زوجي يخونني مع أخرى .. فما العمل؟
2012-05-20 12:46:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أثابكم الله أتمنى الإجابة بالتفصيل.
أنا امرأة متزوجة، وزوجي يدعي الاستقامة، ويؤم بالناس، ولكن للأسف لقد اكتشفته قبل سنة تقريبا، وهو يكلم امرأة أخرى، ولما واجهته قال: بأنه عاقد عليها، وهو في الأصل يكذب؛ لأنه قال لي: بأنه طلقها وحلف لي أيمانا مغلظة بأنه طلقها، وبعد مرور ستة أشهر، اكتشفت أنه لازال على علاقة معها، ولا أعلم ما نوع العلاقة، ولكنه يكلمها ويرسل لها رسائل، وكأنه يحدث زوجته مع العلم أنه كثير الحلف بالله، وهو غير صادق ويتحجج بأنه يحلف بالله لمصلحه، وأنه لا يقصد ما يحلف عليه، والآن أخبرني بأنه سيتزوجها، ولا أخفيكم أن هذا الأمر ضايقني جدا، ولكن مضايقتي منه أشد وهو يكذب، ولا أعلم الصدق من كلامه، أنا جدا غاضبه منه، ولا أستطيع حتى أن أكلمه، ولكن لدي أطفال، وطفلتي الكبيرة ذكية جدا، وتعلم بكل ما يدور بيننا، وتتضايق جدا، وتقول لي: بأنها تخاف أن يتركنا ويذهب مكانا آخر، وأنا مهتمة جدا بنفسية أبنائي.
الآن بعد كل ما حدث، لم تبرأ جروحي، ولا أنام الليل من شدة التفكير، ويأتيني صداع شديد، وفوق هذا يأتيني زوجي ويطلبني للفراش، وأنا بنفسية لا تسمح لي بأن أحدثه وقتها، وكأن يريد أن يصغرني أمام نفسي ويذلني بهذا الأمر، ويتحجج بحديث الرسول صلى الله علية وسلم، أن الملائكة تلعن المرأة إذا أبت فراش زوجها، وهذا الأمر أقلقني جدا، فأنا لا أريد أن أكسب ذنبا، ولكن لا أستطيع أن أعطيه ما يريد، وغصبا عني، وأنا متضايقة جدا منه.
أعتذر عن الإطالة ولكن لا أجد من أشكو إليه!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعافيك من كل علة وآفة. كما نسأله جل جلاله أن يغفر لزوجك وأن يتوب عليه، وأن يشرح صدره للحق، وأن يباعد بينه وبين الكذب، وأن يرزقها الاستقامة على دينه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن من أخطر الأمور التي تهدد استقرار الأسرة وتؤدي إلى فقدان الثقة ما بين أطرافها إنما هو الكذب، فالكذب آفة مدمرة حقًّا، ولذلك ما لعن الله الكاذبين ولا غضب عليهم ولا توعدهم بالنار إلا لخطورة هذه الصفة الذميمة القبيحة المرذولة، وجعلها الله تبارك وتعالى من صفات المنافقين، كما قال تعالى: {والله يشهد إنهم لكاذبون}.
فالكذب فعلاً مما لا شك فيه من الآفات المدمرة لكل استقرار وأمن وسعادة، والمذهبة لرياح الاستقرار، والمضيعة للأمن والأمان، والمفقدة للثقة، والتي تجعل الحياة يختلط فيها الحابل بالنابل، ويختلط فيها الصدق بالكذب، وتؤدي إلى التيه، وإلى الفوضى، وإلى عدم الراحة، وإلى التشكك الدائم في كل ما يُقال حتى وإن كان صدقًا.
فهذه الآفة العظيمة التي ابتلي بها زوجك مما لا شك فيه من الآفات المدمرة، وكونه يقول إني أحلف للمصلحة فهذا يزيد الطين بلة؛ لأن الحلف للمصلحة ليس بهذه الطريقة أن يتوسع الإنسان في الكذب حتى يفقد الطرف الآخر الثقة في كل كلامه، وحتى ينعزل عنه قلبيًا وعاطفيًا ومشاعريًا، وحتى يشعر بأنه لا يطيقها ولا يريدها.
ولذلك أمام ذلك كله أقول - أختي الكريمة الفاضلة - : أنت مما يبدو من رسالتك سيدة فاضلة عاقلة واعية مدركة لمسؤولياتها، وتعلمين أن الطلاق شؤم وأنه حل مشكلة بمشاكل، ولذلك ليس أمامك حقيقة في المقام الأول إلا الصبر الجميل، والصبر ليس سلاحًا سلبيًا، وإنما هو سلاح إيجابي جدًّا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم : – ما أمره الله بالصبر إلا لما فيه من فوائد، بل لم يكتفِ بأن أمره بالصبر فحسب، وإنما قال: {فاصبر صبرًا جميلاً} وقال له: {فاصبر الصبر الجميل} والنبي - صلى الله عليه وسلم – بشرنا بقوله: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا).
