كيف أنظم وقتي إذ لم أتزوج ولم أحصل على وظيفة؟
2012-04-29 11:10:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت في البداية أن أشكركم على النصائح التي تقدمونها لنا، - الحمد لله - حياتي تغيرت للأفضل, وكذلك تفكيري؛ لأنني استشرتكم ربما أربع مرات.
المهم: مشكلتي أنني لا أعمل, ومتخرجة منذ ستة أشهر, وأشعر بالوحدة أحيانا؛ لأن صديقاتي يعملن، والأخريات يدرسن، وأنا في البيت أحادث أختي الصغيرة فقط، ولهذا كل وقتي على برامج المحادثة، أحادث صديقاتي فقط، وهذا يسبب لي ازعاجا لأنه لا يوجد هدف في حياتي.
وأشعر إذا تواصلت دائما مع صديقاتي أن المشاكل تكثر بيننا، أو ربما يصيبني نوع من الملل، وموضوع الوظيفة يسبب لي اكتئابا وتفكيرا؛ لأني لا أدري لم حتى الآن لم أتوظف مع أني تقربت إلى الله، وأدعو كل وقت، وفرحت من أجل صديقاتي، ولكن أريد أن أتوظف مثلهن، وأغلب وقتي -مثل ما قلت- على الإنترنت، أحادث صديقاتي أو أشاهد المسلسلات على اليوتيوب.
وطبعا أفعل كل واجباتي الدينية، وأخاف من الإنترنت يرجعني للماضي الذي أحاول أن أنساه، وأخاف إذا ابتعدت عن صديقاتي أن أشعر بالوحدة، فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله الجليل جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك على حفظ وقتك وتنظيم حياتك، وأن يمنَّ عليك بعمل طيب لا يتعارض مع شرع الله، وأن يتفضل عليك بزوج صالح يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – من أنك تعانين من فراغ كبير رغم أنك تحاولين استغلال الفراغ الذي لديك في التواصل مع صديقاتك، إلا أنك تشعرين في أوقات كثيرة بنوع من الملل، وقد يحدث بينكم خلاف أو مشاكل، وكذلك أيضًا يشغلك موضوع الوظيفة، حتى إنه سبب لك اكتئابا، وتسألين لماذا أنا وحدي التي لم أتوظف وبالتالي لم أتزوج، رغم أنك لست أقل من صديقاتك في شيء، وتقضين معظم الوقت على الإنترنت في أحاديث جانبية مع صديقاتك أو مشاهدة مسلسلات.
ورغم ذلك فأنت تحافظين على كل واجباتك الدينية, وتخافين من أن الإنترنت يردك إلى الماضي الذي تحاولين نسيانه، وتخافين أيضًا إذا ابتعدت عن صديقاتك أن تشعري بالوحدة، فما الحل؟
الحل ابنتي الفاضلة (مريم) في وجود هدف كبير لابد أن تضعينه أمامك، لأني ألاحظ الآن أنك تعشين حياة بلا هدف، وبما أنه لا هدف لديك فأنت تتخبطين في حياتك يمينًا ويسارًا, وشرقًا وغربًا, ولم تستطيعي أن تصلي بعد إلى واقعٍ تستطيعين من خلاله أن تسعدي, أو تجعلي لنفسك نوعًا من الأمن والأمان والاستقرار، ولذلك القضية تكمن -بارك الله فيك- بداية في ضرورة أن يكون لك هدفًا كبيرًا تضعينه أمام عينيك تسعين لتحقيقه، ويأخذ وقتك، ويقضي على كل هذا الفراغ الذي تعانين منه.
وهذا الفراغ لن يتم القضاء عليه إلا بوضع مخطط من قبلك لاستغلال هذا الوقت الاستغلال الأمثل، ولذلك أقترح عليك عدة مشاريع عسى الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك لها، وأن تستغلينها لملء فراغك في شيء نافع، لأنك تعلمين أن أعظم ما تملكينه وأعظم رأس مال لك إنما هو عمرك، وأنت تضيعينه الآن سُدى، خاصة وأن هذه المرحلة هي مرحلة العمل ومرحلة الجِدَّ والاجتهاد والعطاء، والنبي - صلى الله عليه وسلم – بيّن أن الإنسان الذي يمر مرحلة الشباب وهو على خير سيكون صاحب منزلة عالية عند الله في الآخرة.
