كيف أتعامل مع زوجتي التي تغار من أمي؟
2012-07-20 14:13:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ 5 سنوات, في إحدى هذه الأيام جاءت أمي لزيارتي, فشعرت أن زوجتي تتضايق من والدتي (تحس بالغيرة تجاهها وذلك لتعلق ابني بأمي أكثر من زوجتي, وكذلك لخدمتي أمي وحسن تعاملي معها, وهذا من فضل ربي) فطلبت منها شيئا وكانت تطبخ الطعام فقالت لي: أنا لست خادمتك! فتجاذبنا الحديث, وكلمتني بأسلوب غير لائق وبصوت مرتفع, فضربتها 6 صفعات في وجهها, ثم ذهبت إلى والدتي تشتكي.
مع العلم أنها ثقيلة في أداء الواجبات الدينية, وسيئة الخلق, فخرجت بعد ذلك,
ولما عدت بعد ذهاب أمي وجدت زوجتي في الصالة لم تحضر لي العشاء, بل نامت في الصالة, ولم تنم في غرفة النوم.
واليوم مرت 5 أيام وهي تبيت في الصالة لوحدها ولا تكلمني, وعندما تصنع الأكل تتركه في المطبخ, ولا تشعرني بشيء, علما أنني أتجاهلها, ولا أكلمها, وأنام في غرفة النوم لوحدي.
سؤالي هو: هل يحق لزوجتي أن تتعامل معي بهذه الطريقة؟
وجزاكم الله كل الخير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ noureddine79 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
قولا واحدًا لا يصح لزوجتك أن تفعل ما تفعل، كما لا ينبغي لك أن تسارع إلى مد اليد وضربها، فإن المرأة ناقصة, وخُلقت من ضلع أعوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه، والغيرة من طبائع النساء، والرجل ينبغي أن يتعامل مع غيرة المرأة بمنتهى الحكمة، ولا شك أنك أحسنت كل الإحسان ببرك للوالدة، ونوصيك بها خيرًا، فإن أولى الناس بالرجل أمه، كما أن أولى الناس بالزوجة زوجها، ولكن هذه المرأة ينبغي أن تتعامل معها بمنتهى الهدوء حتى تتضح عندها الصورة, وتعرف ما يجب عليها من الناحية الشرعية.
وكم تمنينا لو أنك لم تمد يدك، وكم تمنينا لو أنك صبرت حتى تذهب الوالدة ثم تحاورت مع امرأتك، فإن المرأة تحتاج إلى أن تشعر أن الزوج يقدرها ويقدر خدماتها، وكان من الممكن بمنتهى الهدوء أن تقول (أنت عزيزة عندنا وأنت غالية، ونحن فخورون بخدماتك التي تقدمينها) وعند ذلك كان يمكن فعلا أن تتحول إلى خادمة تخدمك وتخدم الوالدة، لأنك ينبغي أن تتعرف على نفسية المرأة، فإن المرأة عندما تتضايق من العمل -أو تتضايق من الخدمة أو تتضايق من شيء معين– تريد أن تجد الحلول والتفاهم والتفاعل والتقدير من زوجها.
لكن الذي صدر منها لم يكن صحيحًا، وكذلك المعالجة كانت متعجلة ولا تخلو من الخطأ خاصة في حضور الوالدة، فإن هذا يعمق الجراح ويترك آثارا على الزوجة، ويترك آثارا كذلك على الوالدة، لأنها ستعتقد أنك لست بسعيد مع أسرتك، وأظنك على خير، وكثير من الأسر يحدث فيها مثل هذا الاحتكاك.
فأنت مطالب بأن تبر الأم وتبالغ في برها، ومطالب بأن تحسن إلى هذه الزوجة التي يبدو أنها تحتاج إلى أن تعلم وتتعلم الواجبات المطلوبة منها شرعًا، فهي مطالبة بطاعتك وبالإحسان إليك.
وما تفعله من النوم بعيدًا عنك, وهجران غرفة نومها وفراشها أمر لا يرضاه الله تبارك وتعالى، لكننا مع ذلك نريد أن تعود أنت لتوضح لها الصورة, وتعالج هذا الوضع، وبعد ذلك حبذا لو تواصلتم وشجعتها على التواصل حتى تعرض المشكلة من وجهة نظرها، وعندها سنتولى البيان الشرعي بالنسبة لها، ونبين لها أن الوصول إلى قلب الزوج لا بد أن يكون عبر قلب الأم، فلا خير لزوج لا يحتفي بأمه، ولا خير في رجل لا يحب أمه، ولا خير في رجل لا يقدر الوالدة، بل العكس ينبغي أن تُعجب منك ذلك، لأن هذا هو المطلوب من كل رجل عاقل يخاف الله تبارك وتعالى ويتقيه.
