ابنتي تقوم بأعمال غريبة ومزعجة... هل هذا من التوحد؟

2011-12-08 07:41:23 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي البالغة من العمر أربع سنوات دائمة الحركة, وتركيزها قليل عندما أدرِّسها, ولكنها تركز على الأشياء التي تعجبها, وتتصرف تصرفات بدون خوف, وعندما تتأذى تكابر على الألم, أكلمها في ذلك فتقول: مريم صديقتي كثيرة الحركة ولا تفكر بالخطورة.

هي لا تحب البنات, ولا ألعابهن, ولا لباسهن, ولا تلعب معهن, وتفضل صحبة الأولاد, وتطلب مني أن أنجب لها أخا, وفي نفس الوقت لديها لعبة صغيرة تلاعبها, وتغير لها ملابسها وتطعمها, وتعتبر نفسها أما لها, ولا تسمع كلامي, وتعاندني, وتقول لي: نعم سأصمت وبعدها تفعل الذي يحلو لها, فأنهار عصبية منها بحيث لا أستطيع أن أفكر بطفل ثانٍ بسببها, وكل عمل تعمله تزعجني به.

تبتعد عني منذ أن كانت صغيرة, ولا تقول أين أمي مثل باقي الأطفال, قبل شهرين تاهت مني وذهبت - من دون إذني - لمحل ألعاب, وخرجت منه, وذهبت للثاني, وأنا أبحث عنها, وجاءت الشرطة بها - وأنا منهارة- وهي غير مهتمة, قلت لها: لا تذهبي إلى أي مكان إلا بعد أن تستأذنيني, قالت: أردت أن أذهب إلى محل الألعاب, عندها بكيت فقالت لي: ابكي أكثر يا ماما! قلت لها سأموت, قالت لي: موتي يا ماما, أريد أن أراك تبكين, أو ميتة!

وكل يوم تحصل مصيبة لها, تعبت معها, وآخر شيء جعلني أفكر أنها غير طبيعية؛ أن لي عصفورا في البيت يطير ويلعب, أغلقت باب غرفتها حتى لا يخرج وداسته بقدمها, وحملته وصرخت خوفا مني: ماما العصفور لا أعرف ما حصل له, أول شي قالت: دسته, قلت لها: بلا قصد؟ قالت: نعم بلا قصد, بعدها استدرجتها في الحديث فصارحتني, وقالت: هي التي وطئته برجلها؛ لترى ماذا سيحصل, ولماذا هو بلا أم وأب وإخوة, قلت لها: ما علاقة هذا بقتله؟ قالت: أريد أن يكون له أم وأب وعائلة.

وهكذا حياتها, أقول لها شيئا, وتقول شيئا آخر, أعلم أنها تفهم, وأنها واعية, وتذهب للمدرسة العربية, علما أن لغتهم تختلف عنا قليلا, إضافة إلى أن الناس تتكلم لغة البلد الذي أنا فيه, وهي تفهم عليهم لأنها كانت تدرس في روضة سابقة لم تكن عربية, ولكونها في روضة عربية ودراستهم وكتابتهم كثيرة فقد أصبحت عاجزة عن القيام بحاجاتها الخاصة, فتقول للمدرِّسة: ألبسيني الحذاء, وانزعي عني الجاكت, والمدرِّسة تغضب منها, وتقول لها: اعملي كبقية الأطفال, وأساعدك إن احتجت شيئا صعبا, لكنها تعاند المدرِّسة كثيرا.

تعلمهم المدرِّسة أن الدب بني اللون, فتقول لها: لا يوجد عندي اللون البني, فتقول المدرسة لونيه بالأسود أو بالأصفر, فتلونه بالبني! وما إن تلتفت المدرِّسة إليها حتى تراها تلونه بالأحمر لأنها أرادته أحمر, وهكذا.

لا أستطيع السيطرة عليها, وبدأت أتخيل أنها مريضة نفسيا, أو بها توحد, علما أني لا أعرف التوحد ما هو, قد يكون بها خلل في الدماغ.

رجاء انصحوني, وساندوني, أين أذهب؟ وأنا مغتربة ووحيدة.

