تقلبات وتغيرات المزاج لمدة طويلة..والنصائح السلوكية لها

2012-01-04 07:49:03 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دكتور محمد عبد العليم بعد التحية الطيبة: أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاما، وأعاني من مشكلة عمرها حوالي 10 سنوات، وهي حالة من تغيرات مزعجة في المزاج حاليا، وخصوصا تحت الضغوطات أشعر وكأن مخي لا يستطيع التفكير بقوة، وأشعر أني نائم وبطيء ومشتت، ودافعيتي ضعيفة، وأفكاري سلبية، ولكن أنا مزاجي ووجداني، ليس دائما كذلك، فهو يمكن أن يتغير حتى في نفس اليوم، مثلا بعد أن أنام وأستريح! وعندها يمكن أن أشعر بالإيجابية، وحب الحياة، وتكون أفكاري أكثر إيجابية.

فما هي الأدوية المناسبة لحالتي؟ وما هي مدة العلاج الكافية بالضبط؟ وهل حالة تقلب المزاج أو الاضطراب الوجداني من الدرجة الثالثة هي مجرد اضطراب كيميائي في المخ؟ أم حالة نفسية؟ وهل هناك نصائح سلوكية لهذه الحالة؟

وجزاك الله خيرا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ العمدة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكر لك تواصلك مع إسلام ويب وثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

كما تعرف أن تشخيص الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وكذلك الشخصية الوجدانية ثنانئة القطب قد دخل عليها الكثير من التطورات في السنوات الأخيرة، فأصبح الآن الكلام عن الاضطراب الوجداني واحدا واثنين، وهنالك من تحدث عن اثنين ونصف وثلاثة وهكذا، لكن أعتقد أن الأكيد هو تشخيص الاضطراب الوجداني على أساس اضطراب وجداني من الدرجة الأولى، واضطراب وجداني من الدرجة الثانية، والاضطراب الوجداني من الدرجة الثالثة أيضًا له معايير علمية لا بأس من حيث التشخيص.

أرى حقيقة أن تقلبات المزاج التي لديك هي طفيفة جدًّا للدرجة التي لا تجعلنا أبدًا نستعجل ونعتبر أن حالتك هي اضطراب وجداني ثنائي من درجات الدنيا، أو أن شخصيتك تحمل السمات الأساسية للشخصية ثنائية القطب.

الحالة هي حالة في ظاهرها توترية وانفعالية، وهذه تجعل مزاجك ينحرف قليلاً نحو الكدر البسيط والانفعال السلبي، وبعد ذلك تأتيك حالات الاسترخاء والاستراحة وهو وضعك الطبيعي، فمن وجهة نظري أنت لا تدخل في حالات انشراحية حقيقية، إنما مزاجك يتقلب ما بين القاعدة الثابتة الجوهرية للمزاج مع بعض الانخفاضات الانفعالية، وهذا حقيقة يُنصح بعلاجه من خلال الآتي:

أولاً: التفكير الإيجابي مهم جدًّا، ممارسة الرياضة مهمة، تمارين الاسترخاء ذات أهمية خاصة، كما أن التفريغ النفسي وذلك من خلال التعبير عن الذات، هذا يفيد كثيرًا.

ثانيًا: بالنسبة للعلاجات الدوائية: لا أعتقد حقيقة أنك في حاجة لمثبتات المزاج مثل (الليثيوم أو اللامكتال أو التجراتول) أو الأدوية المشابهة لذلك، مثل حالتك تستجيب بصورة جيدة جدًّا لنوع خاص من الأدوية المضادة للقلق، يأتي على رأس هذه الأدوية عقار (دوجماتيل Dogmatil) والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد Sulipride)، هذا الدواء جيد جدًّا في مثل هذه الحالات، كما أنه بسيط وخفيف وغير إدماني وغير تعودي، والجرعة المطلوبة أيضًا هي جرعة بسيطة وهي كبسولة واحدة في اليوم بقوة خمسين مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين أو ثلاثة، بعد ذلك يمكن التوقف عنه وتناوله عند اللزوم، فهو دواء بسيط جدًّا، جرعته التمهيدية بسيطة، وكذلك الجرعة العلاجية والجرعة الوقائية، وليس له أي آثار جانبية سلبية انسحابية.

أعتقد أن هذا يكفي تمامًا من حيث علاج حالتك، وأنا لا أريدك أبدًا أن تعتبر نفسك أحد حالات الاضطرابات الوجدانية ثنائي القطبية. أعتقد أنها حالة مزاجية بسيطة تتأرجح ما بين ما هو طبيعي وما بين هو انفعالي.

بالنسبة لسؤالك حول تقلب المزاج أو الاضطراب الوجداني من الدرجة الثالثة هل هو مجرد اضطراب كيميائي في المخ أم هي حالة نفسية؟ .. هذه الحالة حقيقة يُقصد بها في معظم المرجعيات العلمية هو أن بعض الأشخاص الذين لديهم تاريخ أسري قوي بوجود حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وسط الأقرباء - خاصة من الدرجة الأولى - ربما لديهم القابلية لأن تحدث لهم حالات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

فإذن نقول أن العوامل الجينية والوراثية هي الرئيسية في الإصابة بهذه الحالة، إن كان هناك اتفاق عليها، ومن هذا السياق نقول أن الجينات هي التي تتحكم في الاستقلابات الكيميائية الخاصة بالموصلات العصبية، بمعنى آخر: أن الاضطراب الكيميائي هو المسبب لمثل هذه الحالات وليست حالة نفسية عُصابية.

النصائح السلوكية لمثل هذه الحالات هي: أن لا يكون الإنسان مهمومًا حول الأمر – هذا مهم جدًّا – ويسعى لأن يعيش حياته بصورة طبيعية جدًّا، وأن يكون متوازنًا في حياته، وأن يطور من مهاراته الاجتماعية. وكثير من الذين يعانون - حتى من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الدرجات البسيطة – لا يحتاجون لأي نوع من الأدوية، فتجدهم على وعي ويعرفون أنفسهم، مثلاً حين يدخل في المزاج الانشراحي المرتفع قليلاً يكون حريصًا جدًّا حول أمواله، لأن أحد الآثار التي قد تحدث من الانشراحات النفسية الشديدة وقبل أن تصل إلى مرحلة الهوس هي التبذير وصرف الأموال واتخاذ القرارات الخاطئة، فالذين لديهم وعي تجده عرف أن الحالة قد بدأت وتجده يتخذ التحوطات المعينة، وهكذا حين يأتيه القطب الاكتئابي البسيط تجده أيضًا يعرف أن هذا هو القطب الاكتئابي ويدفع نفسه بصورة إيجابية جدًّا، ويعرف أن هذه الحالة محدودة جدًّا وسوف تختفي.

أعتقد من النصائح الأساسية، أن يترك الإنسان ما به، وأن يتواءم مع نفسه، وأن يتعايش معها، وأن يتقبلها، وأن يعرف أنه ليس بمعاق – هذا مهم جدًّا – وإذا تطلب الأمر التدخل الطبي النفسي فلابد أن يقدم نفسه للمختصين.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net