الاكتئاب والشعور بالخمول والفتور وعلاقته بأحلام اليقظة
2011-09-26 09:11:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على موقعكم الكريم.
سؤالي إن أمكن لسعادة الدكتور محمد عبد العليم حفظه الله مع الشكر والامتنان:
سعادة الدكتور الفاضل الكريم محمد عبد العليم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على كتاباتكم وردودكم الجميلة.
أنا أب لأربعة أبناء أكبرهم عمره 7 سنوات، أدرس الدراسات العليا في اليابان، وأواجه مشكلتين:
المشكلة الأولى: بعض العصبية بسبب إزعاج الأبناء، والتي تجعلني أصرخ عليهم طوال اليوم.
المشكلة الثانية: المكوث في البيت، وعدم الذهاب للجامعة للدراسة اليومية، وعدم الاستعداد الكافي لكتابة الرسالة, فقط أجمع المراجع دون قراءتها، وأعلق ذلك على شماعة زوجتي، وأقول إنها هي السبب، فكلما أخرج خارج البيت وأعود أجد زوجتي عصبية، مع العلم أنه نادرا ما أخرج سواء للنزهة أو للدراسة، وهي معذورة لأنها تدير شؤون المنزل وأربعة أبناء.
عندما صارحت زوجتي أني أضطر للبقاء في المنزل، ولا أذهب للجامعة بسبب عصبيتها عند عودتي من خارج المنزل، ومشاركتي لها في تربية الأبناء ترد وتقول بأني كسول، وأحب النوم، ولا أريد الخروج من المنزل للدراسة.
سعادة الدكتور: لقد تعلمت من كتاباتكم الكثير، وأن الدعاء إلى الله وتنظيم الوقت، وإعطاء وقت للدراسة، ووقت للراحة والأقارب والأصدقاء والرياضة البدنية، والعمل الخيري، والصحبة الصالحة، هو الحل المثالي، وأن الأدوية عامل مساعد.
وبدأت أستوعب أن المشكلة مني أكثر، وهي كسل، وعدم وجود الهمة بسبب أحلام اليقظة.
ومن قراءاتي لكتاباتكم والأدوية التي تنصحون بها، رأيت أنه قد يكون من المناسب أن آخذ جرعة بسيطة من البروزاك 20 غرام حبة صباحا بعد الأكل لمدة أربعة أشهر، ثم حبة بين يوم ويوم لمدة شهرين، بالإضافة إلى فلوناكسول 0.5 غرام حبة صباحا وحبة مساء لمدة شهرين.
لدي مشكلة ثالثة: وهي أنه حينما أتحدث مع الناس أكثر من ساعة أرجع إلى البيت وأعصابي متلفة ومتعقدة، وأن هناك تشنجات نفسية داخلية تأتيني، ولا تذهب مني إلا بعد مرور ثلاث ساعات ونصف ، مع العلم أني قوي الشخصية، ولست خجولا، وأفكاري متزنة وعقلاني.
رابعا وأخيرا دكتوري الكريم الفاضل: لدي حلم (حلم يقظة) وهو أني أمتلك دراجة نارية كلاسيكية من نوع هارلي ديفدسون موديل سنة 1959 ميلادي، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، ثم إن اكمال الدراسة ورعاية الأبناء أولى، إلا أن هذا الحلم يأخذ حيزا كبيرا من عقلي وقلبي وفكري، مما يؤثر على وقتي ودراستي، ونيلي للدرجة العلمية.
بارك الله بوقتكم الكريم، وأرجو أن تساعدوني في الوصفة العلاجية التي ترونها مناسبة، علما أني كل خمس سنوات آخذ حبوب موتفال وكنت أرتاح لها، ولكن هذه المرة يبدو أن الأمر مختلف، وشكرا لكم على الرد مقدما.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فحقيقة أود أن أشكرك كثيرًا وأقول لك جزاك الله خيرًا، ومن قال لأخيه جزاك الله خيرًا فقد أجزل له في الثناء.
من الواضح أنك تتابع ما يقدمه إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بما نقدمه من خلال هذه الشبكة، وأن يجزل الله تعالى القائمين والمنفقين عليها خير الجزاء.
أنت أوضحت رسالتك بصورة واضحة جدًّا حقيقة، وأنا لديَّ قناعات أنه ربما تكون تعاني من درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي.
