كيف أتخلص من الخجل والارتباك مع الآخرين؟
2012-02-28 11:47:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لكم تجاوبكم لدي يا دكتور عدة مشاكل أرجو أن يتسع صدرك للإجابة عنها.
ابدأ بمشكلتي الرئيسية، وهي أنني: أعاني من خجل شديد وإحراج عندما أتكلم مع مجموعة من الناس، وأتحاشى أن أمزح كثيراً أو أشاركهم الكلام، لكي لا يبدأ وجهي في الاحمرار! وحينها أرتبك وأسكت وأتمنى أنني لم أكن موجوداً.
لحظتها كما أنني أصبحت أفضل السكوت أو الرد في بعض المواقف، كما أنني أشعر بارتباك عندما أكون موضع الاهتمام والنظر من قبل الآخرين، لذلك أتحاشى ذلك.
علماً أنني بمجرد أن أبدأ الكلام يبدأ وجهي بالاحمرار، خاصة إذا كان هناك نقاش.
كما أنني أتجنب المناسبات الكبيرة لرغبتي في عدم الاختلاط كثيراً بالناس، أيضاً أعاني من التفكير كثيراً حتى في أبسط الأمور سواء كانت إيجابية أم سلبية، وكثيراً أقوم باسترجاع الأحداث والمواقف التي حصلت لي حتى لو كانت قديمة جداً، وأبدأ بتحليلها، وأحياناً ألوم نفسي عليها، لأني لم أحسن التصرف وقتها.
أيضاً أنا حساس جداً تجاه المواقف، وأكون سريع الانفعال والاندفاع، وأتصرف بحدة في بعض المواقف، علما أنها مواقف معتادة جداً، لا تستدعي ذلك.
علماً أن هذا الخجل والإحراج كان لدي بنسبة بسيطة جداً، ولكن خلال السنتين الماضية بدأ يزيد، وأصبحت أعاني منه كثيراً حتى إنني عندما أتعرض لموقف وأحرج أعاني بعده من التفكير والقلق .
هذه هي مشاكلي، أرجو التكرم بالإجابة
ولكم جزيل شكري وأسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء وأن يوفقكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن مشكلتك بسيطة، بالرغم مما تسببه لك من مضايقة.
لقد أحسنت وصف حالتك، وهذا يقودنا بسهولة شديدة بأن نقول لك بأنك تعاني مما يعرف بقلق الرهاب الاجتماعي، وهو نوع من المخاوف التي أصبحت منتشرة جدًّا في زمننا هذا.
الرهاب الاجتماعي دائمًا يعطي الإنسان مشاعر سلبية حول مقدراته الذاتية، ومن المفاهيم الخاطئة أيضًا والتي تُخل بالأداء في المواقف الاجتماعية هو الخوف من الاستهزاء أو السخرية من جانب الآخرين.
هذه كلها أفكار خاطئة تعيق تطوير المهارات الاجتماعية، والذي أود أن أؤكده لك:
أولاً: الخوف الاجتماعي هو نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك.
ثانيًا: المفاهيم الخاطئة مثل أنك مرصود من جانب الآخرين، أو أنك سوف تكون مصدرًا للاستهزاء من قبلهم، هذا مفهوم خاطئ تمامًا.
ثالثًا: الخوف الاجتماعي يعالج من خلال تحقير الفكرة.
رابعًا: تصحيح المفاهيم مهم كما ذكرت لك ويجب أن تنظر إلى الآخرين بأنهم ليسوا بأفضل منك بأي حال من الأحوال، والمطلوب في علاقاتنا الاجتماعية هو أن نحترم الآخرين، وأن نقدرهم وأن نحسن التواصل معهم، لكننا يجب أن لا نميزهم، فهم بشر في نهاية الأمر.
خامسًا: - وهذا مهم جدًّا – هنالك مبالغة دائمًا في مشاعر الأخوة والأخوات الذين يعانون من الخوف الاجتماعي، وتكون هذه المبالغة ناتجة من استشعار التغيرات الفسيولوجية، فمثلاً البعض يحس بتسارع في ضربات القلب أو شيء من الرعشة أو الرجفة الخفيفة في اليدين، والبعض يعتقد أنه يعاني من التلعثم.
أما بالنسبة لاحمرار الوجه فهي شكوى نلاحظها كثيرًا، وهي ناتجة من زيادة في تدفق الدم، وهذه عملية فسيولوجية طبيعية، فاحمرار الوجه لا يكون بنفس الشدة التي يتخللها الإنسان، وغالبًا يكون في البداية وبعد ذلك يختفي تمامًا.
إذن الذي أدعوك له هو أن تصحح المفاهيم، أن تحقر فكرة الخوف، وهنالك تمارين سلوكية أخرى نعتبرها هامة جدًّا وهي: التعريض مع منع الاستجابة السلبية، وأقصد بالتعريض هو أن تصر وأن تعرض نفسك للمواقف التي تهابها، وذلك بعد أن تصحح المفاهيم كما ذكرنا لك.
هنالك وسائل سلوكية ممتازة جدًّا وبسيطة، فصلاة الجماعة خاصة في الصف الأول تقلل من الرهاب الاجتماعي، تلبية الدعوات الاجتماعية – مهم جدًّا – مشاركة الناس اجتماعيًا دائمًا ذات فائدة كبيرة جدًّا.
هنالك علاجات دوائية مفيدة، من أكثر الأدوية التي ننصح بها في علاج مثل هذه الحالات عقار باروكستين – وهذا اسمه العلمي – ويسمى تجاريًا باسم (زيروكسات) فيمكنك الحصول عليه.
تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة يوميًا، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها حبة ونصف يوميًا لمدة شهر آخر، ثم ارفع الجرعة إلى حبتين يوميًا، يتم تناولها بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، وهذه هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى حبة ونصف يوميًا لمدة شهرين، ثم إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء سليم جدًّا، وإذا اتبعت الإرشادات التي ذكرتها لك في كيفية تناول هذا الدواء، فإن شاء الله تعالى سوف تجد فيه خيرًا كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.