كيف نتعامل مع الشاب إذا وقع في المعصية؟ وما رأيكم بالمكافأة على الطاعة؟
2012-01-04 08:57:46 | إسلام ويب
السؤال:
أرجو عرض الاستشارة على الشيخ موافي عزب، مشكورين.
نحن مجموعة من الشباب نعمل على تعليم وتربية بعض الشباب من سن 14 إلى 16 سنة تقريبا، وقد عرضت لنا بعض الإشكالات في التعامل معهم في بعض الأمور، وهي:
أولا: طريقة التعامل معهم إذا وقعوا في مخالفة أو معصية، وقد اختلفنا هنا على فريقين؛ الأول يقول أن نقدم موعظة عامة عن المخالفة دون تعيين أشخاص، تحت باب (ما بال أقوام...), وبعدها إن شعر الشاب بأهمية التخلص من المخالفة، فسيستعين بعد الله بنا إن كنا قد زرعنا الثقة فيهم تجاهنا، وأن يجدوا فينا الملجأ الآمن, وليس الجلاد والموبخ، كما ذكرتم في استشارة سابقة برقم 289683.
والفريق الثاني: يقول إن هذا المنهج ليس عاما مع الجميع، وإنما ينفع مع البعض (أن نواجههم بمشاكلهم, ونصرح بأسلوب طيب)؛ فالقضية تعتمد على الشخص المنصوح.
وأنا اعترضت على هذا الرأي، وقلت: إن الأصل هو الثقة، وأن يكون الشاب هو المبادر بإصلاح نفسه, وطلب المساعدة؛ فقد تؤدي مصارحته بأخطائه إلى فقد الثقة، وخلق حاجز من الرهبة والخوف من معرفتنا بأخطائه.
أرشدونا برأيكم السديد -إن شاء الله- لما هو صواب، وإذا كان هناك تفريق بين المراهق وغير المراهق، أو البالغ وغير البالغ في هذه المسألة؟ فأفيدونا.
المسألة الثانية: تتعلق بالمكافئة والجائزة، وهي ذات فرعين:
الأول: أرشدونا إلى منهج عام عن المكافئة على الطاعات، وخصوصا الخالصة منها:
الثاني: إذا أردنا أن نكافئ على أمر ما, مثل:(المحافظة على صلاة الجماعة، أو المداومة على الدروس، أو إلخ...) فهل ينبغي إعلام الشباب بأنه سيتم مكافئة من يعمل كذا وكذا لهدف تحفيز الجميع على العمل؟
أو هل يصح أن نكافئ على العمل دون علم مسبق من الشباب بالمكافئة لهدف مكافئة من يعمل دون محفز أو غيره؟
أخيرا: أرجو إرشادنا إلى كتب تتحدث عن تربية الناشئة المراهقين وغير المراهقين والبالغين، من جانب المربي في المسجد, أو المراكز التربوية؛ لأن معظم الكتب تتحدث عن تربية الأب والأم لأولادهم.
آسف للإطالة المضطر لها، وجزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك, وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يبارك فيك وفي إخوانك، وأن يثبتكم على الحق، وأن يهديكم صراطه المستقيم، وأن يعينكم على تربية إخوانكم الشباب الصغار تربية صالحة طيبة حتى يكونوا متميزين متفوقين يقومون بخدمة دينهم, ويرفعون راية أمتهم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- عن طريقة التعامل مع الشباب إذا وقعوا في مخالفة أو معصية؛ فإن الأمر يختلف باختلاف الذنوب والمعاصي، فهناك معاصٍ من الممكن أن تعالج بصيغة جماعية، وأن تكون غير خاضعة للتفصيلات، وذلك إذا كان الأمر يتعلق بالجانب الجنسي.
أما إذا كانت المسألة تتعلق بالجانب الأخلاقي كمسألة الكذب, أو الغيبة, أو غير ذلك فالأفضل أن يكون الكلام عامة حتى يستفيد الذي وقع في المخالفة, ويستفيد غيره أيضاً؛ لأننا في حاجة لتنقية المجتمع كله من هذه الأمراض, وآفات اللسان المدمرة التي لا يلقي الناس لها بالاً.
