وساوس وشعور بأن من حولي يسمع أفكاري ويعلم خواطري
2012-01-18 10:20:25 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
بداية أشكركم على هذا الموقع الرائع، لدي مشكلة صعبة جدا، أشعر بأن جميع الناس يمكنهم سماع أفكاري وما يدور في خاطري، وتأتيني وساوس كثيرة عندما أكون محاطا بأناس كثيرين أعرفهم أو أول مرة أراهم، وعندما أحس بأن أحدهم سمع تفكيري أدخل في حالة اكتئاب تدريجيا، ويستمر الاكتئاب أحيانا لمدة أسبوع، وقد حدثت لي هذه الظاهرة الغريبة منذ سنة 2007، عرضت نفسي على أطباء نفسيين، ولكن أشفى أحياناً وأحياناً تحصل لي نفس الحالة، حتى اعتقدت بأن ما يحصل لي هو بفعل السحر.
أرجو منكم تفسير هذه الظاهرة، وشكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
حقيقة الظاهرة التي تعاني منها هي ظاهرة نفسية تستحق الاهتمام، وإن شاء الله تعالى نفيد بما ينفعك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
أن يعتقد الإنسان أن الآخرين يمكنهم سماع أفكاره أو الاطلاع عليها، قطعاً هذا ليس حقيقة، لكنها فكرة متسلطة وقوية جداً، وفعلاً تدخل الإنسان في وساوس واكتئاب، هذه الظاهرة في بعض الأحيان تكون مصحوبة بفكرة أخرى، وهي أن الإنسان يعتقد أن هنالك من يضع أفكاراً في رأسه ويحركه من خلالها، وهنالك من يعتقد أيضاً أن أفكاره أخذت وتم الاستيلاء عليها بواسطة قوة خارجية أو أشخاص يعرفهم، هذه الظواهر غالباً ما تكون مرتبطة ببعضها البعض.
لديك فقط ظاهرة الاعتقاد بأن الناس يستولون على أفكارك، من أكبر الباحثين في تفصيل مثل هذه الأعراض البروفسير الألماني أشنايدر هو من الرواد المتميزين في الطب النفسي، وقد وصف هذه الحالة عام 1959 بعد ذلك جرت الأبحاث العلمية، خلال العشرين سنة الأخيرة اتضح أن هذا الأمر -أي هذه الشكوى والاعتقاد بأن الآخرين يقومون بسماع أفكاره- اتضح أنه ناتج من خلل بسيط في المادة التي تعرف باسم الدوبامين، وهذه المادة تفرز من أماكن معينة في الدماغ، ويظهر أن إفرازها غير منتظم أو فيه بعض الزيادة، نسبة لزيادة استشعار ما يعرف بالمستقبلات العصبية.
هذه المادة لا يمكن قياسها أثناء الحياة؛ لذا لا توجد وسيلة فحص حتى الآن توضح كمية المادة المفقودة والمضطربة لدى الإنسان، ولكن توجد طرق أخرى للفحص غير متوفرة في الوقت الحاضر.
إذن هذا هو التفسير، ولديك اضطراب بسيط في إفراز مادة الدماغ، وهذا يعتبر مثل مرض السكر مثلاً، ومرض السكر ناتج من ضعف في مادة الأنسولين، وأما أن يكون ناتجا من عجز غدة البنكرياس أو خمول خلايا البانكرياس، والتي تعرف باسم (بيتا) ولذا يحتاج الإنسان أن يضع الأنسولين عن طريق تناول الأنسولين أو عن طريق الحبوب التي تعالج مرض السكر، والتي في الأصل تنشط البنكرياس من أجل إفراز المادة.
أخي: التفسير واضح جداً لحالتك وأرجو أن لا تنزعج، المهم جداً في الأمر هو أن تفكر في العلاج، وتفكر فيه بصورة سليمة، وأنا أقول لك أن هذا الأمر لا علاقة له بالسحر، والمؤمن المسلم والملتزم دائماً في حفظ الله ورعايته، الأذكار مهمة، والصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، والدعاء، هذه متطلبات أساسية لمن يعتقد أنه مسحور أو غير ذلك، وكن حريصاً على ذلك.
الظاهرة طبية، وأؤكد لك ذلك، وأنا أفضل أن تراجع طبيبك إذا تمكنت من ذلك، وإذا لم تتمكن فتوجد أدوية ممتازة جداً، مثل عقار رزبريادون Risperidone وهو متوفر في ليبيا، هذا الدواء استخدمه بجرعة (2) مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة (4) مليجرام ليلاً، وتضيف إليه دواء آخر يعرف باسم (أر تن) وجرعة (2) مليجرام ليلاً، واستمر على الحبتين لمدة عام على الأقل، وبعد مضي ثلاثة أشهر من بداية العلاج إذا لم تتحسن ولم تختف هذه الأفكار، هنا ترفع الجرعة إلى (6) مليجرام من رزبريادون Risperidone وتناول (2) مليجرام في الصباح و(4) مليجرام ليلاً، لكن الذي أتوقعه أن جرعة (4) مليجرام ليلاً سوف تكون كافية، وبعد انقضاء العام واختفاء هذه الأفكار تنتقل إلى الجرعة الوقائية وهي (2 -3) مليجرام ليلاً وهذه يجب أن تتناولها لمدة سنتين أو ثلاث على الأقل.
هذه يا أخي الكريم ليست مدة طويلة أبداً، والعلاج أصبح بسيطا ومختصرا حبة أو حبتين في اليوم، هذا لا يعني أي شيء، فلا تنزعج -يا أخي الفاضل- وأنا أفضل أن تتواصل مع أحد الأطباء النفسيين من أجل المتابعة، ويجب أن تعيش حياتك بصورة طبيعية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.