وشكرا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ om raya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبادئ ذي بدأ: أود أن أنفي لك تمامًا أن ابنتك تعاني من علة التوحد، لا تحمل أي سمة من سمات هذه العلة، فأرجو أن تطمئني تمامًا، فالطفل الذي يعاني من التوحد ليس بطفل اجتماعي مطلقًا، تجده منعزلاً، تجده يعامل الناس كالجمادات، ولا يتفاعل مطلقًا، وليس له أي مخزون لغوي في أغلب الحالات، كما أن سبعين إلى ثمانين بالمائة من أطفال التوحد يعانون من تخلف عقلي، وابنتك أبدًا لا تعاني من توحد، ولا أعتقد حقيقة أنها تعاني من مرض نفسي، فكثرة الحركة هو أمر طبيعي عند كثير من الأطفال، وننتظر حتى عمر خمس سنوات إذا كانت هذه الحركة في ازدياد, أو أصبحت مملة يشتكي منها المدرِّس في الفصل, ولا تجلس في البيت, ولا تستطيع أن تتابع أي برنامج تلفزيوني محبب للأطفال لمدة عشر دقائق مثلاً، في هذه الحالة يعتبر الطفل بالفعل يعاني من داء فرط الحركة، وربما ضعف التركيز.

ما تقوم به ابنتك هي أمور طبيعية في هذه المرحلة الارتقائية بالنسبة لها, أنت محتاجة أن تقللي من عنادها، وذلك بأن تتجاهلي تصرفاتها السلبية، أن يكون هنالك نوع من التحفيز والإثابة والتشجيع، ويجب أن تكوني حريصة في تخير الكلمات، حين خاطبت طفلتك – مثلاً وقلت لها: إنك ستموتين، قالت لك: موتي يا ماما، أريد أن أراك تبكين وأنت ميتة – هذه اللغة يجب أن لا نخاطب أطفالنا بها أبدًا، الطفل يحب اللغة الطيبة الجميلة الترغيبية، قبّليها، شجعيها، حفزيها، ابدي لها الحب, الطفل الذي يعاند يريد أن يثبت ذاته.

أما بالنسبة للأمور التي تحدث وهي: أنها لا تفكر في خطورة الأمور, وأنها دخلت مكان ألعاب دون علمك، وأحضرها الشرطي, فهذه طفلة عمرها أربع سنوات, ولا شك أنها تحتاج للرقابة، تحتاج للرعاية، تحتاج للتوجيه، ويجب أن لا نلومها أبدًا, الطفل يختلط لديه الواقع بالخيال، والطفل دائمًا يبحث عن مصدر الألعاب، والطفل لا يعاني من درجة الخوف التي يعاني منها الكبار في كثير من الأحيان, مخاوف الطفل هي مخاوف محصورة جدًّا: الخوف من الحيوانات، الخوف من الظلام، وشيء من هذا القبيل، لكن قلَّ ما يخاف الطفل أنه سوف يُختطف, أو أنه سوف يقع به مكروه من الكبار، فالطفل عامة يثق في الكبار، خاصة في مثل هذا العمر.

فالطفلة من وجهة نظري طبيعية، يجب أن يكون تحملك أكثر، ولا تبحثي فقط عن هذه السلبيات الموجودة في الطفلة، انظري إلى إيجابياتها، ودعيها أيضًا تتفاعل مع الأطفال، وشيء طيب وجميل أنها تذهب إلى مدرسة عربية، هذا شيء مشجع حقيقة، وإلمامها بلغة البلد أيضًا هو أمر مطلوب، لكن يجب أن لا يكون على حساب لغتها ودينها.

ابنتك لا تعاني من التوحد، ابنتك ليس بها خلل بالدماغ، كل الذي ننصحك به هو أن تعرفي أن هذه مرحلة طبيعية في حياة الأطفال، قللي من عنادها من خلال الأمان، ودعيها تختلط ببقية الأطفال، وأنا لا أعتقد أنه يوجد أي مانع من للحمل بالنسبة لك، أنت مقتدرة وأنت أم، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة.

هناك نقطة بسيطة أود أن أشير إليها، وهو أن بعض الأمهات في بعض الأحيان ربما يكون لديهنَّ مزاج اكتئابي أو قلقي، وهذا يقلل من تحملهنَّ لأطفالهنَّ. أرجو أن لا تكوني تعانين من أي علة، لكن راقبي نفسك هل المشكلة فعلاً في الطفلة, أم تحملك وصبرك قد قلَّ؟ فهذه ناحية مهمة، وإن وجد شيء من ذلك أقول لك: لابد أن تعالجي نفسك من خلال التفكير الإيجابي والصبر، وإدارة الوقت بصورة صحيحة، وممارسة الرياضة، والتعبير عن الذات, فهذه كلها آليات تساعد الإنسان كثيرًا، ولا شك أن الإنسان في تلك البلاد التي تعيشين فيها حين يتمسك بدينه يشعر بالطمأنينة التامة, فالدين يُشعر الإنسان بالطمأنينة خاصة حين يكون في بلد ليس إسلاميًا.

أنا على ثقة تامة أنك مدركة لهذه الأمور، ولكن أحببت أن أذكرك بها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

www.islamweb.net