مصافحة الرجال الأجانب... كيف أتخلص منها ولا أفرط في دراستي؟
2012-01-05 08:23:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أتيت إليكم عسى أن تأخذوا بيدي إلى بر الأمان, فلم أجد سبيلا للاستفسار سوى سبيلكم.
أنا فتاة في 20 من العمر، أعيش حياة يائسة كئيبة رغم أني ملتزمة، وأحرص على الصلاة والصوم، وأنا متحجبة، لكن المشكلة أني أضطر في بعض الأحيان لمصافحة الرجال، فزملائي الذين أدرس معهم أرفض مصافحتهم، وهم يرونني جاهلة ومنغلقة، لكني لا آبه، ولا أبالي من سخريتهم فالله أولى، لكن لما دخلت كلية الطب، وأذهب للمستشفى لتلقي الدروس العملية -التطبيقية-, الأطباء المعلمون يمرون علينا للشرح، وعوضا أن يقولوا: (السلام عليكم) فحسب، فهم يمدون أيديهم للمصافحة، ونحن جماعة طلاب وطالبات, والحقيقة أجد صعوبة في الرفض؛ لأني إن فعلت سيهمشونني ولن يشرحوا لي شيئا من هذه الدروس التي لا يمكنني أن أجدها إلا عندهم، ولا يمكن الاستمرار في الطب أصلا من دونها.
والحالة الأخرى لما يأتي إلينا المرضى فإن البعض يصافحنا وأجد صعوبة في الرفض، خاصة عندما يكونون مسنين، فالشباب لا أجد حرجا في عدم المصافحة.
حقا أعيش مأساة، لأن نفسي ومبادئي لا يسمحان لي بمصافحة الرجال، علما أني لم أبادر قط بمصافحتهم، بل هم الذين يفعلون، ويجعلونني أعيش حياة كاذبة، ويضعونني في مواقف حرجة كهذه.
سؤالي: هل أنا في معصية؟ وما الحل؟ لأنني لا أستطيع إبطال دراستي، فقد اجتهدت فيها وضحيت بالكثير حتى أدخل كلية الطب، ولا أقوى على الرمي بأحلامي وبعلمي إلى العدم، والذي هو كذلك عبادة، أتوسل إليكم أن تردوا على سؤالي، وهل أن الله سيكون غاضبا مني بسبب فعلي؟
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ روزة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح، ونشكر لك ما تبذلينه من جهد وجهاد لنفسك من أجل الوقوف عند حدود الله تعالى والقيام بدينه، ونحن على ثقة أيتها الكريمة بأن كل جهد تبذلينه في سبيل مرضاة ربك والحفاظ على دينك فإنه سيعود عليك بالخير العاجل والآجل، والله سبحانه تعالى وعد المتقين بكل خير {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} فالخير كل الخير في طاعة الله، كما أن الشقاء والتعاسة في معصية الله.
وما قررته من الدراسة في هذا المجال بلا شك مجال نافع تقدمين به خدمة كبيرة للمسلمين، ولكن احرصي -بارك الله فيك- على أن تثبتي نفسك على ما أنت فيه الوقوف عند حدود الحلال والحرام، ولا تبالي بمن يستهزئ بك إن سخر من أجل ما تقومين به من الوقوف عند حدود الله، فإنك بإذن الله تعالى معانة ومثبتة ومنصورة، وكوني على ثقة بأن هؤلاء الذين يسخرون إن سخروا منك في بعض المواطن إلا أنهم يكنون لك كل الاحترام وكل التبجيل في بواطنهم، وإن لم يصرحوا بذلك، فإن الرجال لا يحترمون من المرأة إلا ما فيها من الحياء والخجل، وما فيها من العفة.
ولا شك أنت أيتها الكريمة أنك ستكبرين في عيون كثيرة، وإن حاول بعض السفهاء السخرية منك في بعض الأحيان، فلا تلقي بالاً لذلك كله، واعلمي أن الله عز وجل إذا رضي عنك ألقى في قلوب الخلق محبة لك ومكانة، فهو سبحانه وتعالى الذي ينفع مدحه ويشين ذمّه، أما ما سواه من الخلق فإنهم لا يملكون لأحد ضرًّا ولا نفعًا، فاحرصي على أن تكوني مرضية لربك، ففي رضاه خير الدنيا والآخرة.
لا نرى أبدًا أي ضرورة تدعوك لأن تصافحي الرجال الأجانب، فإن مصافحة المرأة للرجال الأجانب حرام، وقد نطقت بذلك الأحاديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن الرجل حين يمس امرأة لا تحل له، قال عليه الصلاة والسلام: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)، وأخبرت عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مست يده يد امرأة قط، فقد كان يُبايع النساء ولكن يأخذ عليهنَّ البيعة بالكلام، ولا يصافح النساء.
لهذا اتفقت كلمة الأئمة المتبوعين على تحريم لمس الرجل للمرأة الأجنبية عند خوف الفتنة، وهذا يكون مع من يُشتهى وبلا حائل، أما إذا فُقد أحد الشرطين فقد اختلف الفقهاء في ذلك، ولا نرى لك اللجوء إلى هذا إلا عندما تدعوك الحاجة الماسة، فإذا دعتك الحاجة الماسة لمصافحة الرجل الكبير في السن الذي لا يُشتهى مثله عادة فهذا لا بأس به إن شاء الله عند من يقول من أهل العلم، وكذا لك أن تتخلصي من موقف الحرج والضيق بأن تلبسي حائلاً على يدك (قفاز) فإن بعض الفقهاء -كما هو قول كثير من فقهاء الشافعية المتأخرين- ممن جوّزوا لمس المرأة أو مصافحة المرأة للرجل الأجنبي من وراء حائل، ففي هذا المخرج إن شاء الله ما يرفع عنك الضيق والحرج في مواطن الحرج والضيق، فلا بأس بأن تأخذي بهذا القول حتى تتخلصي مما أنت فيه من ضيق وحرج، وإلا فالأصل أيتها الكريمة أن تعتزي بدينك، وأن تعلمي بأن العزة كلها لله كما أخبرنا الله تعالى في كتابه، ومن ثم فإن الطائع لله والقائم بأمره عزيز عند الله وعزيز عند الناس، وأنك بقدر ما تثبتين على دينك وتصبرين عليه تجدين الإكبار والإجلال والتعظيم من هؤلاء، حتى السفهاء منهم.
نسأل الله تعالى أن يثبتك على الخير، وأن يعينك وييسر لك دربك، إنه جواد كريم.