدائمة بعدها, وسيزول عنك بإذن الله ما تكابده من ألم، وهو الإيمان الكامل والتام بأن قدر الله نافذ لا محالة، فإن قدر الله لك هذه الفتاة, وكانت في علم الله لك فلن يستطيع مخلوق أن يحول دون ذلك, والعكس بالعكس، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82-83].
وقد ذكر أهل العلم: (كلُّ شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، ومشيئتُهُ تنفذُ لا مشيئة العباد، فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن، لا رادَّ لقضائه، ولا معقِّبَ لحُكمه، ولا غالب لأمره). وهذا الإيمان أيها الفاضل ينمي عندك أربعة أمور هي:

1- القوة التي تجعلك غير عاجز أمام البلاء, لأنك على يقين ساعتها بقول الله تعالى {قُلْ لَنْ يُصِيْبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُوْنَ} [التوبة: 51]قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11]، قال ابن عباس: (يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه).

2 - الابتعاد عن الهزيمة النفسية والتمسك بالعزة الإيمانية قال تعالى {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10].

3 - الرِّضى والاطمئنان على أقدار الله, لأنه يعلم أن من وراء كل عطاء أو بلاء حكمة, والله قال: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [ البقرة: 216]، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يقول: (والله لا أبالي على خير أصبحت أم على شر لأني لا أعلم ما هو الخير لي ولا ما هو الشر لي).

4- اليقين: المؤمن بالله وقَدره يُوقن بأن العاقبة للمتقين، وأن مع العسر يسرا، وأن الظلم لن يدوم، وأن الحق لا بد أن ينتصر، وأن الباطل لا بد أن يندحر قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21]. وهذا أحد ثمرات الإيمان بالقدر

ولا تظن أخي الحبيب أنا ندعوك إلى الزهد فيما أردت, أو الابتعاد عن ذلك, ولكنا نريد أن تكون قويا بدينك, عزيزا بطاعتك لربك, فإن أخذتها أخذتها وأنت مدرك قوة الإيمان التي بداخلك, والتي تقضي بأن الأمور تسير بقدر الله لا بتقدير البشر.

ثانيا: قد يكون أحد الأمور التي يجب أن تتخلص منها ارتكانك على الأحلام والتفسيرات, وترك الجد والاجتهاد، فقد ذكرت أخي الحبيب أنك مشغول بالتفكير فيها, وهذا قد يكون أحد مداخل الشيطان؛ ليصرفك عن عملك وتعليمك, فيأتي إليها من هو أكفأ منك, أو أتم تعليمه, وساعتها ستكون المفاضلة في غير صالحك, والواجب عليك أن تجعل اهتمامك الأول والأهم هو تعليمك, ومن ثم عملك.

ثالثا: الحالة التي تنتابك سببها تعظيم الأمر في صدرك؛ حتى حكمت أن أحدا لم يحب امرأة بقدر حبك لها, وكأنك قد اطلعت على من سبق ومن لحق حتى تحكم، إن مثل هذا أقول يقول به كل خاطب يخشى الابتعاد عمن أراد، والأصل أخي الحبيب أن يكون حبك فرعا على حب الله ورسوله، فأنت تحب الفتاة لدينها ابتداء, ثم ما تريد بعد ذلك لا حرج، فالحب فرع لا أصل، وغياب هذا عنك جعل من حبك للفتاة أصلا تقيس عليه الدنيا وهذا خطأ.

رابعا: من الخطأ أيها الحبيب في أي أمر تقدم عليه ألا تجعل نسبة ولو ضئيلة لعدم التوفيق، وأرجو أن تنتبه لهذا الأمر جيدا, فإن الفتاة الآن أجنبية, فقد تكون لك أو لغيرك, وعليك حتى تحافظ على اتزانك أن تتصرف وفق هذه القاعدة, وأن يكون دعائك: اللهم إن كانت خيرا لي في ديني ودنياي فوفقها له, هذا ما يجب عليك فعله.

أخيرا أخي الحبيب: ننصحك بالتقليل من التفكير الذي لن تستطيع معه التقدم, والانشغال بما يجب الانتهاء منه قبل البدء بالزواج؛ حتى تكون على أهبة الاستعداد إذا حانت ساعة الزواج.

ونحن بدورنا ندعو الله لك أن ييسر أمرك, وأن يرزقك الزوجة الصالحة التقية النقية التي تعينك على دينك, ودنياك.

وحاول إخبار أهلك بخطبتها حتى ترتاح نفسيا. وتتفرغ للدراسة والاجتهاد حتى الزواج.

والله الموفق, ونحن سعداء بتواصلك معنا.

www.islamweb.net