ألم تسمعي قول النبي - صلى الله عليه وسلم – : (عجب ربك من شاب ليست له صبوة)؟! ومعنى (صبوة) أي الهنات والزلات وتضييع أوقات في غير ما فائدة أو نفع، وكذلك أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم - : (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وعدَّ منهم (شاب نشأ في طاعة الله) والشاب هنا ليس معناه الرجال من الشباب فقط، وإنما شاب أو شابة، أي من كان في مثل سنك هذه، عندما يحاول في أن يستغل وقت فراغه استغلالاً رائعًا, واستغلالاً مفيدًا, وهادفًا ونافعًا، فإنه سيكون في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظل الله مولانا تبارك وتعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه.
ولذلك أتمنى أن تضعي مشروعًا من هذه المشاريع نصب عينيك، وأن تبدئي في تنفيذه حتى يمنَّ الله تبارك وتعالى عليك بالوظيفة أو بالزواج.
المشروع الأول: لماذا لا تفكرين في حفظ القرآن الكريم خلال هذه الفترة، وأن تربطي نفسك بأحد مراكز تحفيظ القرآن النسوية، ومن خلالها تستطيعين أن تملئي وقتك بعبادة هي أجل العبادات, وبطاعة هي أعظم الطاعات، لأنك تعلمين أن القرآن الكريم هو كلام الله تبارك وتعالى الذي منه نزل وإليه يعود سبحانه، وفي نفس الوقت هو أعظم كلام نشغل به أوقات فراغنا، لأن كل حرف تقرينه أو تحفظينه لك به حسنة والحسنة بعشر أمثالها.
أتمنى بارك الله فيك أن تضعي هذا المشروع الآن نصب عينيك, وأن تحددي أوقاتك, وأن تنظمينها، بمعنى أنا لا أقول لك لا تتواصلي مع صديقاتك ما دمت تتحدثين مع فتيات فقط، فلا مانع من ذلك شريطة أن يكون الكلام نافعًا أو مفيدًا، ثم بعد ذلك اجعلي وقتًا لحفظ القرآن الكريم، واجعليه عادة كعادة الطعام والشراب والمنام، ولا تجعليه حسب الظروف والأحوال، وإنما نقول مثلا من الساعة الرابعة إلى الساعة السادسة هذا لمشروع القرآن الكريم.
فعليك – ابنتي الكريمة الفاضلة – أن تحددي وقتًا للقرآن الكريم, وأن تجتهدي في ذلك.
كذلك ما المانع أن تبدئي في دارسة ما يتعلق بالفروض العينية كعلم الطهارة, والصلاة, والتوحيد، فمثلا من الممكن أن تبدئي في قراءة كتاب في الطهارة وأحكامها خاصة ما يتعلق بالاستنجاء والوضوء والحيض والغسل وغير ذلك، فهذه أمور أتمنى أن تقرئينها بتأنٍ حتى تكون لديك ذخرًا وعدة لك في حياتك المستقبلية بإذن الله، وتستطيعين أيضًا أن تنفعي صويحباتك وجاراتك وأهلك بهذا العلم الدقيق النافع الذي قَّلما قرأه أحد من النساء إلا قليلا.
كذلك أيضًا ما يتعلق بالعقيدة والتوحيد ومعنى لا إله إلا الله، والإيمان بالقدر، والإيمان باليوم الآخر. أتمنى أن تجعلي ذلك أيضًا هدفًا من الأهداف التي أمامك.
ثم أيضًا هناك هدف ثالث تضعينه: ما رأيك في قراءة السيرة النبوية – مثلاً – أو قصص الأنبياء، بمعنى أن تتعرفي على تاريخ العالم وتاريخ الإنسانية من آدم عليه السلام إلى يومنا هذا, فكتب السيرة والقصص شيء رائع وسهل ومحبب إلى النفس، وبذلك تستطيعين أن تلمي إلمامًا كبيرًا بأهم الأحداث التي حدثت عبر تاريخ الإنسانية.
لماذا لا تبدئين مثلا في دراسة بعض الأمور التي تتعلق بشؤون الأسرة، تضعين نصب عينيك ذلك أيضًا بأن تحددي وقتًا تقرئين فيه كتابًا أو عدة كتب عن الحياة الزوجية في الإسلام.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن نغتنم وإياك خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.
هذا وبالله التوفيق.