بعد العقد ... هل تنصحونني بفسخ العقد للخلاف مع زوجتي؟
2012-04-25 08:12:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم كل الشكر على هذا المجهود الرائع.
مشكلتي تتلخص بأني عقدت قراني على فتاة ذات أدب ودين وعلم، هكذا كنت أحسبها، وهي زميلتي بالعمل، لكن بعد عقد القران بشهر بدأت المشاكل:
أولا: أهل البنت لا يبالون بالأمور الاجتماعية نهائيا، مثل واجبات النسب، أتصل عليهم أكثر من مرة فلا يجيبون جميعهم، وعندما أسألهم يتحججون بأنهم مشغولون أو .....
ثانيا: الوالدان على خلاف دائم مع بعضهما البعض، علما بأن الأب مسافر خارج البلد، ولا يأتي إلا مرة في السنة، وأم البنت طلقها الأب أكثر من مرة.
علما بأن الأم مطلقة أيضا قبل زواجها منه.
ثالثا: البنت تعمل، ولا تريد ترك العمل، ولا حتى أخذ إذني بذلك بحجة أني تقدمت لها وهي تعمل.
وتريد أن تسكن في أماكن معينة، وتشترط مكان السكن، علما بأني أريد أن أسكن في مكان أستطيع أن أدفع أجرته حسب راتبي، علما بأنها لا تريد المساهمة بمصروف البيت، وإذا أرادت ذلك فهو بمزاجها. شرعا حق النفقة على الرجل.
رابعاً: البنت تبعث لي برسائل كلها إهانات ومسبات وأني ظلمتها وكسرت خاطرها.
ملاحظة: أنا وأهلي حاولنا الإصلاح أكثر من مرة.
- أبوها لم يتحدث معي إلا مرة واحدة فقط لمدة عشر دقائق، وبناء على اتصالي الشخصي به.
- البنت تقول أنها ستساعدني بالمصروف، وأنها تحبني.
فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بابننا الكريم في موقعه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمره، وأن يقدر له الخير حيث كان ثم يرضيه به.
ويسعدنا أن نقول لابننا الكريم ولأمثاله من الشباب: نحن في خدمة أبنائنا والبنات الذين هم أغلى ما نملك في هذه الأمة بعد توفيق الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يصلح لنا ولك النية والذرية، هو ولي ذلك والقادر عليه.
بداية نشكر لك خطبة صاحبة الدين، وهي لا تزال إن شاء الله على خير، ونسأل الله أن يعينك وإياها على الثبات والسداد، وننصحك بداية بأن لا تحاكم هذه الفتاة بتعامل أهلها وتقصير أهلها في حقك، فإنك إنما تزوجت الفتاة ولم تتزوج أهلها، إذا كانت الفتاة صاحبة دين فهذا هو الأساس الذي تبني عليه، وإذا قصر أهلها فذلك قطعًا لا نتمناه، ولكن عمومًا لا نستطيع أن نلوم الفتاة أو نعاقب الفتاة على تقصير أهلها وجريرتهم، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
أما بالنسبة لكون والدها ووالدتها على خلاف فهذا لا يخلو منه كثير من البيوت، صحيح كان بودنا أن تنظر لهذه الأمور في البداية، لكن أنت خطبت الفتاة وهي زميلة عمل وخطبتها لدينها وخلقها وأدبها، وسبحان من يُخرج الحي من الميت، فأيضًا نحن لا نستطيع أن نحاسبها ونحاكمها على جريرة والديها، وعلى كون أمها كانت من قبل مطلقة ثم طلقها هذا الأب كذلك بعد ذلك، بل أنت بحاجة إلى أن توصل لهذه البنت الحماية والأمن الذي ربما فقدت جزءًا كبيرًا منه في حياتها.
أما بالنسبة لمسألة العمل والاستمرار عليه، فهذا شرط ينبغي أن تتفقا عليه، وأظن أن مثل هذه الفتاة تحتاج أن تعمل، فهي قد تخسر الوظيفة وتخسر أشياء أخرى، ولذلك أرجو ألا تكون هذه مشكلة ومحل خلاف، وأرجو أن تسمح لها طالما كان العمل شريفًا وليس فيه مخالفات شرعية، وعليها أن تلتزم بالحجاب، وأن تغيّر حياتها ونمط تعاملها من الزملاء ومع الزوار ومع العملاء بعد ارتباطك بك، هذا جانب ينبغي أن تنتبه له.