فعليك بالصبر واحتساب الأجر والمحافظة على طاعة الله تبارك وتعالى، كما أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف الله هذه الآفة عن زوجك وأن يعافيه منها، وأن يجعله رجلاً صادقًا صدوقًا يكره الكذب ويبغضه ويمقته، واعلمي أن الدعاء أيضًا سلاح من أخطر الأسلحة بل هو أخطرها على الإطلاق، ولذلك استعمله الرسل والأنبياء في جلب الخير لأممهم ودفع الضر عنهم، وفي إلحاق العذاب بهم إن استحقوا ذلك.
فعليك بارك الله فيك بالدعاء والإلحاح على الله خاصة في أوقات الإجابة أن يصلح الله لك زوجك، وأن يرده إليك مردًّا جميلاً، لأنه وكما لا يخفى عليك تعلمين أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وقلب زوجك بين أصبعين من أصابع الملِك جل جلاله سبحانه، فعليك بالإلحاح على الله تبارك وتعالى، والدعاء في أوقات الإجابة خاصة في جوف الليل أن يصلح الله لك زوجك وأن يعافيه من هذا البلاء وأن يرده إلى رشده وأن يعيد إليه صوابه. والله تبارك وتعالى قادر، ولكن لا تيأسي من رحمة الله ولا تقنطي من روح الله.
عليك بمواصلة الدعاء مهما طال الزمن، لأن الأنبياء والرسل بعضهم ظل يدعو قرابة الأربعين عامًا حتى استجاب الله له لأمر من أمور الدعوة. فإذن عليك بالدعاء مع الصبر واحتساب الأجر عند الله، وأبشري بفرج من الله قريب.
وعليك بالنسبة فيما يتعلق بحقه إذا أراد أن يطلبه منك حاولي فيما بين الفينة والفينة أن تذكرينه بأن الذي يفعله يكسر نفسيتك، وأنه يدمر ثقتك فيه، وأن هذا الكذب وعدم الوضوح لا يأتي على الأسرة بخير، وأنه ليس لديك أدنى مانع أن تقدمي له نفسك على طبق من ذهب، ولكن شريطة أن تكوني مستريحة نفسيًا، وأن تكوني مطمئنة داخليًا، أما الذي يفعله فإنه يجعل هذا الأمر نوعًا من العقوبة؛ لأن المرأة إذا شعرت بعدم الأمان استحال عليها أن تقدم نفسها بسعادة واطمئنان، وإنما إن قدمت لنفسها لزوجها فكأنما تؤدي واجبًا مجبورة عليه، ولذلك تفقد هذه العملية رونقها وتفقد متعتها ولذتها.
بيّني له ذلك في غير ذلك الوقت (وقت المعاشرة) وأنصحك بالصبر وعدم حرمانه من حقه حتى لا تجمعي على الشر شر، نعم أنا أعلم أن هذا الأمر سيكون في غاية القسوة والشدة والألم، ولكن فصبر جميل، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة).
فعليك بعدم التقصير في حق زوجك، وعليك بالاهتمام بنفسك غاية الاهتمام، لأنك إن أهملت نفسك ولم تنظفي نفسك النظافة الخاصة قد تدفعين زوجك إلى الطرف الآخر بكل قوة، وعندما تتكلمين معه يقول لك (أنت أهملتني، والثانية أنظف منك وأجمل و، و، و) وسيظل يعتبر تقصيرك هذا أسلحة يدمرك بها.
فعليك رغم وجود الخلاف القائم بالأخذ بكل الأسباب الممكنة من الاهتمام بنفسك كل الاهتمام الخاص والتزين وأن تكون غرفتك أشبه ما تكون بروضة من رياض الجنة، وإذا ما طلبك فتوكلي على الله، وقولي (اللهم أعني على أن أعطيه حقه واربط على قلبي كما ربطت على قلب أم موسى) وبذلك تمر - إن شاء الله تعالى – الأمور على خير، ومع حسن العشرة والمعاملة والكلمات الحسنة سوف يأتيك زوجك، لأنك الأصل، وأنت الزوجة الطيبة أم الأولاد، سكنه ووده.
نسأل الله أن يصلح ذات بينكم، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يسعدك في دنياك وآخرتك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.