الاكتئاب النفسي يقلل كثيرًا من طاقات الإنسان، ويقلل من دافعيته، ويجعله يحس بالإحباط، ويعيش في دائرة بسيطة مغلقة حول ذاته، وربما يدخل في نوع من أحلام اليقظة مثل التي دخلت فيها حول هذه الدراجة النارية العتيقة؛ وهذه لا أعتقد أنها مشكلة بالطبع، لكن بالطبع أعتقد أنه نوع من لا أقول النكران أو التبرير لحالة عدم الدافعية التي تعيش فيها، لكنها قطعًا ليست فكرة مهمة حقيقة، هي فكرة فرضت نفسها عليك، أعتقد كنوع من التنفيس النفسي الداخلي، لأنك أصبحت لا تنشغل بما هو أهم، فأصبح يأتيك الفكر الذي يشغلك بما هو أقل أهمية.
عمومًا الحديث في مثل هذه الأمور يطول، وأقول لك مرة أخرى إنني سعدت جدًّا برسالتك.
من ناحية العلاج: أنا أؤيد أن البروزاك هو العلاج الأمثل بالنسبة لحالتك، ولا يوجد أي داعٍ لأن تتناول الموتيفال أو حتى الفلوناكسول. البروزاك والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) سوف يكون دواءً مثاليًا جدًّا، لأنه محسن للمزاج محسن للدافعية ويزيل القلق.
ابدأ بجرعة كبسولة واحدة في اليوم (عشرين مليجرامًا) تناولها بعد الأكل، وبعد شهرين ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجرامًا – يمكن تناولها كجرعة واحدة، أو تقسمها إلى جرعتين، كبسولة صباحًا وكبسولة مساءً، استمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.
هذا أخي الكريم هو أفضل نموذج علاجي دوائي أراه مناسبًا لحالتك، والبروزاك دواء سليم جدًّا، ليس إدمانيًا، ليس تعوديًا، لا يؤدي إلى زيادة في النوم أو زيادة في الوزن، فقط ربما يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي لدى بعض الرجال، لكنه لا يؤثر على هرمون الذكورة أو القدرة على الإنجاب. هذا من ناحية الدواء.
من ناحية أخرى: كل الوسائل العلاجية السلوكية التي ذكرتها – وهذا أعجبني جدًّا –أرجو أن تأخذ بها وأرجو أن تطبقها أيها الأخ الكريم، فإن شاء الله تعالى تفيدك كثيرًا، وأنا على ثقة تامة أنك بعد تناول الدواء لمدة شهرين أو ثلاثة سوف تحس أن مزاجك قد تحسن جدًّا، وأن الدافعية والإقدام والإقبال، وأخذ المبادرات قد تحسنت عندك، وهذا يجب أن تستغله استغلالاً جيدًا، وبعد أن تتحسن فعاليتك سوف تحس بالرضى، وهذا المردود الإيجابي يؤدي إلى المزيد من الإنجاز والنجاحات إن شاء الله تعالى.
أخي الكريم: الأبناء نعمة من الله تعالى، هذه الذرية الصالحة الطيبة يجب أن نصبر عليها في الأمور البسيطة كالانفعالات، كالصراخ، كالعناد من الأطفال، انظر إليها دائمًا كنعمة ونعمة عظيمة حرم منها الكثير من الناس، والفاضلة زوجتك أرجو أن تساندها، وأرجو أن تقف بجانبها، وأن تشعرها بما هو جميل في حياتكما، هذا مهم جدًّا.
بقي أن أقول لك: إنك تعيش في اليابان، والشعب الياباني معروف بالدقة والانضباط وحسن الإنجاز، وأعتقد أنك من الضروري جدًّا أن تأخذ من هذا النموذج، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، أنت تعيش في بلد لا يُقبل فيه الإنسان الكسلان، الإنسان الذي لا يبادر، الإنسان الذي لا ينتج، فيا أخي الكريم أرجو أن تأخذ هذا النموذج، وهذا أيضًا يفيدك بإذن الله تعالى، وأرجو أن تجتهد في دراستك وتعود غانماً سالمًا إن شاء الله إلى بلدك، وبارك الله فيك، وأنا سعدت كثيرًا برسالتك، وأسأل الله تعالى أن يحفظك وذريتك وزوجتك، وأن تحقق ما تريد في هذه الحياة الدنيا.