المخدرات سببت لي الوساوس والاكتئاب والأمراض الكثيرة، فما العلاج؟
2011-11-22 11:35:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أشكر جميع القائمين على هذا الموقع، وجزاهم الله خير الجزاء.
أنا شاب عمري 28 ، بدأت عندي حالة الهلع والتشنجات عندما كان عمري 18 أو20 سنة، حيث شعرت بتشنجات وخوف من الموت، ولا أستطيع الخروج مع أصدقائي في سيارتهم، أو الابتعاد عن المنزل.
أصبت بضيق التنفس، والتشنجات، وذهبت إلى طبيب نفسي، والحمد الله وصف لي حبوبا تقريبا اسمها سي روكسات، كنت أستخدم نصف حبة، وزدت الجرعة إلى حبة، والحمد الله تحسنت كثيرا بفضل الله، ولكن خلال الخمس السنوات الأخيرة خصوصا في شهر شعبان ينتابني اكتئاب شديد، لكن أسيطر فيها على نفسي والحمد لله.
علما أني فقدت أعز أصدقائي فقد توفي في نفس شهر شعبان، و3 أصدقاء أيضا في كل سنة تقريبا، ورجع الخوف والتشنجات خصوصا في شهر شعبان أو الإجازة الصيفية، ولم أذهب للطبيب.
علما أني أتعاطى الحشيش، وحبوب الكبتاجون، وتركت مادة الحشيش، وصرت ما أترك لله فرضا، أصلي كل صلاه في وقتها، ولم أعد أسمع الأغاني، ولا أرتكب المعاصي الكبيرة، وأتجنب أي شيء كبير لمدة شهر، وتحسنت ورجعت للكبتاجون بجرعات بسيطة، واستمررت على الصلاة، صرت لا أخاف الموت، وقبل سنة تقريبا صار عندي شكوك (وسواس البعث)، والديانات، وحاولت أن لا ألتفت لهذه الأمور، ومع الوقت صرت أرتكب المعاصي وأتبع الشهوات، وكلما رجعت أوسوس أو أشعر أني مكتئب أتبع شهواتي، وصرت أصلي في البيت، وطبعا رجعت للحشيش، وصرت أخاف أن أبعد عن البيت، ولا أقدر أن أسافر، وفقدت عملي وسيارتي، ومررت بظروف صعبة جدا، وكنت أسيطر على الاضطرابات والوسواس، وأستخدم الحبوب والحشيش بكثرة.
في شعبان الموافق 1432هـ من السنة هذه توفي والد صديقي وصديقي وكريمته أثر اختناق في حريق، من يوم الحادث تضاعف الاكتئاب، وصرت أفكر بالموت، والحمد الله رجعت للصلاة، ولم أشغل بالي بالموت، وخففت المخدرات بنسبة كبيرة، ولكن في نفس الوقت صرت أخاف أن أتناول الأكل أمام الناس، ولا أستطيع أن أبلع ريقي أو أشرب الماء، أشعر بأن عضلات البلع تتصلب والأكل لا ينزل ولا يطلع، وأصبت بالدوخة، وأتضايق عندما أشعر بالجوع، وإذا دعاني أحد الأشخاص لوليمة آكل الطعام غصبا، أوقات أسيطر على نفسي، ولكن أكثر الأوقات لا أكمل ربع وجبة.
صار تفكيري كله في هذا البلاء، وأصبحت أخاف أن أخرج، وإذا خرجت من البيت مع الأصدقاء أصاب بجفاف في الفم، وتشنجات، وآلام في جميع المفاصل واختناق، ولا أستطيع أن أبلع ريقي، أو أشرب ماءً، وتشنجات في الرقبة والفك واختناق في التنفس ولم أخبر أحدا بهذه الأعراض.
قاطعت أصدقائي وأقاربي، ولم أذهب للمناسبات، أفيدوني الله يجزيكم الخير يا دكتور، ولا أريد الذهاب لدكتور، وأخاف أن يكون مرضا خطيرا أو صعب الشفاء، أو يوصف لي دواء خطير يكون له تأثير على المخ خصوصا أني أتعاطى المخدرات.
