بعد انتهاء المشاجرة بيني وبين أحدهم وانصرافه أقوم بسبه ولعنه
2012-03-12 11:21:34 | إسلام ويب
السؤال:
سعادة الدكتور، السلام عليكم
إنني أعاني من المشكلة التالية:
عندما يقع علي ظلم من أحدهم وأغضب منه, فإنني بعد أن يغادر, أو أغلق سماعة الهاتف, أو أذكر ذلك الموقف منه, فإنني ( وهنا المشكلة ) أقوم بيني وبين نفسي وبصوت مرتفع وحاد, بشتمه ولعنه, ولعن أبويه, وأستخدم الكلمات النابية المستخدمة في بلاد الشام، ولكن بمجرد مرور بضعة ثوان أنتبه لنفسي, وأقوم بطلب الاستغفار والدعاء بالخير لهؤلاء الأشخاص, تكفيرا عما بدر مني.
علما أن الشتائم والكلمات النابية التي ذكرتها أعلاه لا أستسيغ استعمالها, وأتورع من ذكرها, حتى بيني وبين نفسي.
أرجو مساعدتي لحل هذه المشكلة, لأنني أشعر بالذنب الكبير, وقد حاولت مرارا أن أحدث نفسي وأعطي الوعود لها, بأنني لن أعود لذلك مهما حصل, ولكن أعود لنفس التصرف, علما أن ضغوط الحياة - وكما تعلمون - موجودة لدي كما لدى الجميع.
وفقكم الله لخدمة الأمة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام ضباعي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالذي يظهر لي أن هذا التصرف الذي يبدر منك هو نوع من التطبع الذي درجت على اتباعه، وذلك لأنك لا تفضل المواجهات واختلاق الأزمات مع الآخرين, الحياء منعك من أن ترد السوء بالسوء, وهذه ميزة طيبة، لكن ربما يكون الصمت وعدم إبداء الانفعالات هو الذي جعلك تتصرف بالطريقة التي ذكرتها.
وأنا أقول لك: إن هذا النوع من التصرف هو تنفيس وتعبير عن الذات، أنت تقوم بالتفريغ عن نفسك, وأنت لا تريد أن تسقط غضبك على الشخص المعني، ولذا تسقطه على نفسك بهذه الصورة، وهذا يعتبر إسقاطًا جزئيًا على النفسي, وليس إسقاطًا كاملاً، لأنه في الأصل يجب أن لا يكون على نفسك، لكن يجب أن يكون على الشخص الآخر، ويظهر أن التصرف هذا قد أخذ النمط الوسواسي كما ذكرت لك.
العلاج: لا بد أن تقف مع نفسك وقفات حقيقية، وتدرك إدراكًا واضحًا وصارمًا مع نفسك أن هذا التصرف ليس سليمًا، لذا يجب في الأصل أن لا تقوم به. هذا هو منطق الأشياء.
ثانيًا: قم بتمارين سلوكية يوميًا، هذه التمارين تقوم على التأمل والتفكر والتركيز والتمعن، وأن تمثل دورًا تتصور فيه شخصا قام بشتمك والإساءة إليك، وبعد أن ذهب بدأت أنت تعلنه في أبيه أو أمه، وهكذا. مجرد أن تبدأ في رد الفعل هذا, وبالصورة التي ذكرناها, قم بالعض على لسانك، واجعل الضغط على اللسان ما بين الفكين قويا للدرجة التي تؤلمك, لكن بالطبع يجب أن تكون حريصًا أن لا تسبب جروحًا لنفسك.
المقصود هنا هو أن تربط ما بين تصرفك وما بين شعورٍ مخالف, وهو أن توقع الألم على نفسك, هذا التمرين أيضًا يمكن أن تدعمه من خلال أن تتبع الخطوات الأولى التي تقوم بالتخيل مع التركيز، وبعد أن تتخيل الموقف ومجرد البدء في رد الفعل السلبي من جانبك؛ قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم.
المقصود هنا أن تربط ما بين الشعور غير المحمود, والألم النفسي والجسدي في نفس الوقت، وهذا بالطبع سوف يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي.
أما بالنسبة للدعاء والاستغفار فهذا أمر جميل، لكن يجب أن تخصص له أوقاتا ومواقف أخرى، وليس في هذا الموقف.
نصيحتي لك أيضًا هي: أن تقوم بالتوسع في علاقاتك الاجتماعية، وأن تكون مبادرًا لفعل الخيرات، وأن تكون دائمًا علاقاتك مع الأشخاص الطيبين الفاضلين، الذين ليس منهجهم الكلام البذيء, أو الشتم من سبلهم في التعامل مع الآخرين, هنالك الأخيار، هنالك الأفاضل، هنالك ذوي الصفات والسجايا الحسنة، والذين يجب أن تكون معاملاتك معهم دائمًا.
أرجو أيضًا أن تتناول دواء بسيطا، هذا الدواء يعرف تجاريًا باسم (فافرين), ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين), أنت محتاج لأن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصح به، فهذا الذي تعاني منه تصرف إرادي انفعالي كما ذكرت لك، وأنت مدرك له، وأعتقد أن الجانب الإرادي فيه كبير, بالرغم من وجود مكون غير إرادي، وباتباعك لما ذكرته لك, وبتحقيره وصده كأمر لا يناسبك – أقصد بذلك هذا السلوك – هذا أيضًا يدعم لديك المقدرة على التخلص منه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.