أصابني اكتئاب وقلق بسبب دراسة مادة معينة

2011-10-17 08:11:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى دكتوري الفاضل: أبعث إليكم سؤالي, وأرجو منكم مساعدتي.

قصتي هي أنني قبل ما يقارب السنتين كنت طالباً في الجامعة, وفي فترة من الفترات في الدراسة زادت علي الضغوط بسبب مادة معينة في الجامعة, وكنت أخاف من هذه المادة, وأقلق, وأفكر دائماً في هذه المادة؛ حتى أصابني – فجأة - نوبة قلق وخوف قوية جداً, مع ضيقة شديدة, لم أستطع التحمل, ذهبت مباشرة إلى دكتور نفسي, وقال: عندك قلق, وأعطاني (سيبراليكس), وتناولت العلاج, - والحمد لله - شفيت تماماً بعد تناولي العلاج بثلاثة أسابيع، فقط كانت تأتني نوبات اكتئاب وقلق, ولكنها بسيطة ومتقطعة, تقريباً في الشهر تأتيني ليومين, استمريت على العلاج (8) شهور تقريباً, وبدأت بتركه تدريجياً وببطء, ولكن بعد تركه بفترة رجع لي نفس الشعور, بالإضافة إلى خوف من تطور المرض؛ حيث أني كنت أخاف أن يتطور مرضي إلى شيء معقد, وأخاف بسببه أن أفقد عملي وأهلي, علماً أني تخرجت من الجامعة - ولله الحمد - أي لا يوجد سبب لذلك, ولكن توقفت (3) شهور, ورجعت للدكتور, وأمرني بالرجوع للعلاج, ورجعت إليه, - والحمد لله - شفيت تماماً بعد تناوله بعدة أيام, واستمررت عليه (6) شهور, آخذ حبة (10 mg) ومن ثم حبة كل (3) أيام لمدة شهرين, ومن ثم حبة في الأسبوع لمدة شهرين, ولكن لاحظت الآن رجوع نفس الحالة: اكتئاب, وضيقة, بسببها يأتي قلق وخوف من تطور المرض إلى مرض معقد.

سؤالي: ما هي حالتي؟ وهل رجوع الأعراض بعد ترك العلاج بسبب إدمان العلاج؟

أرجو مساعدتكم يا دكتور.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فكما ذكرت وتفضلت, فإن تشخيص حالتك واضح جدًّا, وهي حالة من حالات القلق النفسي, كما ذكر لك الطبيب، وارتباطها بالكورس الذي تكرهه هو أحد المثيرات, أو المحفزات للقلق, أو لهذا الذي أتاك، واستجابتك للعلاج الدوائي كانت ممتازة، وهذا من فضل الله تعالى.

أما بالنسبة لرجوع الحالة: فهذا سببه أنه من الواضح أن لديك بعض الاستعداد للقلق والتوتر، وأعتقد أيضًا أنك تراقب نفسك رقابة صارمة فيما يخص أعراض القلق، فأنت سريع التأثر، سريع الحساسية، ولديك القابلية للوسواس، فمخاوفك حول المرض هي ذات منشأ وسواسي، وهذا لا يعني وجود تشخيص آخر، بل هو جزء من حالة القلق التي تعاني منها.

من طبيعة هذه الحالات - خاصة في بدايات الشباب - أن تستمر مع الإنسان فترة من الزمن, قد تطول وقد تقصر، هذا يعتمد على درجة قابلية الإنسان للتكيف والموائمة مع ظروفه، والإنسان يمكن أن يطور نفسه, ويعتبر هذا القلق قلقًا إيجابيًا، ويتجاهل منه جزءاً كبيراً جدًّا، وهنالك أمور بسيطة في الحياة تساعد في تغيير نمط الحياة, وتعالج القلق أصلاً، منها: ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، الفعالية من خلال الوظيفة، زيارة الأرحام، صلاة الجماعة، هذه كلها ممارسات إيجابية, تقلل من القلق كثيرًا, فكن حريصًا على ذلك.

