هل هناك طريقة شرعية تمكنني من معرفة مستقبلي بخصوص الزواج؟
2012-07-14 06:17:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
هل هناك استخارة أو صلاة تمكنني من معرفة من سيكون زوجاً لي؟ أو هل توجد صلاة أو طريقة شرعية أستطيع من خلالها معرفة شيء عن مستقبلي بخصوص الزواج؟
شكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير، وأن يهيأ لك مستقبل يُرضيه، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تعلمي أن المستقبل من الغيب، وأنه لا يعلم الغيب إلا الله تبارك وتعالى، والإنسان ما ينبغي أن يشغل نفسه بهذه الأمور، عليه أن يؤدي ويفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، وما يذكره الناس في هذا الباب لا يعدُ أن يكون تجارب ليس لها أدلة شرعية تسندها، والإنسان قد يرى رُؤي فتتحقق، وقد يتوقع شيئًا فيحدث مثل ما توقع، ولكن هذه أمور نادرة ولا يُقاس عليها.
ولذلك الإنسان عليه أن يتوكل على الله تبارك وتعالى، ويؤدي ما عليه، يتوجه إلى الله، يسأل الله حاجاته، لأن الله هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى، أما أن يصلي الإنسان صلاة أو يفعل شيئًا معينًا من أجل أن يعرف المستقبل، فالمستقبل لا يعلمه إلا الله تباك وتعالى، قال تعالى: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله}.
وحتى الدجالين الذين يزعمون معرفة الغيب يُخطئون ويصيبون، والشياطين هي التي تأتيهم بالمعلومات فيضيف عليها مائة كذبة، ثم ينشرها بين الناس، والذي يأتيهم من الشياطين هو مما سرقته الشياطين مما سمعته من أخبار الناس عند الملائكة، فإنهم يسترقون السمع ويلقونه في شياطين الإنس من الدجالين والمشعوذين والسحرة والكهنة، ويضيفون عليها مائة كذبة، ثم بعد ذلك إذا قال الناس هذا كاذب قالوا: (ألم يقل في يوم كذا سيحصل كذا، وحصل الأمر كما ذكر) من أجل أن يثبت الشيطان تلك الضلالات.
ومن حق الإنسان أن يصلي ويتوجه إلى الله ويسأل الله خيرًا، وربما نام فرأى رؤيا، والرؤيا قد تصدق أحيانًا، يراها المؤمن وتُرى له، فلم يبقى من النبوة إلا المبشرات، أن يرى الرجل – أو المرأة - الرؤيا أو يُرى له، لكن هذه الأمور لا تعتبر من القواعد المطردة، وليس من الضروري أن يرى الإنسان كل ما ينتظره، لأن الغيب عند الله تبارك وتعالى.
فلا تشغلي نفسك بمثل هذه الأمور، ولو كان هذا الساحر وهذا الدجال يعلم الغيب ويعلم مصلحة نفسه فلماذا هو في الثياب الرثة! ولماذا هو أصلاً يحتاج لهذا العمل! ولماذا نراهم بؤساء محرومين من كثير من النعم التي يتطلعون إليها! هذا دليل على أنه لا يعلم الغيب إلا الله تبارك وتعالى.
أما مستقبلك بخصوص الزواج أو نحو ذلك، فالإنسان عليه أن يؤدي ما عليه، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، واعلمي أن لكل واحدة منها أخ أو ابن أو محرم يبحث عن الصالحات من أمثالك، فإذا جاءك الخاطب فانظري في دينه وأخلاقه، فإذا كان صاحب دين وصاحب أخلاق فلا تترددي في القبول به، وإذا حصل عندك تردد فعليك أن تصلي صلاة الاستخارة، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير سبحانه وتعالى.
وإذا كان هناك أشياء تتحقق للإنسان فأكبر سبيل نحقق به ما نريد هو أن نتوجه إلى الله المجيب الحميد المجيد سبحانه وتعالى بالدعاء، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وكم من إنسان توجه إلى الله فطلب شيئًا فأعطاه الله تبارك وتعالى ما أراد، والمؤمنة تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن أعطيت شكرت وإن لم تُعطى كانت بالمنع راضيًة، كما قال ابن الجوزي، يرجع بالملائمة على نفسه فيقول: (مثلك لا يُجاب)، أو يقول (فلعل المصلحة في ألا أُجاب).
فالإنسان لا يدري من أين يأتيه الخير، ولذلك المؤمن يتوكل على الله ويرضى بما يأتيه من الله تبارك وتعالى، ويوقن أن هذا الكون ملك لله ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، ولو أن أهل الأرض اجتمعوا لينفعوا الإنسان لا يمكن أن ينفعوه إلا بشيء كتبه الله وقدّره الله له، وإذا اجتمعوا وكادوا وخططوا ليحرموه وليمنعوه لن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله عليه.
فلا رادَّ لفضل الله ورحمته ولا ممسك لنعمه النازلة على عباده، ولا يستطيع إنسان أن يجلب لنفسه فضلاً عن غيره ضرًّا أو نفعًا، قال تعالى:{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}، وقال تعالى: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يُمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}.
نسأل الله أن يفقهنا وإياك في الدين، وأن يقدّر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونحن ما كُلفنا بالبحث بهذه الطريقة، فإن المستقبل بيد الله، والإنسان عليه أن يبدأ البدايات الصحيحة، يؤدي ما عليه ثم يتوكل على الكريم الوهاب، يفعل الأسباب ثم يتوكل على العزيز الرحيم، وترك الأسباب جنون، والتعويل على الأسباب خدش في التوحيد وعمل لا ينبغي أن يكون، لكن المؤمن يجمع بين فعل الأسباب والتوكل على الكريم الوهاب، ثم يرضى بعد ذلك بما يقدره الله تبارك وتعالى له.