الوساوس والأفكار القهرية الدينية،، كيف أتخلص منها
2011-12-15 08:09:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت بالأمس أستمع إلى القرآن الكريم فخرج مني ريح، فقلت في نفسي: إني فعلت هذا عن قصد واستهزاء بما أسمع هل أكون قد كفرت؟
وأيضا اليوم وأنا بين النائمة والمستيقظة لا أدري هل هذا حلم أم واقع؟ أخذت أتخيل أني أرى لوحات بها -والعياذ بالله- سب وشتم للرسول -صلى الله عليه وسلم-, وأحيانا يأتيني هذا التفكير في أي وقت، وأحيانا سب -والعياذ بالله- لله سبحانه وتعالى، فهل أنا كافرة؟
ومرة قلت لابنتي: اقرئي وسمِّعي لي هذه السورة مرة واحدة ويكفي هل هذا كفر؟
والكثير من الأفكار تراودني، وتقول لي: إن ما ياتيك ليس وساوس، فأنا أحاول أن أقول إنها وساوس وأبعدها عن تفكيري، ولا أدري لماذا تأتيني أفكار وتقول لي لا، هذه ليست وساوس، وإنك تقولين هذا حتى تستسهلي الأمر، وأنك تعودت على هذه الأقوال داخل نفسك فهل أنا كافرة؟
فأنا أعمل أشياء بالخطأ أحيانا، كأن أكتب اسم الله سبحانه وتعالى على الكمبيوتر وأخطا به من السرعة في الكتابة، أو أدعو الله سبحانه وتعالى فتخرج مني كلمة بالخطأ، فهل سأحاسب على هذه الأفكار؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
فإن هذه التجارب المزعجة التي تمرين بها هي وساوس قهرية، ولا شك في ذلك، والوسواس من هذا النوع مؤلم لصاحبه، ومستوى الاستحواذ والإلحاح من جانب الوساوس يكون عاليًا، وحين يحاول الإنسان أن يطردها كما تفضلت قد تفرض نفسها عليه، وتستحوذ من طريق آخر وهي محاولة إقناعه أن هذه ليست وساوس، إنما هي حقائق.
هذا النوع من الوساوس يواجه بالمخاطبة المباشرة، أن نخاطبه (أنت وسواس حقير)، ويُربط ذهنيًا بكل ما هو حقيقي، ومنفر، ومقزز، ومؤلم.
من التمارين التنفيرية البسيطة جدًّا والمفيدة هي: حين تأتيك الفكرة الوسواسية - أو حاولي أن تستجلبيها بقصد العلاج – تأملي في هذه الفكرة، وفجأة قومي بشم رائحة كريهة، اربطي ما بين الاثنين (الرائحة الكريهة والوسواس) كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية.
بعد ذلك انتقلي لتمرين آخر وهو: ربط الفكرة الوسواسية بإيقاع الألم على نفسك، وذلك من خلال ضرب يدك على جسم صلب كالطاولة مثلاً بقوة وشدة، استشعار الألم وشدته هو المحدد الرئيسي لنجاح هذا التمرين، كما أن التركيز والجدية في التطبيق من المطالب الرئيسية لإنجاح التمارين المنفرة هذه,"، يُربط ما بين الألم الشديد والفكرة الوسواسية في نفس الوقت، ويكرر التمرين أيضًا خمس إلى عشر مرات، وهكذا.
لا تشرعي أبدًا في مناقشة هذا النوع من الأفكار الوسواسية، إن حاولت أن تناقشيها فسوف تتولد أفكار وسواسية جديدة، ويكون الاسترسال الوسواسي مستمرًا ومؤلمًا جدًّا، الفكرة تتولد من أفكار أخرى، وهكذا، لا تخضعي الوساوس للمنطق، بل حقِّريها، وأغلقي عليها.
ثانيًا: الجئي لتمارين صرف الانتباه، فحين تراودك الفكرة الوسواسية فكّري في فكر مخالف تمامًا، أو قومي بفعل ما مضاد، غيّري مكانك، اصرفي انتباهك إلى شيء ما، واعتبري هذا الشيء أهم وأفضل من هذا الوسواس الحقير.
هذه وسيلة علاجية ضرورية، وسوف أحدثك أيضًا عن الأدوية العلاجية، وهي ممتازة، وأصبحت الآن تمثل خط العلاج الأول، وتناول الأدوية يسهل على الإنسان كثيرًا ذوبان القلق والتوتر المصاحب للوساوس، وهذا يجعل الإنسان يلجأ إلى التمارين السلوكية التي تقوم على صرف الانتباه، وتحقير الوساوس,
وتجاهلها، وهذه بالطبع تدعم العلاج بصورة فاعلة جدًّا.
من أفضل الأدوية التي ستفيدك العقار الذي يعرف تجاريًا باسم بروزاك، واسمه العلمي هو فلوكستين، والجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، تناوليها يوميًا لمدة أسبوعين بعد الأكل، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين يوميًا، يمكن تناولها كجرعة واحدة – أي أربعين مليجرامًا – استمري عليها لمدة شهر، ثم ارفعي الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم، تناولي كبسولة واحدة في الصباح واثنتين ليلاً، استمري على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الدواء غير إدماني، وسليم، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، والجرعة كما تلاحظين قد قُسّمت إلى جرعة تمهيدية – جرعة البداية – ثم تم بناؤها إلى أن وصلت إلى الجرعة العلاجية، ثم تم خفضها لتصل إلى الجرعة الوقائية, ثم جرعة التوقف عن تناول الدواء.
هذا هو المنهج العلمي الصحيح، ولا شك أن هذا الدواء مفيد تمامًا -بإذن الله تعالى-، وتوجد أدوية أخرى، لكن هذا الدواء متفوق في فعاليته.
بالنسبة لموضوع الكفر: كثير من الإخوة الذين يعانون من الوساوس تجدهم يتألمون بل يتمزقون داخليًا؛ لأنهم يعتقدون أن الوساوس قد أخرجتهم عن الإيمان، لكن هذا ليس صحيحًا أبدًا، -إن شاء الله تعالى- هذا من صريح وصميم الإيمان، وقد أفاد العلماء الأفاضل بأن صاحب الوساوس هو من أصحاب الأعذار.
لا تفكري أبدًا في الكفر، أنت -إن شاء الله- على المحجة البيضاء، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.