السبرالكس كعلاج هو من أفضل الأدوية التي تعالج مثل هذه الحالات، لكن يعاب على السبرالكس أيضًا أنه حين يتوقف عنه الإنسان - مهما كان متدرجًا - قد تظهر آثار انسحابية بسيطة، وهذه الآثار الانسحابية تشبه أعراض القلق، وهي تسبب قلقاً للإنسان, ومن ثم قد يكون ذلك بادرة لأن تظهر أعراض الانتكاسة، فبالرغم من جودة السبرالكس كما ذكرت لك، أنا أعتقد أن الأدوية التي تظل في الدم لفترة طويلة من خلال إفرازاتها الثانوية سوف تكون أفضل بالنسبة لك، ومن هذه الأدوية عقار بروزاك, والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين)، أعتقد أنه بعد التشاور مع طبيبك – وأنا أحبذ ذلك دائمًا – أنه يمكن أن تتناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي (20) مليجرامًا، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، وخلال هذه المدة أعتقد أن الأمور سوف تكون جيدة وممتازة جدًّا، ومعدل صحتك النفسية - إن شاء الله تعالى - سوف يكون عاليًا وراقيًا.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر أعتقد أنك محتاج لجرعة وقائية لفترة طويلة، هذه الفترة يجب أن تمتد إلى عام على الأقل، هذا سوف يعضد ويقوي ويثبت - إن شاء الله - آليات الشفاء والتعافي.

بعد انقضاء الثلاثة أشهر على البروزاك (كبسولة في اليوم) هنالك بروزاك يعرف باسم (بروزاك 90) هذا يمكن تناوله بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع، أي أربع كبسولات في الشهر فقط، هذا مركب وقائي جدًّا, ومفيد جدًّا، وأعتقد أنه سوف يناسبك، وهو في ذات الوقت سليم جدًّا.

أما إذا لم تجد هذا النوع من البروزاك فأعتقد أنك يمكنك أن تستعمل البروزاك العادي, بعد انقضاء الثلاثة أشهر, استعمله بجرعة كبسولة يومًا بعد يوم لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عنه.

وحاول دائمًا أن تواصل التعليمات السلوكية التي ذكرناها لك، والتي في حقيقة الأمر تقوي النفس, وتصرف انتباه الإنسان عن أعراض القلق والتوترات التي يعاني منها، والإنسان أيضًا مطالب بأن يكون إيجابيًا في تفكيره، المسلم مطالب بذلك، والإيجابية في التفكير مهما كانت العقبات والصعوبات تطور الإنسان من الناحية المهارتية, من حيث المزاج, ومن حيث الفعالية.

حين نقول الإنسان يفكر تفكيرًا إيجابيًا، هذا لا يعني أن نخدع أنفسنا، هذا يعني أن نشعر بقيمة ذواتنا الحقيقية, وأن نقيم أنفسنا دون أي نوع من الإجحاف في حقها، كثير من الذين يشتكون عن إخفاقاتهم في الحياة يحدث لهم قلق, يحدث لهم شعور مريع بالاكتئاب والقلق والفشل، وتجد أنهم قد تجاهلوا إيجابياتهم تمامًا، وحين يذكَّروا بهذه الإيجابيات ويسعوا لتطويرها تجد أن الأمور تتبدل بصورة ممتازة جدًّا.

أنا أؤكد لك أن الدواء لا يسبب أي إدمان، ولكن كما ذكرت لك من خصائص السبرالكس أنه قد يؤدي إلى آثار انسحابية بسيطة، وأعتقد أن الأعراض رجعت لك؛ لأنك أيضًا لديك الاستعداد للقلق، والقلق ليس كله شر، فالقلق طاقة نفسية إيجابية مطلوبة من أجل أن تحسن دافعيتنا, وأن ننهض بها, ونحررها من كابوس الإخفاق والفشل.

أرجو أن تتبع هذه الإرشادات التي ذكرناها لك, وتتناول الدواء بالتزام - وإن شاء الله تعالى - هذه الرزمة العلاجية: من علاج سلوكي ودوائي سوف تفيدك كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

www.islamweb.net