ونعتقد أن الأمور أيضًا ولله الحمد لا زالت الأمور لم تتعقد، وكنا نود أن نسمع رد الوالدة، ولكن يبدو أن الأمور كانت طبيعية، والدليل على ذلك أنه لا توجد احتكاكات مع الوالدة، ولم تُظهر لك غضبها من الوالدة، ولكنها فقط قالت لك (أنا لستُ خادمة) وكان ينبغي أن تتعامل مع الوضع في حدود المعقول، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لنا ولك ولها الخير.
المهم لا بد أن تشرح لها الوضع، وتكلمها، وإذا أحبت أن تتواصل مع الموقع، حتى تعرف الحكم الذي عليها, والطريقة التي ينبغي أن تؤديها، وأنها حتى لو أخطأت في حقها ينبغي أن تعود إلى وضعها الصحيح، ثم بعد ذلك لا مانع من أن تكون معاتبة وتلاوم بينكم، ففي العتاب حياة بين أقوام، فهي تعتذر لك عما بدر منها، وأنت تقول (أنت عندي غالية وما كنت أتمنى أن أمد يدي عليك، ولكن كنت أتمنى أن تعلمي كذا وتُكملي معروفك، وأنت لم تقصري مع الوالدة ولم تقصري معنا، لكن هذه الكلمة ورفع الصوت، هذه الأمور لم تكن في مكانها الصحيح) علمًا بأن رفع الصوت دليل على الضعف، وطبقات الصوت عند المرأة مرتفعة أكثر، والرجال ينبغي أن يتفهموا هذا الوضع، فرفعها لصوتها هو جزء من ضعفها، فإن الإنسان الضعيف دائمًا هو الذي يُكمل كلامه بصياح.
ولذلك نحن نتمنى على الأقل أن تكون الخلافات التي بينكما بعيدة عن والدتك وأهلها، بعيدة عن أهلك وأهلها، بعيدة عن الجيران، بعيدة عن أطفالكم -إن شاءَ الله في المستقبل– لأن المشاكل ينبغي أن تُدار بمنتهى الحكمة، ونتمنى أيضًا كسر هذا الجمود حتى وإن كان من ناحيتك، لأن هذه المرأة يبدو أنها لا تعرف الشيء الذي عليها, ولا تعرف أن عليها أن تبادر حتى وإن كنت أنت المخطئ، هكذا وصف النبي -صلى الله عليه وسلم– المرأة العؤود التي تحن إلى زوجها وتكون وفيّة لزوجها، فإذا غضب منها –أو أغضبها– تقول له: (لا أذوق غمضًا حتى ترضى) تضع يديها في يد زوجها وتسترضيه.
ولا مانع كما قلنا بعد ذلك بيوم أو يومين أن تحصل جلسة صفاء وجلسة حوار صافية, توضع بعدها الأمور في وضعها الصحيح وفي نصابها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم عليكم النعم والفضل، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ونتمنى أن تتواصلوا معنا، وأرجو أن تكسر هذا الجمود – كما قلنا – بأن تبادر فتكلمها وتناقشها، وتطلب منها أن تتفاهم معك حول هذا الأمر، وأرجو هذه المرة أن تكون في منتهى الهدوء وفي منتهى الحكمة، وتُحسن الاستماع إليها، واعرض لنا وجهة نظرها التي تصدر منها، وستكون من الحكمة إذا أتحت لها فرصة أن تتكلم فتقول ما تريد، ثم بعد ذلك نبدأ في العلاج الصحيح، وبيان الحقوق التي ينبغي للمرأة أن تعيها، فإنها من الخطورة بمكان أن تهجر المرأة فراش زوجها خاصة إذا طلبها لفراشه، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام– يقول: (كان الذي في السماء ساخط عليها) ويقول: (لعنتها الملائكة حتى تُصبح).
كما أن الهجر لا يجوز أن يستمر أكثر من ثلاث، هجر الكلام، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، هذا بين الناس جميعًا، فكيف إذا كانت في العلاقة بين الزوج وزوجه، وهي علاقة لها من الخصوصية ما لا يعلمه إلا الله، وهي الميثاق الغليظ والرباط الجميل بين الرجل والمرأة على كتاب الله وعلى سنة النبي -عليه صلوات الله وسلامه– ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يُحب ويرضى.
والله الموفق