أصبحت لا أطيق التعامل مع زوجي .. فما نصيحتكم؟
2012-02-08 08:23:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ خمس سنوات، ولي طفلان، وطلَّقني زوجي مرتين.
أصبحت لا أطيق التعامل معه بسبب أسلوبه, وتفكيره السيئ، حاولت التغير، وأجبرتُ نفسي خوفًا من تشتت الأولاد، ولكن أبتْ حياتي معه أن تستقيم، ووصلنا إلى مرحلة الشتم, والدعاء بالموت على بعضنا، وبالأمراض، وأن أقول له: الانفصال أفضل من هذه الحياة، فيقول: أنا لا أريدك, لكن الأولاد ما زالوا صغارًا!
أنا لم أعد قادرة على أداء واجباتي الشرعية من كثرة مشاكلي معه، وأنا متعلمة, وأعرف حق الزوج، وأمر الله، ولكن حاولت ولم أستطع أن أعطيها لهذا الزوج الذي أصبحت أكره أسلوبه, وكلامه, وتفكيره!
ساعدوني بالحل؟
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م.ش حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم هذه المشاعر التي تعيشينها بسبب معاملة زوجك لك، ونحن نتفهم أيضًا في الوقت ذاته أنه ليس من السهل أن يكلَّف الإنسان بحب شخص, أو بغض آخر؛ فإن المحبة والبغضاء من أعمال القلوب، ولكن بلا شك -أيتها الأخت الكريمة- أن بإمكاننا أن نوجهك إلى الأخذ بالأسباب التي تقلل البغضاء بينكما، وقد توجِدُ نوعًا من المحبة، وهذا أمر بالإمكان أن تفعليه بإذن الله تعالى، وإذا أخذت بهذه النصيحة بجد وحزم – وهذا ظننا فيك – فإننا بإذن الله تعالى سنسمع منك أخبارًا في المستقبل سارّة، فحاولي -أيتها الأخت- أن تتغلبي على نفسك, وتعملي بهذه الأساليب, وسترين أثر ذلك -بإذن الله تعالى-.
أول هذه الأمور -أيتها الأخت-: أن تدركي تمامًا أنه ليست كل البيوت تُبنى على الحب بين الزوجين، وهذا ما قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه – لرجل أراد أن يفارق زوجته؛ فقال هذه المقولة العظيمة: (أوَ كل البيوت تُبنى على الحب، فأين الرعاية؟ وأين التذمم؟) يعني أن استمرار البيوت وبقاءها له عوامل كثيرة، منها الحب, ولكن ليس هو كل شيء، فهناك الرعاية للحقوق، وأداء ما في الذمة للآخرين، وبهذا تدوم الحياة، فإذا حرص كل واحد من الزوجين على أن يؤدي الحق الذي سيسأله الله عز وجل عنه للآخر؛ فإن الحياة ستدوم، وسيسعد كل واحد منهما بوصول ما عليه من الحق للآخر حين يؤدي ما عليه.
إذا أدركت هذا -أيتها الأخت- تمام الإدراك سهل عليك أن تتعاملي مع مشكلات حياتك اليومية، فلا ينبغي أبدًا أن تجعلي مقياس بقاء هذه الحياة أو السعادة فيها وجود الحب لهذا الزوج أو انعدامه.
الأمر الثاني -أيتها الكريمة- مما يبعثك على القيام بحقوق هذا الزوج، بل وربما يصنع في قلبك حبًّا له هو: أن تتذكري دائمًا الجوانب الإيجابية في هذا الرجل، وأنت إذا جلست مع نفسك جلسة هدوء بعيدًا عن الانفعالات، وبدأت تحاسبين نفسك, وتسألينها عن الجوانب الحسنة في هذا الزوج، فإنك -بلا شك- ستجدين بعض الجوانب التي تعدِّينها حسنات له، وهذه وصية النبي - صلى الله عليه وسلم – للرجل مع زوجته، فقال: (لا يفرك – لا يبغض – مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضيَ منها آخر) وهو نفس الأسلوب الذي ينبغي أيضًا أن تخاطب به المرأة، فلا ينبغي لها أن تسمح للشيطان أن يملأ قلبها بُغضًا لزوجها، ويحاول أن يُنسيها كل حسنات هذا الزوج، وهي -بلا شك- لو فتشت ستجد بعض الجوانب الإيجابية في الزوج.
ينبغي أن تكون هذه الجوانب دافعة لحب هذا الزوج، وللقيام بحقوقه بقدر الاستطاعة، وقد أرشدنا الله تعالى في كتابه الكريم إلى هذه القاعدة المهمة بقوله: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
لا ينبغي لك أبدًا -أيتها الأخت- أن تُهملي هذا الجانب, وإن أهمله الزوج, ووجدت منه الإساءة فقابلي الإساءة بالإحسان، وأنت بذلك مأجورة عند الله تعالى أولًا، ثم ستقللين من حدة هذه المشكلات، وتكسبين هذا الزوج إلى صفك لا محالة.
الأسلوب الثالث -أيتها الأخت-: أن تجتهدي دائمًا في التغلب على نفسك, وأن تقابلي إساءات الزوج بالإحسان إليه، وكوني على ثقة بأن هذا الأسلوب يقربك إلى الله تعالى مراتب، فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – عن المرأة من نساء الجنة فقال: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود), ثم فسر العئود بقوله: (التي إذا آذت أو أُوذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها, وقالت: لا أذوق غمضًا حتى ترضى) فهي مع أنها قد آذاها الزوج تأتي إليه مبتدئة بالاعتذار، وتطلب منه أن يرضى عنها، مع أنها أُوذيت من قبله.
نحن على ثقة بأنك لو استعملت هذا الأسلوب لانكسرت حدة الزوج, وتغيّر تغيرًا كبيرًا، فقد قال سبحانه وتعالى: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} وأنت إذا عملت بهذه الوصية القرآنية بلا شك -أيتها الأخت- ستؤثرين على الزوج, وعلى أخلاقه.
ثم آخر ما نوصيك به: أن تتذكري -أيتها الأخت- عقاب الله تعالى لك حين تفرطين في الحق الواجب عليك، ولا يجوز لك أبدًا أن تجعلي من تقصير الآخرين في الواجبات التي عليهم تعليلًا وتبريرًا لك أنت في التقصير من قبلك، فاحتسبي أجرك عند الله تعالى، وأدِّي ما عليك، واسألي الله تعالى أن يهدي قلبك وقلب زوجك, ويصلح ما بينكما، وأحسني الظن بالله تعالى، وأكثري من دعائه لزوجك، وستجدين آثار ذلك -بإذن الله تعالى- طِيبًا في نفسك، وانشراحًا في صدرك, وصلاحًا في أحوالك.
نسأل الله تعالى أن يصلح لك شأنك كله، وأن يصلح زوجك، ويديم الألفة بينكما.