تقدم لي شاب ينوي الهجرة فرفضة أبي وأهلي، فما توجيهكم؟
2012-07-12 08:23:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدم لخطبتي شاب عن طريق إحدى الزميلات في مقر عملي، وحيث أنه هو أيضاً يعمل معي ولكن بمجال آخر طلبني عن طريق هذه الزميلة للزواج، فكرت بالأمر واستخرت، وقمت بإعطائها رقمي ليتواصل معي، كلمني وشرح لي وضعه وأنه يريد أن يتقدم لي، بعدها بفترة تقدم لي هو ووالدته.
ولكنه قال لوالدي أنه سوف يسافر كندا لكورس لمدة شهر ونصف وبعد عودته يتم الرد عليه، سأل والدي عنه خلال هذه الفترة، ولكنه لم يسافر بسبب رفض الفيزا من السفارة، رد عليه والدي بالقبول بعد 3 أشهر، وطلب بدوره شهرين لأنه يحاول السفر وسوف يأتي بعد شهرين، وأعطى تاريخاً محدداً، جاء في هذا التاريخ ولكنه لم يسافر أيضاً، كان المفروض أن يتفقوا على الزواج، فقال لوالدي أنه يريد الهجرة لكندا، وأنه يريد أخذ الجنسية الكندية، وأننا سوف نسافر بعد أسبوعين من الزواج.
وبعد ذهابه رفض أهلي جميعهم الفكرة والابتعاد عنهم، علماً بأنني طول هذه الفترة كنت أكلمه وأنا أحبه كثيراً، ولكن عندما رأيت أمي تبكي وأبي غير موافق غضبت، وأخذت الهاتف وقلت ارفضوا وخلصوني، كلمه والدي وقال له ليس لديك نصيب وأن لا يتصل بي، تعبت بعدها ومرضت وكنت أتصل عليه وهو لا يرد، وأرسل مسجات أترجاه يرد علي ورفض، كلمني بعدها بأسبوعين قال لم أرد بحسب طلب والدك ولن أكلمك مرة أخرى.
وكان غاضباً لأن والدي كلمه بأسلوب غير لائق، ولأن والدي رفضه تماماً ولم يرفض الفكرة، وأنا أعلم أن والدي يقصد رفض فكرة الهجرة للخارج، ما زلت متعلقة به، طلبت منه أن يطلبني مرة أخرى، ولكنه قال كرامتي. وأنا لا أستطيع نسيانه.
آسفة على الإطالة، أرجو الرد والدعاء لي، علماً بأنني لا أتكلم مع أهلي منذ ذلك الوقت قرابة الشهر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هيفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه وأن يبارك فيك وأن يقدر لك الخير حيث كان.
وبخصوص رسالتك، فنحن نتفهم كثيراً نفسيتك وما تعانيه من ألم، ونحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:
أولاً: كان مشايخنا يقولون: لا تتمنى أمراً لم تدركه فقد تظنه العافية وفي جوفه الهلكة، وهذا بعض تفسير قول الله عز وجل: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]. لا تحزني - أختنا الفاضلة - على ما لم تدركيه، فقد يكون شراً صرفه الله عنك، ولو نظرت إلى بعض النساء اللاتي تغربن عن أهلهن لوجدت في بعضهن مآسي لا يعلمها إلا الله عز وجل.
والمؤمن - أيتها الفاضلة - لا يحزن على ما فاته؛ لأنه يعلم يقينا أن الخير له، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى من حديث مسلم في صحيحه -: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له). وهذا ما يشفي صدور المؤمنين، ويذهب الحزن عنهم؛ ذلك رابح في الحالتين: في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن، وفي أحواله كلها. فهو موقن أن المؤمن عليه:
أن يسعى إلى الخير جهده *** وليس عليه أن تتم المقاصد
ثانياً: سلمي لله فيما أراد وثقي أن الله سيعوضك، ولعل الله مدخر لك من هو أفضل منه وأصلح، ولا تستمعي إلى وسوسة الشيطان وتثبيطه لابن آدم بأن ما فات خير ولن يكون أفضل منه، هذا وهم وخطر، ولنستمع إلى هذه القصة الصحيحة عن أم سلمة لما مات زوجها أبو سلمة - رضي الله عنهم جميعاً-، تقول أم سلمة - رضي الله عنها-: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها. إلا أخلف الله له خيراً منها».
قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبى سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم عليه-!
فانظري - أيتها الفاضلة - كيف كان العوض حين تمسكت بالسنة وسلمت أمرها لربها.
ثالثاً: ما فعله أبواك صحيح والدافع إليه الحرص عليك والخوف، ولن تجدي في الوجود - أيتها الفاضلة - من يهتم بك مثلهم أو يحبك حبهم، وقد أوصاك القرآن والسنة ببرهم، والتحذير من عقوقهم، فلا تضيعي - أيتها الأخت الفاضلة - حقهم وتذكري قول القائل:
من كل شيء إذا ضيعته عوض *** وما من الله إن ضيعتهُ عوضُ
وبرهم واجب وفرض، والسعادة الدنيوية والدينية في رضاهم، فاحرصي على ذلك – أختنا -، وبادري بالحديث إليهم.
رابعاً: نوصيك أختنا ألا تكرري الاتصال، ولا تحاولي بعد أن ظهر من الأخ عدم واقعيته في التعامل مع الحياة، فيبدو من خلال حديثك أنه يفتقد النظرة الموضوعية، وما دمت صليت الاستخارة وتوكلت على الله فثقي أن الخير قادم، وكوني على يقين أن الله إذا قدر هذا زوجاً لك سيكون ومن غير إذلال أو حرص، وأن قدر غير ذلك فسيكون ولو فعلت ما فعلت ، فتوكلي على الله واتركي الأمر إليه.
وفي الختام نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرضيك به، وأن يختار لك الزوج الصالح التقي، والله الموفق.