أما بالنسبة للنفقة فالأمر كما ذكرت الفتاة ليس لها أن تساهم، فالمال لها إلا إذا اشترطت عليها ذلك، وطبعًا إذا اشترط الزوج ذلك ورضيت هي بذلك فإن عليها أن تشارك؛ لأن الرجل أيضًا زوج المرأة العاملة يفقد أشياء كثيرة، فهو يأتي إلى العمل ويجد زوجته متعبة غير مهيأة لاستقباله، غير متجهزة له، والعمل يأخذ جزءًا كبيرًا من وقتها، فلذلك إذا اتفق معها وطلب منها أن تساعده وأن تساهم معه في مصروف البيت فنحن نعتقد أن ذلك من حسن المعاشرة، مع أننا لا نفضل في حالة الرجل المستطيع الذي عنده قدرة أن يمد يده على دراهم المرأة، لأن هذا يؤثر جدًّا على العلاقة الزوجية، كما أن الرجل إنما فضله الله تبارك وتعالى وجعل القوامة بيده لمؤهلات فطرية خلقها الله في الرجل كالقدرة على الاحتمال، والقدرة على عمق النظر، والتروي في اتخاذ القرارات، وهناك جانب أيضًا وهو كسبه وإنفاقه على الأسرة، {وبما أنفقوا من أموالهم} فحق النفقة على الرجل، وبهذا الحق الرجل أعطته الشريعة حق القوامة، وقيادة الأسرة، وحق التوجيه، وهذا أيضًا كريم في حق الرجل أن يُنفق على أهله وأن يُحسن إليهم بقدر استطاعته.
أما بالنسبة لرسائلها لك بالإهانات والمسبات وأنك ظلمتها وكسرت خاطرها، فنحن لا ندري ما الذي دفعها إلى ذلك، فهل شعرت أنك تريد أن تنسحب، أو هددتها بأنك تريد أن تتركها أو حاكمتها بجرائر أهلها فبدأت تسب؟
نحن نرفض السب، ولكن لابد أن نعرف ما الذي دفعها إلى هذا السب، وما الذي جعلها تكتب هذا الكلام؟ هل لأنها فقدت العمل وتشعر أنها وجه لها ضربة في الصميم لأنك خطبتها وتركتها، ومعروف كلام الناس في مثل هذه الأحوال، وقد يساء بها الظن؛ ولذلك ينبغي أن تقدر هذا الجانب، ومع ذلك نحن لا نؤيد إصرارها على السب أو إرسال رسائل فيها تجريح، ولكن لعل ذلك واضح من قولها أنك ظلمتها وكسرت خاطرها، لأنك بدأت هذا المشوار ثم تحاول الآن الانسحاب وتركها هكذا ضياع، وقد يفوت عليها الكثير من الفرص لأنك خطبتها ثم تركتها، وهذا مضر جدًّا بالنسبة للفتاة بلا شك.
كون أهلك ساعدوا وحاولوا في الإصلاح فهذا طيب، ولكن نحن نتمنى ألا نستعجل بإدخال أهل الفتاة وأهل الفتى، ونريد للرجل أن يدير معركته وأن يدير الخلافات التي قد تحصل بينه وبين زوجته أو بين زوجته وأهلها أو أهله، فإنه عليه أن يديرها بحكمة وحنكة ودون أن يدخل أطرافا أخرى، فإننا في زمان قل أن يجد فيه الإنسان من ينصح ويشجع ويعين على الخير.
وبالنسبة لتقصير والدها وأنه لم يكلمك فأنت أيضًا لا تحاسبها على تقصير والدها، فبعض الأسر هكذا والناس طبائع مختلفة، ونحن نتمنى أن يكون هناك اهتمام أكثر من هذا، لكن في العموم مثل هذه الأمور الإنسان يحتاج أن يقف عندها ليعرف طبائع الناس وطريقة تواصلهم مع الآخرين، فإن بعض الناس أصلاً علاقاته الاجتماعية محدودة جدًّا، فإذا أصبح فإنه لا يستطيع أن يقوم بمثل هذه الأدوار.
وبالنسبة للحل: نحن ندعوك إلى أن تصبر وتحاول، وتنصح، وتضع نقاط الحروف على كثير من الأمور، وعند ذلك ينبغي أن تستخير أيضًا، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، ولا مانع أن تستشير من يعرفك ويعرف الفتاة، فالذين حولك أعلم بأحوالك وأعلم بأحوال الناس وعاداتهم وطبائعهم.
نسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، ونتمنى ألا تستعجل في اتخاذ قرار الفراق قبل أن تحاول كل المحاولات.
نسأل الله أن يهملكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.