فإذا كان الأمر -كما ذكرت- الخطأ والمعصية أمراً يصعب أن نتحدث فيه أمام الشباب فالأولى -بارك الله فيك- أن نجعله عاماً، وأن لا نتكلم في التفصيلات, أما إذا كان أمراً -كما ذكرت- من الأمور العامة التي تنفع فيه صيغة العموم في الكلام، فالأولى -بارك الله فيك- أن نعالجه بهذه الكيفية، إذن أنا أفضل أن لا يكون الأمر شخصياً، وإنما أفضل أن يكون العلاج بالصيغة الجماعية من باب الستر، وعلينا أن نتابع الحالة؛ فإن وجدنا أنها لم تستفد من هذا التوجيه العامة، فلا مانع من أن تؤخذ على حدة، وأن يتم الحديث معه من شخصية كبيرة مرموقة بين الإخوة الموجهين، وأن يكون الكلام في غاية السرية، ولا يعلم به أحد حتى يأتي بثماره، وبين له أيضاً الطريقة العلاجية؛ فلا يكفي فقط مجرد توجيه الاتهام, أو إخباره أننا قد عرفنا خطأه ومعصيته، وإنما لابد أن نضع له الحل لخروجه من ذلك.
وأيضا في الكلام العام ـ أخي الكريم عبد الرحمن ـ : لابد أن نقدم أيضاً العلاج لإخواننا وهؤلاء الشباب الصغار حتى نضع أيديهم على كيفية الحل لهذه المشكلة، هذا فيما يتعلق -بارك الله فيك- بمسألة التوجيه, فأرى أن التوجيه العام سيكون أفضل، وأن نتابع الحالة بعد ذلك؛ فإن استجاب للتوجيه العام فهذا هو الذي نريده، أما إذا ظلت الحالة على ما هي عليه، فلا مانع من أن تؤخذ بعد ذلك على حدة, وأن يتم تخصيص الكلام لها وحدها, شريطة أن يكون في غاية السرية.
فيما يتعلق بمسألة المكافأة على الطاعات أرى أن يكون ذلك بعد فعل الطاعة، ولا يلمح أبداً بوجود مكافأة على الطاعة حتى لا تكون هي الحافز, أو الدافع للطاعة، وإنما نحن نحث الشباب أولاً على الطاعة، ونبين لهم فضلها, والآثار المترتبة عليها, ونحثهم على فعلها، ونركز على الجانب العاطفي حتى نؤجج, أو نحرك فيهم الرغبة الذاتية الخاصة, هذا فيما يتعلق -بارك الله فيك- بمسألة المكافأة، وبعد أن يتم الانتهاء الفعلي نرى المتميزين, ووفق قواعد معينة وضوابط معينة تكون معلومة للكل, وبذلك يعلم الجميع أنهم من الممكن أن تتم مكافأتهم، ولكن دون أن نعد أحدا بشيء, فهذا فيما أظنه أفضل.
أما فيما يتعلق بموضوع الكتب التي تتحدث عن تربية الناشئة فهي كثيرة جداً، وأنا أرى أنه من الممكن الاستعانة بالإنترنت؛ لأن هنالك بلا شك قوائم عظيمة جداً لكثير من الكتاب المسلمين، وإن كنت أرشح كتاب (تربية الأبناء علم وفن), وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء بعنوان سلسلة (الشباب كنز الأمة بُناة الحضارة) هو إعداد الأستاذ حازم إسماعيل السيد, وإصدار دار الشرق للنشر والتوزيع، أرى -إن شاء الله تعالى- أن هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة سيكون مفيدا؛ لأنه يتحدث عن التربية بصفة عامة، ولا يتكلم عن التربية الخاصة أو الأسرية، وهناك أيضاً بعض الكتب الأخرى، وكذلك بعض الكتب التي تتحدث عن المشكلات، فمن الممكن -كما ذكرت- أن تتم الاستعانة بهذه الكتب, وتلك المراجع.
أسأل الله تعالى أن يوفقكم لك خير، وأن يعينكم على تربية شباب الأمة تربية صالحة ومرشدة، واعلم -أخي الكريم-: أن التربية بالقدوة أعظم بكثير من التربية النظرية، فكن أنت وإخوانك قدوة حسنة، وكونوا مثلاً أعلى يحتذى به، واعلم أن هذا هو أبلغ طريقا, وأعمق أثراً من أي وسيلة أخرى كلامية, أو غير ذلك، وأعظم دليل على ذلك الصحابة الذي رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يطبق الإسلام تطبيقاً عملياً فكانوا بشهادة الله تبارك وتعالى لهم (كنتم خير أمة أخرجت للناس).
أسأل الله أن يوفقكم لكل خير، وأن يعينكم على طاعته ورضاه, إنه جواد كريم.