وآسف على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنت تعاني من قلق المخاوف مصحوب ببعض الوساوس، وكذلك لديك درجة بسيطة إلى متوسطة من الظنان أو الشكوك، وأنا أعتقد أن تعاطي المؤثرات العقلية - أي المواد المخدرة - هو السبب الرئيسي في مشكلتك، تعرف أن الحشيش والكبتاجون هي من مثيرات الدماغ الخطيرة جدًّا، تعاطي هذه المواد يؤثر على كل دنميات المخ، هذه اثنا عشر مليون خلية التي حبانا الله إياها يحدث فيها ارتباك، (لخبطة) فظيعة، اضطراب في إفراز ما يعرف بالموصلات الكيميائية خاصة مادة الدوبامين، وهذا ينتج عنه القلق والتوترات والوساوس والاكتئاب والشكوك والظنان، وفوق ذلك هذه المواد تؤدي إلى اضمحلال الشخصية، وافتقاد وافتقار المقدرات الاجتماعية، وعدم الفعالية، ومن ثم يتدحرج الإنسان ليصل إلى الدرك الأسفل فيما يخص الوضع الاجتماعي والمقدرات المهنية.
فيا أخي الكريم: أنت أمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تصحح مسارك. الإنسان إذا عرف السبب لا نقول بطل العجب، ولكن نقول إنه يجب أن يزيل هذا السبب، وفي حالتك الأمر واضح جدًّا.
الأحداث الحياتية التي حدثت من وفيات - نسأل الله تعالى الرحمة لموتاكم وموتانا - لا شك أنها مؤثرة، لكن هذه هي طبيعة الحياة الدنيا. أنت إذا كنت في صحة نفسية وعقلية متوازنة لواجهت هذه الأحداث بطريقة أفضل.
فيا أخي: حرر نفسك من عبودية الإدمان والتعاطي، والأمر ليس صعبًا أبدًا، الأمر في غاية البساطة، إذا كنت ترى أنك لن تستطيع أن تتوقف من نفسك قدّم نفسك إلى مرافق العلاج، فإنه توجد مستشفيات بالمملكة العربية السعودية، خاصة مستشفى الأمل، وهي مستشفيات ممتازة جدًّا في علاج الإدمان.
هنالك أيضًا مجموعات وفئات من المتعافين لديهم جمعيات تساعد المقلعين وتساعد على التعافي، فيجب أن تخطو هذه الخطوة، وهذه هي نصيحتي الأساسية لك، أما بقية الأمور فهي سهلة، فيمكن أن تتناول دواء جيدا مثل عقار سوليان، هذا تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا مساءً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عنه.
أضف إليه عقار آخر يعرف تجاريًا باسم (زولفت) ويعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) هذا أيضًا تناوله بجرعة نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بالطبع لا أنصحك أبدًا بتناول أي أدوية إذا كنت سوف تستمر في تعاطي الكبتاجون والحشيش، لأن التفاعلات الكيميائية التي تحدث في داخل الدماغ لا تُحمد عقباها أبدًا. المخدرات تؤثر على كيمياء الدماغ، والأدوية التي وصفناها تسعى لإصلاح كيمياء الدماغ، ولا شك إذا لم يُزال السبب ولم يُقتلع فسوف تكون هنالك تفاعلات سلبية، أناشدك أن تبدأ حياة جديدة، أن تبحث عن عمل، هذا مهم جدًّا.
عليك بالرفقة الصالحة الطيبة، أنت رجل فيك الكثير من الخير، فبالرغم من التعاطي فإنك حريص على أداء الصلاة، لكن أقول لك أن الصلاة التي لا ترتفع إلى مقام أن تُنهي الإنسان عن الفحشاء والمنكر يجب أن يراجع الإنسان نفسه تمامًا، ويضع نفسه على المسار الصحيح.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.