هل أطيع زوجي في مقاطعة ولدي؟
2023-05-07 03:12:42 | إسلام ويب
السؤال:
اختلف زوجي مع أهل خطيبة ابني، فزوجوه بغير علمنا أثناء سفرنا في الخارج, الأمر الذى أغضب زوجي من ابني ومن أهل زوجته, وهي قريبتي, فأمرني وأولادي بمقاطعة ابني وأهل زوجته, ولكني ترجيته أن يسمح لي بأن أتصل به ولكن دون جدوى, ولكني أم ولا أطيق ذلك, وأتألم لفراق ابني الذى لم أره منذ ست سنوات, وبعد جهد كبير سمح لي, حاولت أن أصلح بينهم ولكن دون جدوى؛ لأن ابني حاول أن يصالح والده ولكنه يفرض عليه أشياء صعبة من وجهة نظره.
وفي يوم طلبت منه أن أراه وحده حتى ولو خارج البيت؛ لأن والده لا يسمح له بالدخول للبيت, ولكنه رفض لأنه لا يريد أن يأتي وحده -يعني معه زوجته- وأنا أخاف أن تغدر بي ثانيًا, وقلت له أنا سامحتها ولكن أبقها بعيدًا حتى أتقي شرها.
فهل ما طلبه يجوز شرعًا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصلح ما بين زوجك وبين ولدك، وأن يعيد الألفة بين أهلك وقرابتك جميعًا.
لا شك -أيتها الأخت الكريمة- أن طاعة الزوج في مقاطعة الولد ليست واجبة عليك، ولكن مع هذا ننصحك أن تتجنبي إغضاب زوجك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإذا استطعت أن تتواصلي مع ولدك خفية عن زوجك فلك ذلك، وطلبك من الولد أن يزورك في بيتك مما يجب عليه أن يطيعك فيه، فإن بر الوالدين فريضة من فرائض الله تعالى على الإنسان، وطاعتهما فيما ليس فيه معصية لله تعالى واجبة، كما دلت على ذلك آيات القرآن العزيز وأحاديث النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – وقال في ذلك أهل العلم.
ومن ثم فنحن نرى -أيتها الأخت الكريمة- أن توضحي هذا الأمر لولدك وأن تبيني له بأن برك واجب عليه، وطاعتك فرض عليه، وأنه لا يجوز له أن يتعنت وأن يتمنع من زيارتك في البيت، بمثل هذه الشروط التي اشترطها، واستعيني على نصح الولد بكل من له تأثير عليه ممن قد يسمع الكلمة منهم، وأنت بلا شك أولى الناس بالتأثير عليه، فإن حب الولد لأمه أمر فطري، ولكن الولد قد يكون الدافع له محاولة الضغط على الأسرة لعل في ذلك ما يصلح بينه وبين أبيه، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فينبغي أن توضحي هذه القضية للولد وضوحًا تامًا، وأنه إن لم يطع أمرك في الإتيان إلى البيت من غير زوجته، فإنه يقع بذلك في معصية الله تعالى، ويلحقه بذلك الإثم الشديد.
ومع هذا -أيتها الأخت الكريمة- نرى أنه إذا أمكن أن تستعطفي زوجك، وتترفقي بالطلب إليه بأن يعفو على الولد, وأن يسمح له ولزوجته لدخول البيت وزيارتكما فيه، وتذكري الزوج بثواب العفو والصفح، فإن الله عز وجل يحب المحسنين كما قال سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
وأخبر سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن عفوه ومغفرته لمن يغفر للناس إذا أخطؤوا، فقال سبحانه وتعالى، وهو يعاتب أبا بكر الصديق حين حلف ألا يعطي قريبه (مسطح) بعد أن أساء مسطح إلى سمعة عائشة – ابنة أبي بكر الصديق رضي اللهُ عنها – وردد المقولة التي اتُهمت بها ظلمًا وعدوانًا، وكان أبو بكر يُنفق عليه، فحلف أبو بكر ألا يُنفق على مسطح بعد ذلك، فأنزل الله عز وجل: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}، فدعاه سبحانه وتعالى إلى أن يغفر ويصفح ويسامح حتى يغفر الله له ويعفو عنه.
فذكري زوجك بهذه الحقائق، وهذه المعاني، لعل الله عز وجل أن يهديه سواء السبيل، فيتجاوز ويسامح ولده، وانصحي ولدك ببذل ما يستطيعنه من الجهد في سبيل استرضاء والده والاعتذار إليه, وطلب مسامحته وإظهار التوبة مما كان في الماضي, وإظهار العزم على ألا يرجع إلى ذلك في المستقبل، فهذا كله جدير -إن شاء الله تعالى– بأن يثني هذا الأب عن قراره ويغيّر سلوكه نحو ولده.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم كلها ويقدر لكم الخير.