هل من حرج أن تسكن زوجتي عند أهلها حال سفري؟
2012-07-25 09:24:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا أود أن أشكر جهدكم الكبير، والذي أسأل الله أن يكون في ميزان حسناتكم.
أنا مقبل على الزواج بعد 6 أشهر على الأكثر وأود أن أسأل: ما هي حدود طاعة الزوجة لزوجها؟ وهل يجوز لي أن أمنع زوجتي عن زيارة بعض محارمها إن أردت ذلك لكرهي لهم، وهل لها أن ترفض ذلك أم تقبله، فأنا أغار على زوجتي كثيرا، لدرجة أنني أغار عليها من الضحك أمام محارمها وذلك لحبي لها، فهل يعتبر ذلك من التضييق عليها؟
وأريد رأيكم في موضوع يشغلني وهو: زوجتي عندها شقة في بيت أهلها، وتريدني أن أجهزها لها، وأن نعيش بها، ولكنني أرفض ذلك لأنني أريد أن يكون لي بيت مستقل بي؛ لأني لا أتحمل أي كلمة من أحد أني جلست في بيت زوجتي, ولكني أيضا لا أريد أن أظلمها, فأنا أسافر للخارج وسوف أتركها، وهي تريد أن تكون بين أهلها حينما أسافر، لذلك تريد مني أن أجهز لها هذه الشقة، فأنا في حيرة.
أفيدونى يرحمكم الله.
وأعتذر على الإطالة، وجزاكم الله كل خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجمع بينك وبين أهلك على الخير، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ونريد أن نقول لك: إن المرأة الصالحة لا يكتمل عندها الصلاح حتى تطيع زوجها، لأن طاعة الزوج من طاعة الله -تبارك وتعالى-، وخاصة عندما يأمرها بأمر فيه طاعة لله -تبارك وتعالى- أما إذا أمرها بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق -سبحانه وتعالى-.
ومن حق الرجل أن يمنع المرأة عن زيارة بعض محارمها، ولكن أفضل من ذلك أن يقلل من الزيارة، وأن يصحبها عندما تزور محارمها، وأن يضع معها بعض الضوابط التي ينبغي أن تراعيها، شريطة أن يُفهمها أن ذلك من الغيرة عليها مع ثقته فيها، لأنه أحيانًا لما يقول (أنا أشك في ضحكاتك) أو كذا، هي لا تفهم أنها غيرة، ولكن تفهم أنه يشك فيها، وهذه بكل أسف من الرسائل التي غالبًا ما تصل بطريقة غير صحيحة.
وإذا علمت المرأة أن زوجها شديد الغيرة فينبغي أن تقدر هذا الجانب، فعليك أن تبين لها من الوهلة الأولى أنك تغار عليها لأنك تحبها، وأن الدرة الغالية هي التي يخاف عليها أهلها ويبالغوا في صيانتها، والغيرة ممدوحة، وهي دليل على الحب، بل لا يُتصور وجود حب بدون غيرة، بشرط ألا تتجاوز حدودها، وألا تكون في مواطن الريبة وليس في غير ريبة.
وعليك أن تتفاهم معها بهدوء، وليس من الضروري أن تخبرها أن أهلها سيئين أو كذا، ولكن تقول هذا: (الذي يريحني أن تكون علاقتك بفلان وفلان من المكان الفلاني مقطوعة أو نادرة) وإذا وجدت المرأة هذه الغيرة فينبغي أن تقدر غيرة الرجل، كما فعلت أسماء التي رفضت أن تركب مع أطهر من مشي على وجه هذه الأرض، لأنها قالت: (ذكرتُ الزبير وغيرته) -رضي الله عنها وأرضاها-.
وإذا كنت تغار عليها لحبك لها فينبغي أن تعبر لها عن هذه المشاعر، لكن (كل شيء إذا زاد عن حده فإنه ينقلب إلى ضده) ينبغي أن يكون ذلك بمقدار، وأن تصطحب المعاني النبيلة، والصفات الجيدة، والأخلاق والدين التي في زوجتك، فلا تترك ما عندك من اليقين، ولا تشتد عليها وتتهمها وتسيء بها الظن فتُرمى بالسوء من أجل ظنك بها.
أما بالنسبة لموضوع البيت والشقة التي عندها: فلا مانع من أن تصلح لها تلك الشقة، خاصة إذا كنت ممن يُكثر السفر ولا تجلس في مكان واحد، فإنها قد تحتاج إلى من يكون بجوارها، وقد يصعب عليها الجلوس في مكان منفصل، وأنت غير موجود، وهي بعيدة عن أهلها.
فلا مانع إذن من أن تكون في تلك الشقة التي في بيت أهلها، وأن تجتهد في أن تكون معك عندما تكون موجودًا، ولست مطالبا بأن تتدخل فيهم حتى تسمع ما لا يُعجبك، وإذا سمعت كلامًا فإن الإنسان ينبغي أن يُدرك أن الناس لا يسلم منهم أحد، فالآن مثلاً لو جلست بها في بيت منفصل سيقولون لماذا ذهب بها، ولو جئت وجلست عندهم فستسمع لماذا لم يجعل لها بيتًا؟ فكلام الناس لا ينتهي، ورضاهم غاية لا تُدرك، والإنسان ينبغي أن يفعل ما يُرضي الله -تبارك وتعالى-، ولا يبالي بكلام الناس.
فإذا كان الحال -كما ذكرت- وأنك مسافر للخارج وأنك كثير السفر، فمن المصلحة من البداية أن تهيأ لها ذلك المكان الأول، مع السعي أيضًا في تأسيس بيتك الأصلي وتجهيز البيت لتكون أيضًا هي آمنة على مستقبلها، ويُدرك الجميع أنك تملك بيتًا، ولكن وجودها مع أهلها لظروف العمل وظروف السفر التي أنت فيها.
ونسأل الله تعالى أن يقدر لك ولها الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، ونتمنى أن تدير أسرتك بالحكمة والأسلوب الجميل والتفاهم والحوار، ونتمنى أيضًا إذا كان هناك إشكال أن تتواصل مع الموقع قبل أن تتخذ أي قرار يتعلق بالأسرة، فنحن في خدمة أبنائنا الكرام من أمثالك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسعدنا وإياكم بطاعته.