الخجل الشديد والاكتئاب أثرا على حياتي كثيرا
2012-01-12 08:18:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا طالب جامعي أدرس بالخارج, أعاني من الخجل الشديد والاكتئاب دائما, لا أختلط كثيرا، ولا أرتاح لجميع الناس إلا للقليل منهم, ودائما أفكر، وعندما أشرح شيئا في الجامعة يجعلني أرتبك وأشعر بالإغماء، وأشعر أني لا أعرف التحدث, والناس كلها تنظر إلي, وعندي أيضا نقص بالتركيز لا أفهم بسرعة, وأحيانا إذا تكلم أحد معي أكون معه في البداية ومن ثمة يروح ذهني لبعيد ويأتيني تفكير لا إرادي حتى يقول فهمت؟ أنا أقول نعم حتى لا يقول أنت غبي أو فهمك بطيء, ولما يكون عندي عرض باوربوينت لا يأتيني نوم, وأصاب بتوتر وقلق واكتئاب, ودائما أفكر في الأهل, أقول أريد أن أرجع. تعبت, حتى أصحابي الذين لا أرتاح لهم يقولون (وينك ما نشووفك تعال زورنا) وأنا أصرفهم وأقول لهم مشغول، وأحب الانعزال, ولا أحب أن يسألني أحد سؤالا, والكل منتظر إجابتي وهكذا أتوتر زيادة.
الله يحفظكم خلصوني من الخجل الشديد والتوتر والقلق والاكتئاب، الله يرزقكم الجنة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذه الأعراض التي تعاني منها هي أعراض قلق اكتئابي بسيط، مصحوبة بما نسميه بالخوف الاجتماعي، والذي يُقصد به أن الإنسان تحدث له رهبة أكثر وأقوى من المعدل حين يكون في وضع يتطلب مواجهة اجتماعية مثل تقديم عرض أمام الآخرين، والذي أؤكده لك أن هذه الحالات حالات شائعة جدًّا، ولا تعتبر أمراضًا نفسية حقيقية، هي مجرد ظواهر.
ثانيًا: الإنسان حين ينتقل من بلد إلى آخر ويبتعد عن أهله ربما يحس بشيء من عدم التواؤم وعدم القدرة على التكيف والاندماج في المجتمع الذي انتقل إليه، لكن هذه تكون أيضًا فترة عارضة جدًّا، وبما أنك تعيش في ماليزيا، هذا بلد طيب ومتقدم ومتميز، فيجب أن تفكر تفكيرًا إيجابيًا أنك في مكان طيب وفي بلد طيب، وأن التواصل مع أهلك ليس بالصعب، وليس هنالك ما يدعوك أبدًا لأن تفكر في الرجوع، أنت عليك واجب وعليك التزام حيال نفسك وحيال أسرتك وحيال دينك، وهو أن تتزود بسلاح العلم، فكر في نفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن، بالطبع تريد أن تكون مؤهلاً، تريد أن تكون متميزًا، تريد أن تكون في وضع ممتاز، وأكثر وأفضل وأجمل وأقوى ما يتجمل به الإنسان هو ما يتسلح به في هذه الحياة هو سلاح العلم والدين، هذه لا أحد يستطيع أن ينزعها منك أبدًا، وتكمّل بناءك النفسي، فيجب أن تستشعر حقيقة أنك تقوم بتأدية واجب طيب وعظيم يعود عليك بالنفع، وكذلك على أسرتك وعلى من حولك وعلى أمتك قاطبة.
أنت مطالب بتنظيم وقتك – هذا مهم جدًّا – يجب أن تكون لك خارطة ذهنية، أن تصلي صلاة الفجر وتستيقظ مبكرًا، قل (سوف أعمل كذا وكذا) وكن صارمًا مع نفسك في هذه التطبيقات العملية، وقطعًا في نهاية الأمر حين تجد أنك ذهبت إلى الدراسة، ثم ارتحت ومارست شيئًا من الرياضة، ثم قمت بالمذاكرة، ثم شاهدت برنامجًا جيدًا في التلفزيون، أو قمت بأي نشاط آخر، هذه هي الطريقة التي يدير بها الإنسان وقته وحياته، وهي طريقة ممتازة جدًّا.
بقي أن أقول لك إنه توجد أدوية ممتازة وفعالة وأنت لست محتاجًا لأدوية كثيرة، أنت محتاج لدواء واحد بجرعة بسيطة، هذا الدواء يحسن المزاج، يزيل القلق ويزيل التوترات، ابدأ في تناول الدواء الذي يسمى تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex ) ويسمى علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) يوجد في عيار عشرة مليجرام وفي عيار عشرين مليجرامًا.
تحصّل على عيار العشرة مليجرام وتناول نصف حبة – أي خمسة مليجرام – تناولها يوميًا بعد الأكل في فترة المساء، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. هو مفيد وفعال وغير إدماني، وفي معظم الدول لا يتطلب وصفة طبية.
في موضوع المواجهات الاجتماعية: دائمًا انظر إلى الناس بتقدير واحترام، لكن لا تضعهم في مقامات أكثر من ذلك، هم بشر مثلك، والناس تتساوى في كل شيء، الناس متساوية في طريقة حياتها، في غرائزها، الناس تصغر وتكبر وتعيش وتمرض وتموت، وهكذا، إذن الناس متساوية في كثير من هذه الأمور، وقطعًا التفضيل دائمًا يأتي بالالتزام بالدين وبحسن الخلق وبالعلم، وأنت إن شاء الله تعالى سائر على هذا المنهاج، فلا تعظم أحدًا في نظرك للدرجة التي تسبب لك الرهبة، الاحترام نعم.
هنالك أمر آخر يجب أن أؤكده لك: كثير من الشباب الذين يعتقدون أنهم يرتجفون ويتلعثمون في وقت المواجهات مع الآخرين، هذا الاعتقاد ليس كله صحيحًا، هنالك مبالغة كبيرة جدًّا في مشاعرهم، وأنا أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك، لا يرون أن أداءك ليس جيدًا كما تعتقد أنت، وفي ذات الوقت الخوف والرهبة التي تصيبك في بداية الأمر هي طاقة تحسن الاستعداد لديك من أجل الممارسة والأداء الممتاز، فليس كلها شرًّا أبدًا.
هنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، أرجو أن تستعين بها أيضًا: اجلس على كرسي مريح، أغمض عينيك ، ضع يديك على ركبتيك، ثم خذ نفسًا عميقًا عن طريق الأنف، اجعل صدرك يمتلئ بالهواء، ثم بعد ذلك أخرج الهواء بكل قوة عن طريق الفم، كرر هذا التمرين ثلاث أربع مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجد فيه فائدة كبيرة جدًّا، ويمكنك أيضًا تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق والتدرب على تمارين الاسترخاء.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.